أقلام

رجال صدقوا.. عبدالله الخلف أنموذجاً

جاسم المشرف

ما مر على خاطري المربي القدير والمؤمن الرسالي الكبير الأستاذ عبدالله الخلف إلا واقترنت بذكره الآية الشريفة:( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا.[اﻷحزاب: 23]

فما السر في ذلك؟

كانت أولى لقاءاتي بأبي عقيل قبل زهاء (٣٦) عاماً حينما كانت طالبا في المدرسة المتوسطة بالقارة.
انجذبت إلى حسن سمته وسعة صدره وجميل منطقه انجذاب السيل إلى الوادي، وما هي إلا أيام قلائل حتى وجدته المحور الذي يدور في فلكه كل المتميزين والشعلة الذي تتحلق حوله الفراشات.
لم يكن درس الاجتماعيات كبقية الدروس ولم تكن حصته كبقية الحصص، يقتنص العبارة ليحبك منه قصة مع الله، ويتحين الفرصة ليشد طلابه بشريعة الله، فلا تكاد تخلو حصة من حصصه من توجيه فقهي أو إيضاح مفهوم عقدي، أما الأخلاق فهو بذاته صفحة مشعة من كتاب الله تمشي على الأرض.

برغم قلة الأدب التي يواجهها من بعض السفهاء والتي يضيق بها صدر الحليم إلا أني وخلال سنوات دراستي معه وما بعدها لم أسمع منه خطلا في لفظ أو تهورا في فعل… يتعامل مع جميع طلابه بروح سامية ونفس حانية ومهما أخفى ما يعتمل في نفسه نجد تلك الأصالة الأخلاق جلية في انبساط الوجه ونظرة العين ورقة اللفظ وحنو الموقف.

وحينما نتحدث مع من سبقنا إلى هذه المدرسة عن مآثره وفضائله أفاضوا علينا بما يزيده في عيونا إكبارا وفي قلوبنا مكانة.

وفي تلك المرحلة التي تشكلت فيها حركة الوعي الديني وارتفعت بوتيرة متنامية في العالم الإسلامي كان من الرعيل الأول الذين أسسوا ورعوا التجربة الدينية في مجتمعنا
لم يتململ رغم المحبطين والمثبطين، ولم يستوحش في طريق الحق لقلة سالكيه.

وفي عام (١٤١١هـ) لم أتردد في الانضمام إلى حملته لحجة الإسلام بصحبة صديقي الوفي أبي هادي
وكم وجدنا فيه من التفاني في خدمة المؤمنين ما لم نجده عند غيره.

أتذكر في تلك الرحلة الإيمانية وفي منى ويوم العيد تحديدا، هاجمه بعض الحجاج الذين لم يفقهوا مقاصد الحج بأقذع الألفاظ وأفضعها وأمام الحجيج، ولم يرد عليهم ببنت شفة
فلله ذلك الحلم.

وفي عام(١٤١٣هـ) عمل على رحلة هادفة إلى شاطئ نصف القمر جمع فيها نخبة من أهم الناشطين الاجتماعيين والرساليين كنت أصغرهم حضر تلك الرحلة العلامة الدكتور الشيخ عبدالهادي الفضلي(رحمه الله)، تداولنا فيها أهم تحديات تلك المرحلة وما يناسبها من أنشطة للارتقاء بمجتمعنا، كما ناقشنا أهم التجارب الرسالية الناجحة

كان يتحامل على نفسه مقاوما العناء والمرض حتى أعياه وأطاح بجسده وسما بروحه سموا سكب في قلبه الطمأنينة واليقين والتسليم والرضا، وتلك لعمري بغية العارفين وغاية المريدين.

لقد فقدت بلدة الشعبة والأحساء علامة بارزة لها بصمتها الواضحة في الحراك الديني والاجتماعي

رحمك الله يا أبا عقيل رحمة الأبرار وحشرك مع المصطفى محمد وآله الأطهار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى