أقلام

عبء المسؤولية

فاطمة الشيخ محمد الناصر

تتبعا لحياة الانسان السلوكية منذ عصور مضت نجد أنه وزع المسؤولية بين أفراد الأسرة الواحدة، وإن اختلف موقع المسؤولية بين الأفراد فيما مضى، يبقى الإنسان مدركا للدور المناط عليه سواء في الأسرة أو خارجها، لذلك يحاول الآباء والأمهات ممن يشعرون بأهمية دور الإنسان ومهمته التي تتطلب الكثير من الانجاز أن يخلقوا احساس المسؤولية لدى أبنائهم وبناتهم، لكن البعض منهم يتخلى حقيقة عن غرس هذه الصفة الحميدة فيهم لأنه يفتقر إليها.

ادراك حجم المسؤولية بأنواعها من مسؤولية تربوية أو تعليمية أو ايمانية أو أخلاقية وغيره يجعلنا نبرز قضايا لمسناها وعايشناها، فحين يغيب الوالدين عن دورهما في التربية وهي من مسؤوليتهما ويتكلان على البيئة من المدرسة والجامعة وغيره، هنا ندرك حجم المسألة، فبعض الأمهات يتمنين من يسيطر على بناتهن المراهقات، لأنهن فقدن قدرتهن على السيطرة عليهن والسبب عدم قدرتهن على التواصل العاطفي معهن، فتجدهن يرغبن بمن يقوم بدورهن الحساس، ولا يخفى أسلوب التذمر والاتهامات التي يتبعنه للتملص من المسؤولية، لدرجة وصلت احداهن أن تعود هيئة الأمر بالمعروف لتحمي بناتهن من الانحراف الذي يحصل نتيجة عدم قدرتها أن تتبنى كامل حاجة ابنتها العاطفية والنفسية وانشغالها الكامل عنها، فلا غرابة أن نجد تلك الفتاة تتلقى أبجديات أخلاقية ممن هن أقرب إليها صويحباتها.

الأدهى اتهام مجتمع كامل بانحراف فتياته نتيجة عدم مراقبة الأهل لهن وإن هذا الاتهام المجحف لاحداهن يدل على افتقارها للمسؤولية الايمانية التي توجه الفرد على الستر والترفع عن التفاهة، فلا يوجد مجتمع متكامل لكن يوجد أفراد مسؤولون عن ما يتفوهون به ومدركين أن كل يخرج من بين طيات ألسنتهم مسؤولون عنه.

البعض يتهاون أن يبذر هذه الصفة في أطفاله إما بسبب التدليل المبالغ فيه أو أنهم غير ملتفتين لهذا الجانب أو اهمالا، لذلك قد نجدهم غير مدركين لهذا الدافع، فالطفل يتعلم من والديه بمتابعته لكل تحركاتهم، ويبدأ بالتطبيق في عدة مراحل من عمره، فإن وجد دافع المسؤولية متحققا في سلوك والديه بينهم ونحوه ونحو الآخرين والأشياء من حولهم، فمن البديهي أنه سيتعلم ذلك الدور، ومن المهم جعله يستشعر ذلك عمليا بإيكاله بعض المهام التي تشعره بقدر المسؤولية.

كأن يسلم الطفل بعض المهام أو الأشياء التي تنمي به هذه الصفة، بحيث يستشعر أنه مسؤول، فحين ينمون الأطفال وقد عودوا على الصفات الحميدة ستصبح عادة لا يمكنهم تركها، أما إن لم تبذر تلك الصفة فالمتوقع؟.

لا يمكننا أن نعيب سلوك الكثير من المراهقين والمراهقات من غير التوغل في أساسيات البذر في طفولتهم والنظر إلى سلوك الوالدين، نعم هناك حالات تشذ لكنها الأقل والتي لا يمكن أن نعممها على الأكثرية، فرؤيتنا لمراهق غير مسؤول يجعلنا نتوقف ونتساءل عن أبيه ومدى انشغاله؟ وهل ينتظر من المدرسة وأصحابه أن يغرسوا فيه ما هو مسؤول عنه أمام الله!  يبقى عبء المسؤولية أمرا لا بد منه في حياة أي فرد وداخل أي أسرة أو مجتمع أو مكان عمل، حتى تتحقق الأهداف من خلالها بشتى دوافعها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى