أقلام

اتفق الديكان ثم اختلفا

د. عبدالجليل الخليفة

في حظيرة حديقتنا، عاش ديك و عشر دجاجات بسلام و محبة حتى رزقنا الله جيلاً جديدا العام الماضي، حيث فقس البيض فاصبح الجميع عشرين دجاجة و خمسة ديكة.

كبر الديكة و اشتد الصراع بينهم فاستخدمت المخالب و المناقير للنقد و نتف الريش و سالت الدماء. و كان من الضحايا بعض الدجاج اللواتي اضطررن للاختباء و ترك الطعام خوفا حتى وافى الأجل دجاجتين. عندها اضطررت للتدخل عسى ان تقف هذه الحرب الطاحنة. فدخلت الحظيرة ذات يوم و قد أستعنت بشرشف و غترة و بالكاد اصطدت ثلاثة من الديكة ووضعتهم في قفص و خرجت مسرورا لا تسعني الأرض وكأني قد اصطدت ثلاثة غزلان.

وضعتهم في السيارة و انطلقت لمنزل ابن العم و ما إن فتح الباب حتى قبلت جبينه و قلت له: عندي لك هدية ثمينة. فتحت باب القفص و أطلقت الديكة في حديقتهم و رجعت مسرورا الى البيت و قد أنهيت المهمة بكل نجاح.

بعد يومين و في الصباح الباكر طرق أبن العم باب منزلنا فأسرعت الى الباب و إذا بقفص الديكة و عليه ورقة كتب عليها (بضاعتكم ردت اليكم(

عندها قررت أن أنقل الديكة الى استراحة أملكها في أحد المدن المجاورة. فتحت باب الاستراحة و أطلقت تلكم الديكة من القفص فانطلقوا كالصواريخ. كنت أتفقدهم كل أسبوع بالطعام و الماء. و لكني فقدت أحدهم بعد أسبوع و بقي اثنان. صادف أن جاء العمال في الاستراحة و تركوا الباب مفتوحا و يبدو أن الديكة و جدوا طريقهم الى الشارع فتولتهم الكلاب الهائمة و لم أجد لهم أثرا بعدها.

ترك هذا في قلبي أسىً و لوعة . فرجعت ذات يوم الى المنزل و قررت ان أعلن الخبر للديكين المتبقيين في الحظيرة عسى أن يصلحا حالهما و تقل خصومتهما.

قلت لهما (أحبائي الديكة ما أحلى صياحكما و تهليلكما كل صباحٍ و مساء و ما أقبح تخاصمكما و صراعكما. لقد فقدنا الثلاثة الديكة في الاستراحة و أرجو أن يكون في هذا درس بليغ لكما. إن لكما في النمل و النحل خير قدوة و مثال. فعمل النمل و مثله النحل كفريق واحد هو أهم عناصر الانجاز. (

فهم الديكان و نظر كل منهما الى الآخر باستحياء و في عينيهما حسرة على زملائهما المفقودين. قضينا ذلك اليوم و الليلة في هدوء و سكينة. و قبل طلوع الفجر أختلف الديكان من يصيح أولا و فجأة تحول الخلاف الى شجار بالمخالب و المناقير فسالت الدماء مرة أخرى.

أخبروني أيها الأعزاء:

كم رأيتم من البشر يتصارع كالديكة على مستوى المدراء في الشركات و الأفراد في المجتمعات؟

أوليس التعاون والإنجاز أفضل من العداوة و البغضاء؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى