بشائر المجتمع

قنبلة موقوتة في مركز الأسر المنتجة

رباب حسين النمر: الدمام

تروي اختصاصية التغذية بدرية الموسى في مقر جمعية الأسر المنتجة بالهفوف قصة حيث
بدأت شهرزاد تروي حكاية جديدة ، فسكت الجميع عن الكلام المباح ..
حكاية صادقة ، وواقعية ، دون تزوير ، ودون رتوش .
تحكي تفاصيلها ونحن في ذهول منها .
بدأت الأستاذة بدرية الموسى – اختصاصية تغذية – تروي قصة ( الزيوت المهدرجة ، والمتحوّلة : قنبلة موقوتة ) ! بهذا العنوان المتفجر استحوذت المُحاضرة على انتباه الحاضرات وشدّت تركيزهن ناحية شاشة العرض التي بدأت في استعراض الشرائح واحدة تلو الأخرى .

في بداية الحكاية عرّفت الأستاذة بدرية بمختلف أنواع الدهون حيث قسمتها إلى دهون مُشبعة ، و دهون غير مُشبعة . و أوضحت أن الدهون المُشبعة هي ؛ الزبدة ، أو تلك المستخلصة من الحيوانات ، مثل : الشحوم ، والسمن الحيواني ، وهذه الدهون تحتوي في كل روابطها الذرّيّة على عنصر ( الهيدروجين ) ، وتشكّل خلاياها خطا مستقيماً طويلاً من الصعب جداً تفكيكه ، و لذلك هو صلب إذا وضع في درجة حرارة الغرفة المعتادة ، وتستغرق إذابته وقتاً طويلاً . وأشارت أ. بدرية إلى بعض الأحاديث النبوية التي تحث على تناول الشحوم ، لأن قطعة من الشحم تُخرِج من الجسم مقدارها من الداء ، وشبهتها أ. بدرية بالمكنسة التي تنظف الجسم .

أما الدهون غير المُشبعة فهي التي تتكون ذراتها من روابط ثنائية ، و يوجد ببعضها هيدروجين ، وبعضها يخلو منه ، ومن هنا جاء اشتقاق ( الهدرجة ، وهو إضافة الهيدروجين عن طريق العمليات الصناعية لهذه الدهون لتصبح بذلك متحوّلة ( تتحول من دهون غير مشبعة ، إلى دهون مُشبعة ) وهي الزيوت التي تمتليء بها أرفف محلات البقالة والسوبرماركت مثل زيت الذرة ، والكانولا ، وزيت عباد الشمس المُهدرج .

وصعّدت شهرزادنا ( أستاذة بدرية ) الأحداث في قصتها المشوّقة إلى قمّة الحَدَث الدّرامي عندما بدأت تغوص في كيفية هدرجة الدهون ، وذلك بعد عرض فيلم قصير عن كيفية الهدرجة ، و المواد المُستخدمة فيها ، وأشهر المعروضات على أرفف محلات البقالة التي تحتوي زيوتاً مهدرجة .

وتتلخص قصّة الهدرجة في تسخين الزيت حتى 400درجة مئوية ، تحت ضغط عالٍ ، وتستغرق هذه العملية من ثمان إلى عشر ساعات ، يُضخ خلالها الهيدروجين ، ويضاف للزيت ( الألمنيوم ، والنيكل ، والبلاتينيوم ) لإطالة عمر المُنتج على الأرفف ( سنتان ) فتتغير صيغتها الكيميائية من خط مستقيم إلى حرف T . وهم بذلك يهشّمون تركيب ذراتها ، ويعملون على تشويهها كُلّياً ، للحصول على منتج مشوّه داخلياً ويؤدي إلى خلق تشويش داخلي كبير في الإنسان ، وفي كثير من عملياته الحيوية ،و له عواقب وخيمة على المدى الطويل .

ثم تطرقت الأستاذة بدرية إلى تاريخ الهدرجة ، وكيفية نشوء فكرتها ، ومكان صدورها في العالم ،فأخبرت أن تاريخ النشوء حدث قبل حوالى ستين عاماً وبالتحديد في عام 1957م ، حيث فاض إنتاج الذرة في الولايات المتحدة الأمريكية بشكل كبير جداً كون هذه الزراعة مدعومة حكومياً ، ولذا بدأ التجّار بعصره ، ولكنه أخذ يتأكسد و يتزنّخ لكثرته بتأثير الحرارة و الأوكسجين ، ولذلك نشأت فكرة إضافة ( النيكل و الألمنيوم ) لضمان فترة صلاحية طويلة ،وهذا ما حوّلها من زيوت صحيّة وطبيعية ، إلى زيوت متحوّلة ، ومدمّرة للصحة .

زيوت يطول عمر بقائها على أرفف المحال التجارية ، ويضمن أرباحاً مادية طائلة ، و يخسف بعمر المُستهلك ويقضي على حيويّته . يصارع عوامل الزمن ويصرع الإنسان في معترك التجارة والأرباح .

زيت فتّاك بشع التأثيرات ، فهو يقضي على الزيوت النافعة التي تنتجها أجسامنا ذاتياً مثل ( omega 6 ، و omega 3 ) بسبب فقدانه خاصية النفاذية التي دمّرتها الهدرجة ، وكذلك تفقد خلايانا قدرتها على نفاذ السكر ، ويصاب البنكرياس بالإرهاق بسبب كثرة إنتاج الأنسولين مما يؤدي إلى الإصابة بالنوع الثاني من السُّكري ، وهو النوع الاستقلابي الذي ينشأ من مقاومة السكر في الدم لكثرة الأنسولين .

ومن إخطار الزيوت المهدرجة إضعاف مناعة الجسم ، الناشئة عن إضعاف الخلية التي تقوم بإنتاج الإلكترونات المسؤولة عن مقاومة البكتيريا و الفايروسات .
وتزيد الزيوت المهدرجة من نفاذية الكالسيوم بالجسم مما يؤدي إلى تكلّس الخلايا والإصابة بتصلّب المفاصل .

الزيوت المهدرجة زيوت مجرمة لا تكف عن العبث بخلايا الإنسان ، ومن ضمن مخططاتها التدميرية زيادة حموضة الدم التي تؤدي إلى الإصابة بأمراض السرطان ، و الأورام الخبيثة .
ومن آثارها الفتاكة الإصابة بارتفاع ضغط الدم ، واضطراب مستوى الكوليسترول في الجسم .

وليست هذه كل جرائم الزيوت المهدرجة ، فهي تؤدي إلى تصلّب شرايين القلب و المخ وانسدادها ، وتزيد من إفراز هرمون الإستروجين لدى النساء مما يعرضهن للإصابة بسرطان الثدي .
وتترسب مركبات الألمنيوم الموجودة بالزيت المهدرج ، تترسب في العظام ، والجهاز العصبي المركزي مما يؤدي إلى الخمول والشعور بالكسل ، وفقدان الذاكرة الجزئي ، ويعرض الكلى للتلف ، كما يتسبب في الولادة المبكرة ، واضطرابات للهضم عند المولود و تتسبب بتأخر نموّه ، وإصابته بالأكزيما .
وقد أثبتت الدراسات العمليّة وفقاً لجمعية مرض الزهايمر وجود علاقة بين معدل الألمنيوم ، وعوامل الخطورة المسببة للزهايمر .

وسؤال يضج أمام هذه المعضلات : أين تختبيء الزيوت المهدرجة ، ووراء أي المنتجات تتوارى ؟
فتجيب شهرزادنا : في كل المنتجات الغذائية التي تحتوي على الزيوت النباتية المهدرجة ، مثل معظم الأغذية المُصنّعة كالكعك ، والبسكويت ، ورقائق البطاطا ، ومنتجات الألبان المُنكّهة و المُصنّعة ، و مُبيّض القهوة ، و الوجبات السريعة ، ومختلف أنواع الصلصات الجاهزة .

ومن المفيد استبدال هذه الزيوت بزيوت آمنة للطبخ و القلي ، وهي الزيوت المُشبعة التي تتحمل درجات حرارة عالية ، و نقطة احتراقها بطيئة ، ولا تتأكسد بسرعة من فعل الحرارة ، ولا ينتج عنها مركب ( الألدهيد ) الذي يقضي على الفيتامينات والأملاح المعدنية .

وهي : زيت جوز الهند غير المصنع ، زيت السمسم ، زيت الزيتون ( البكر للاستخدام البارد ولا يصلح للطبخ بتاتاً ، والزيت الممتاز يصلح للاستخدام البارد وللطبخ ) ،
وزيت بذرة الكتان ،وزيت دوار الشمس العضوي ، اللذان يستخدمان دون طبخ بسبب حساسيتهما للحرارة .

ومن الزيوت غير الآمنة للطبخ : زيت الكانولا المصنوع من بذور زهرة اللفت الخضراء ، وزيت الذرة المهدرج .

وختمت شهرزادنا قصة الزيوت المهدرجة بتوصيات عامة لاستخدام الزيوت في القلي و الطهي ، وتتلخص في :
عدم تسخين الزيت لدرجة الاحتراق و الوصول لنقطة التدخين ، وعدم ملء المقلاة بالزيت لأكثر من النصف ، وتجنب إضافة زيت قلي جديد للزيت المستخدم مسبقاً ، وعدم استخدام زيت القلي مرتين ، و الاستغناء عن زيوت القلي قدر المستطاع باستخدام طرق بديلة كالمقلاة الهوائية ، و الطبخ باستخدام شواية الفرن ، و التخلص من الزيت حالما يتغير لونه أو رائحته ، أو حالما يتعرض للاحتراق ويتصاعد منه الدخان .

 

كانت قصة مشوّقة وجديرة بالمتابعة والاهتمام ، وربما أقنعت المستهلك بالكف عن شراء الزيوت المهدرجة ، و التقليل من استهلاك المنتجات المحتوية عليها حفاظاً على صحته وسلامة جسده على المدى القريب ، والبعيد .

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. الأخصائية بدرية رآئعه بكل ماتحمله الكلمه من معنى كحمامة سلام تنقل ماينفع المجتمع ويفيده.. سلمتِ على التقرير الوافي أ. رباب النمر

  2. اشكر الاستاذ بدريه على هذه المعلومات التي تتعلق بصحتنا و صدق من قال الوقاية خير من قنطار علاج
    لا لزيوت المهدرجه بعد اليوم
    نعم لدهون المشبعه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى