أقلام

التواصل المقلوب

منى البوخمسين

تطور هذا الزمان وابتعد الناس عن التواصل ببعضهم مباشرة وانفصلوا حتى الأسرة في البيت الواحد و أكتفوا برسالة أو تغريده أو بعث صورة لتصبيح أو تهنئة أو تعزية وأصبحنا في زمن قلما ترى شخصاً لا يكون بحوزته جهاز ذكي جوال أو لوح الكتروني (آيباد) و صار جزءا منه بحيث لا يستطيع أن يستغنيعنه لدقائق، فجل الوقت يكون متصلاً بالآخرين و كل تركيزه على ما يحتويه حتى اصبح شيئاً مرضياً تعدى درجة الإدمان و انقلب معنى التواصل إلى التفاصل.

الشبيبة بشكل مضاعف يقعون في براثن هذه الأجهزة الذكية و ما تحويه من برامج التواصل الاجتماعي أو الألعاب سواء الغث منها أو السمين، لدرجة أصبحت لدينا مشكلة لا بد أن نجد لها حل وعلاج، ولكن قبل ذلك لا بد أن نعرف كيف نستطيع أن نجد البدائل ومن هم ذو الاختصاص و القدرة على احتواء هذه المسألة، و من هو المسؤول عن الحالة التي وصلوا إليها؟ و من السبب في انحدار أفكار هذا الجيل ومعتقداتهم و سلوكياتهم وطباعهم؟ عدة تساؤلات لو تطرح وتعالج عملياً لاستطعنا أن نقدم جزءاً من الحل.

الكل عليه مسؤولية فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وقال تعالى”وقفوهم أنهم مسؤولون” لا أحد مستثنى من القيام بدوره و لا بدمن التكاتف لطرح الحلول و وضع الخطط للعودة بالشباب إلى أحضان الأسرة و المجتمع ليقوم بدوره الأساسي الذي بهممهم وعلى سواعدهم تقوم نهضة وبناء الأوطان.

أولاً: الأسرة عليها المعول الأكبر، الوالدان يجب عليهما مراقبة أولادهما والعمل على الاهتمام بالوقت وتقسيمه بحيث لا يحرم الولد من الأجهزة الذكية تماماً ولكن يحدد له جزء من الوقت يأخذ فيه قسطاً من الترفيه وكذلك يوفر له بدائل مناسبة سواء للبنت أو الولد بإشغال وقتهما بما هو مفيد، مثلاً البنت يطلب منها المشاركة بأمور في المنزل أو تسجل في دورات مناسبة لها أو تتشارك مع والدتها في قراءة قصة أو كتاب وتشجع على تنمية هواياتها، الولد يتم توفير عمل له و إعطاءه جزءاً من مسؤوليات الأب اذا كان عمره مناسب، وأن يشارك في المناسبات الاجتماعية ولا يترك في المنزل أمام شاشات هذه الأجهزة الفتاكة.

ثانيا: المدرسة وهي الجهة التعليمية والتربوية المتخصصة في تربية الأجيال منذ نعومة أظافرها، ومن ثم تخريج جيل متسلح بسلاح العلم والمعرفة، فيكون دورها أن تخصص حصة لتوعية الطلاب والطالبات عن مضار هذه الأجهزة وأنها سارقة للوقت ومدمرة في بعض الأحيان وقد تسلب حياة إنسان واطلاعهم على آخر الإحصائيات التي تشير إلى انتحار بعض الأطفال بسبب لعبة و ما تسبب هذه الألعاب من أمراض نفسية وعقلية وشرود الذهن وعدم القدرة على التركيز والانطواء والعزلة وغير ذلك،  و تقديم التوعية و معها البدائل بحيث يكون في المدرسة ورشة لاكتشاف الإبداع و المهارات لدى الطلاب

ثالثاً: علماء الدين.أين دورهم في جذب الشباب ؟؟

المسجد أو المجالس الحسينية التي تعتبر المدرسة الثانية بعد مدرسة الأبوين وفيها تطرح القيم والأخلاقيات والمعارف الإسلامية، فخطباء المنابر عليهم أن يعملوا على التنويع في الخطاب الديني بحيث تطرح مواضيع تتعلق بالشباب و اهتماماتهم و همومهم و ما يتعرضون له من ضغوطات في حياتهم والتفكير في تكوين حياتهم المستقبلية بمواضيع إيجابية تطرح لهم الحلول وتقديم الخريطة التي تنظم أمورهم وترشدهم إلى طريق الصواب، وكذلك تتناسبمع الفروقات الفردية (خاطبوا الناس على قدر عقولهم ) بعيداً عن الفلسفة والتعقيد، فليس كل الحضور لديهم القدرة على فهم محاور ما يطرح، لابد أن يشمل كل فئات المجتمع حتى تتم الاستفادة للجميع والكل مستفيد و يكون فيه تجديد بحيث يتماشى مع التطور العلمي والتكنولوجي وفيه إشارات لما يستجد من الأحداث، يخاطب العقل والروح ويبني الإنسان ويستشف احتياجات الشاب ويعطيه المعلومة المفيدة ويرشده إلى الهداية ويقومه بشكل يحببه في الدين وليس العكس، ليصبح خليفة الله في الأرض و قادرا على عمارتها.

لو طبقنا بعضاً مما ذكرنا لرجعنا بأبنائنا إلى أحضاننا وأحضان المجتمع.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى