أقلام

هل الشباب مدرك أين يوجه امكانياته؟

فاطمة الشيخ محمد الناصر

الثروات التي تنهض بدول عديدة وإن اختلفت مصادرها، أساس تطويعها والتحكم بها يعتمد على العامل البشري بمقدراته الفكرية والعلمية والعملية، اذ يعد البشر الثروة الحقيقية للعالم، لذلك إن تمكين الأفراد للاستفادة يتطلب الكثير من الجهد والسعي الحثيث، والنتائج حتمية كما نجده في وقتنا الحاضرة من ثورة تكنولوجية وحداثية، تكونت اثر وجود الحاجة للبقاء لتتطور إلى رغبة بالاكتشاف والنمو.

يكمن سبب النماء أيا يكن نوعه، طموح بعض الشباب المتوقد والمتولع للاكتشاف والمجازفة، لذلك تتقدم الدول التي تسند وتُنيط ادارتها للشباب في شتى المجالات العلمية والعملية، لكننا وجدنا في الآونة الأخيرة بعض شبابنا لا يحاول أن يخوض عباب البحث والاكتشاف والتجربة إنما يميل إلى اللعب واللهو والتسكع، وليس المشكلة في ذلك إن كان هناك توازن بين الحالتين.

لكن الانجراف الملاحظ في العطل الصيفية لبعض الشباب والعبثي الذي يظهر الاسفاف بالوقت والعقل والسلوك، يجعلنا نتساءل هل بمقدور الشباب أن يوجه إمكانياته الفكرية والجسدية بالاتجاه التنموي لذواتهم ولوطنهم؟ أم أن انتفاء الحاجة تجعلهم غير عابئين للاكتشاف وغيره، أو هم لا يجدون من يقدر امكانياتهم أو يحتوي طاقتهم؟

قد تكون كلا الحالتين محتملة، اذ أن عدم توفر الأنشطة أو الفعاليات التي تجذب بحداثتها وتقنياتها التكنولوجية ميول الشباب المعاصر والتي يمكنه من خلالها أن يفرغ الكثير مما لديه من طاقة فكرية أو جسدية، ونعول تأسيس هذه الفعاليات المطورة والحديثة من مسؤوليات الجهات التي اختصتها الدولة بعناية هذه الفئة النشطة والمنجزة، حيث هذه المهمة تعد من المتطلبات الضرورية ليس لنماء الشباب لدينا فقط إنما أيضا يؤكد على منهجية الدولة المتطورة والتي تمتلك دراسة واضحة حول فئات أفرادها وحاجتهم.

ولأن الشباب عنصر نشيط ومجتهد ومعطاء غالبا توكل إليه مهام حيوية في المجتمع، فيحكي ويليام كامكوامبا شاب أفريقي من ملاوي” اقترب منا بعض موظفي عيادة وبدأوا يتحدثون إلينا. قالوا: إنهم بصدد تأسيس نادٍ خاص بالشباب، لتشجيع الناس على الخضوع للفحوص. ثم أضافوا قائلين: لماذا لا تنضموا إلينا يا فتية كي نطهر مجتمعنا. إننا في حاجة إلى مساعدتكم، لكي ننشر الحقيقة”.

من المتوقع أن نجد الشباب يتحمس للانخراط في أي عمل يحقق أهداف توعوية للمجتمع ويمنحه فرصة أن يواكب ذلك النشاط أو البرنامج أو الفعالية التي قد تضفي إليه قليلا أو كثيرا من ناحية معنوية وإنجازيه، ويتابع ويليام ” أسس نادي شباب ويمبي للخدمات الصحية في ذلك اليوم ليصبح أحد أكثر أنشطتي المفضلة. بدأنا نجتمع يوم اثنين لنتعلم اساليب الوقاية من فيروس نقص المناعة المكتسبة، وكيفية تناول الموضوع مع الآخرين. كان الصف مليئا بالصبية أمثالي، وكان كثير منهم قد ترك المدرسة لأسباب مالية” الملفت أن ويليام شاب عبقري تمكن من صنع طاحونة هوائية بسيطة من الخردة التي حوله لتولد تيارات كهربائية منحت عائلته الأمل، وقد تم ابعاده من مقاعد الدراسة نظرا لعدم قدرة عائلته أن تسدد رسوم الدراسة بسبب المجاعة التي حلت بمنطقتهم وجعلتهم في وضع لا يحسد عليه، لكن الجوع والفقر لم يمنعه من التعلم الذاتي والاستفادة من المكتبة العامة لمنطقته والتي لم تكن تحتوي الا على رفين من الكتب المدرسية الأجنبية التي ترجم بعض منها، فاستمد الأفكار وحاول كثيرا حتى تمكن من الانجاز الفعلي، فيقول: “لقد بذلت أقصى جهدي في ذلك النادي. من جانب أعجب أطباء العيادة بحماسنا، لدرجة أنهم طلبوا إليَّ تأليف مسرحية تحفز الناس على الفحوص. وقد تمكنت من اعداد نص رائع وعنونته بـ لا تحكم على الكتاب قبل قراءته. عُرضت المسرحة في السوق التجاري بعد أسبوعين من الاعداد والتدريب”.

ولقد شاهدها الكثير من المتفرجين ولاقت استحسانهم بهتاف وابتهاج وكان ويليام مقتنعا أن تلك المسرحية وفقت في تغير مواقف الناس حيث بدأ الكثير منهم بتثقيف أنفسهم بشأن المرض والحرص على عمل الفحوص.

لدينا الكثير من الشباب كويليام الذين ما ان تمتد لهم الفرصة حتى يستغلونها استغلال مميز وبالأخص إن منحوا الثقة حتى يتسنى لهم ابراز مهاراتهم الابداعية، وهيئت لهم المرافق الترفيهية والتعليمية المتطورة في آن وليست التقليدية التي مضى على زمنها، وبعض الشباب لا ينتظر الفرص انما يسعى لها سعيا واجتهادا ويحقق الكثر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى