أقلام

الكفاءة لا العباءة (الجزء الثاني)

جاسم المشرّف – الدمام

هناك مَن يعتمر العباءة فيذهب إلى هذا المسؤول أو ذاك كممثل لمجتمعه، ومتحدث عنه دون تخويل من أحد، وليته حمل مطالب مجتمعه وهمومه وما يتمناه المجتمع من هذا المسؤول، وما يتمناه ذاك المسؤول من المجتمع.

يمثل المجتمع من هو حاضر ناظر في كل ما يهم مجتمعه.

جميلة هي المبادرة، ولكن المصداقية أجمل.

وإذا ما دخل مجلسا لا يرتضي لنفسه سوى صدر المجلس، وإذا ما تفحصت سيرته فلا تجد له أي حضور سوى جعل نفسه واجهة في المحافل والمناسبات!.

اجلس حيث انتهى بك المجلس، فعباءتك لا تميزك، ما يميزك عطاؤك لمجتمعك بجهدك واجتهادك وجاهك ومالك، وبما هو أثمن من ذلك وقتك وعمرك الذي تستهلكه في خدمة أمتك ووطنك.

ومن جانب آخر حينما ترى شابا صحيحا معافى يستجدي الناس لقلة ذات يده كم تتمنى عليه أن يعمل ويشتغل ويأكل من كدِّ يمينه ويتعفف،
هناك فقراء المعرفة والثقافة، لا هو بالذي يستجدي المعرفة من غيره كأضعف الإيمان؛ ليستفيد ولا هو بالمشتغل بالعلم، ومع هذا يتمنى على مجتمعه أن يتعامل معه على أساس أنه طالب علم؛ لكونه محسوبا على هذا الصنف!.
ربما كنت طالب علم في مرحلة ما، أما الآن كيف تتسمى بما لا شأن لك به، وقد أصبحت في غربة عن الكتاب والدرس والمعرفة؟!.
هل نتعامل معك على أساس عباءتك ربما قيمتها ألف ريال أو أقل أو أكثر، أنت أكبر من ذلك إذا ما قدَّرت نفسك حق قدرها وأعززتها بالعلم، واحترمت الدور الذي تسمت به.

أضحى العديد ممن هو بحاجة إلى إعادة تأهيل نفسي ومعرفي يتصدى للحالة الدينية والثقافية في مجتمعنا، والأنكى من ذلك هناك من ينساق لترهاتهم وجعجعتهم، ولا أدري هل نعيش رِدة ثقافية وأزمة وعي حتى يضحي لهؤلاء النشاز من التأثير ما لا نراه لغيرهم؟.

وفي (عالم السوشل ميديا) حكاية أخرى، عالَمٌ لديه وجهاؤه وشيوخه ومراجعه، والذي ما زال بعضهم في عزلة عنه وجهل به وما زال يظن نفسه وصياً على الناس بحفنة معلومات أصابنا الغثيان من كثرة اجتراره لها ونتانة ريحها وبشاعة منظرها.

لن ننهض بمجتمعنا ووطننا ما لم نستنفر طاقاتنا المتنوعة ونقرأ واقعنا بحيادية وصراحة وصرامة وأمانة؛ لنعمل على تشخيص هذا الواقع وتحديد مشاكله التي “ليس لها من دون الله كاشفة” ما لم نتوجه بإخلاص لدراسة أسبابها واقتراح الحلول والعمل عليها، كل جهة ودورها.

أعرف أن بعض الكلمات ربما تكون جارحة كالمبرد، ولكن لا بُدَّ من الجرح لاستئصال الورم

سلام على أهل الكفاءات من طلاب الحقيقة العزيزة الذين ما أرادوا إلا الإصلاح ما استطاعوا إليه سبيلاً.

🖋 جاسم المشرَّف
***

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى