أقلام

كيف تختلف الأدمغة البشرية: هذا الاختلاف له علاقة كبيرة بالوصلات

ترجمة: عدنان أحمد الحاجي

الثدييات المختلفة تظهر أنماطًا مشتركة في وصلات الدماغ، لكن جنسنا لديه بعض الشذوذات الخاصة به.

ما الذي يجعل دماغ الإنسان مميزًا؟
ليس من السهل الإجابة على هذا السؤال- وهو أمر سيشغل علماء الأعصاب لأجيال قادمة، ولكن يمكن جمع بعض الأجوبة الأولية، من المؤكد أن العضو (الدماغ) أكبر مما هو متوقع بالنسبة لحجم أجسامنا، ولديه مناطقه المتخصصة- أحدها مخصص لمعالجة اللغة.

في السنوات الأخيرة، بدأت عمليات مسح الدماغ تظهر أن الطريقة الخاصة، التي ترتبط بها الخلايا العصبية ببعضها البعض هي أيضًا جزء من السيناريو.

إحدى الأدوات الرئيسية في هذه الدراسات هي التصوير بالرنين المغناطيسي (‪MRI‬) – على وجه الخصوص، نسخة تعرف باسم تصوير مصفوفة الانتشار، يمكن لهذه التقنية أن ترى الألياف الطويلة التي تمتد من الخلايا العصبية وتوصل مناطق الدماغ معًا، دون الحاجة إلى إزالة قطعة من الجمجمة.

كالأسلاك ، تحمل هذه الوصلات ‪connections‬ معلومات كهربائية بين الخلايا العصبية، ومجموع كل هذه الوصلات، المعروفة أيضًا باسم الخريطة الشاملة للوصلات العصبية (جملة الوصلات) في الدماغ.

‏ ‪connectome‬ كونكتم (2, 3، 4) ، يمكن أن تزودنا بقرائن عن كيف يعالج الدماغ المعلومات، السؤال الملح عن الكونتكم يتعلق بما لو كانت أنماط الوصلات المميزة، إن وجدت، تتعلق بالاختلافات الإدراكية الواضحة في الفأر أو القرد أو الإنسان.

منهجية جديدة تسمى كونكتوميكس (انتاج، ودراسة الكونكتوم) المقارنة قد تعرفت على بعض القواعد العامة للوصلات في الدماغ.

عبر الأنواع ‪species‬ التي قد تساعد في تقديم الإجابات المطلوبة، في غضون ذلك، وجدت أيضًا بعض الجوانب الفريدة للكنكتوم البشري، واكتشفت تغييرات في الخلايا المسؤولة عن صيانة الوصلات في الدماغ، يبدو أن هذه الابتكارات التطورية معًا تحافظ على تدفق المعلومات بكفاءة عبر الدماغ البشري الكبير.

وعندما تتعطل، قد تؤدي إلى اضطرابات نفسية، من الناحية الافتراضية، الكنكتوم الأكثر كفاءة من شأنه أن يتبع تصميم من النوع الذي فيه كل خلية عصبية متصلة بكل الخلايا الأخرى.

ولكن هذه المقاربة غير قابلة للعمل بشكل غير ممكن، لأنها تتطلب مساحة كبيرة لإحتواء كل هذه الموصلات  والطاقة، لإبقائها تعمل، وبدلاً من ذلك، التصميم من نوع كل خلية عصبية مرتبطة بواحدة أخرى فقط، سيكون أقل صعوبةً – ولكنه أيضًا أقل كفاءة: سيتعين على المعلومات المرور على (اجتياز) أعداد هائلة من الخلايا العصبية كمنطلق / كمدخل للوصول من النقطة ‪A‬ إلى النقطة ‪B‬.

“الحياة الحقيقية في الوسط”كما يقول يانيڤ عساف من جامعة تل أبيب، الذي نشر دراسة استقصائية عن كنتكومات  23  نوعًا من الثدييات.

في مجلة نتشر نيروساينس ‪Nature Neuroscience‬ في يونيو 2020  اهتدى عساف إلى بحثه، بطريقة ملتوية إلى حد ما بدأ كهواية يمارسها في نهاية الأسبوع، لتصوير أدمغة الخفافيش مع زميله في تل أبيب يوسي يوڤيل، تحولت إلى استكشاف مدته سبع سنوات، لأكبر عدد من أدمغة الثدييات بعد الوفاة التي تمكنا الباحثان  من استعارتهما، من معهد بيطري قريب منهما.

درس المحققان مجموعة متنوعة من الأعضاء من أصغر دماغ خفاش، الذي تطلب عدسة مكبرة لفحصه، وصولًا إلى دماغ إنسان ثقيل.

بين تلك الأمثلة كانت أدمغة الزرافات وحيوان غرير العسل، والأبقار، من بين كل منها، وجد الفريق نفس أنماط الوصلات العاملة: كان عدد نقاط الإنطلاق للانتقال من مكان إلى آخر، هو نفسه تقريبًا في كل عضو من الأعضاء، استخدمت الأدمغة المختلفة تصاميم شبكة وصلات مماثلة.

ومع ذلك، كانت هناك بعض الاختلافات في كيف تحقق هذا الترتيب، تنزع الأنواع ‪species‬ التي لها عدد قليل من الوصلات طويلة النطاق.

التي تربط بين نصفي الدماغ إلى وجود وصلات قصيرة أكثر، ضمن كل نصف من نصفي الدماغ حيث “تتواصل” المناطق المجاورة بشكل مكثف مع بعضها البعض، أما الأنواع ‪species‬ التي لها  وصلات طويلة النطاق، كالتي في البشر والرئيسيات الأخرى، تضعف هذه الشبكات المحلية.

هذه المقاربة للإتصالية  ‪connectivity‬  قد تعكس قيودًا هندسية على رص ‪packing‬ الجهاز العصبي في الجمجمة.

لكن التباينات في هذه الوصلات داخل الأنواع ‪species‬ قد تقترن أيضًا بقدرات مختلفة، يقول عساف: “إذا كان لديك اتصالية أكثر كثافة في إحدى مناطق الدماغ، فقد تكون لديك قدرة معينة لا يمتلكها آخرون”.

على الرغم من أن الأدمغة البشرية تتبع خطة لعبة وصلات الثدييات، إلا أنها تُظهر أيضًا بعض الابتكارات المدهشة.

في مقارنة مباشرة بين الوصلات البشرية مع الوصلات الخاصة بالشمبانزي، أقرب أقاربنا الأحياء، نشرت العام الماضي 2019، كشف مارتين ڤان دن هويڤيل ‪Martijn van den Heuvel‬ من الجامعة الحرة في امستردام ‪Vrije‬، وعالم الأنثروبولوجيا جيمس ريلينغ من جامعة إيموري عن 33 من الوصلات  البشرية المعينة.

كانت هذه الوصلات الفريدة أطول، وأكثر أهمية للكفاءة الشبكية من 255 من الوصلات الموجودة في كلا النوعين ‪species‬(البشر والشمبانزي).

الوصلات الممتدة على مسافة تربط بين المناطق “الترابطية” ذات الوظائف العليا في القشرة المعنية، باللغة واستخدام الأدوات، والتقليد ‪imitation‬، يقول ڤان دن هيڤفيل: “يميل دماغ الإنسان إلى إستثمار عالٍ في إبقاء تلك المناطق الترابطية متصلة”.

هذه الوضعية قد تمكّن من جمع المعلومات الفعال من أجزاء مختلفة من الدماغ، وبالخصوص تلك المكلفة بمعالجة المفاهيم.

ويضيف: “أعتقد أن هذا الاستثمار زودنا بوظائف دماغ أكثر تعقيدًا”، عندما درس ڤان دن هيوڤيل وزملاؤه مناطق اللغة، بانت “بصمة اتصالية”، الشمبانزيات لها نسختها المحدودة الخاصة بها من منطقتي بروكا ‪Broca‬ وفيرنيك ‪Wernicke‬’، وهما منطقتان مسؤولتان عن توليد واستيعاب اللغة البشرية، على التوالي.

لكن الوصلات بين المنطقتين أقوى في البشر، والوصلات من منطقة بروكا إلى المناطق الأخرى، من الدماغ هي في الواقع أضعف.

يبدو الأمر كما لو أن المنطقتين قد خصصت قدراتهما على المعالجة، لبعضهما البعض ومهدت الطريق للغة، ومع ذلك، قد تشكل الوصلات الخاصة بالبشر كعب أخيل للبشر (كناية عن نقطة ضعف)، في دراسة نُشرت في نوفمبر الماضي 2019، وجد ڤان دن هيوڤيل وريلينغ وزملاؤهما أن الوصلات الخاصة بالإنسان معطلة أكثر في حالة انفصام الشخصية (12)”.

هذا يثير احتمال أن تطور هذه الوصلات البشرية المستجدة له تكلفة”، يقول ريلينغ، في حين تجادل هذه الدراسات لصالح الأهمية التطورية لوصلات الدماغ.

فإن طرق التصوير لا تخلو من أخطاء، فهي تعاني من دقة محدودة، لذلك قد يفوت عليها نهاية وصلة أو انتظارها لدورها، علم الجينوميات يستطيع سد بعض الثغرات، ركزت دراسة نُشرت في يناير 2020 على قطع من الحمض النووي تسمى المعززات، والتي تتحكم فيما إذا كانت الجينات قيد التشغيل، أو قيد إيقاف التشغيل.

وجد مينو كريتون ‪Menno Creyghton‬  من المركز الطبي بجامعة إيراسموس ‪Erasmus‬ في هولندا، وزملاؤه أن بعض المعززات في البشر، والشمبانزي تختلف اختلافًا كبيرًا.

عن تلك الموجودة في قرود المكاك، وقرود القشة ذات القرابة البعيدة، حدث اعادة التشكل الجينومي في خلايا تسمى الخلايا الدبقية قليلة التغصن ‪oligodendrocytes‬، والتي تغلف الوصلات بأغلفة عازلة من البروتين، حيث هذا التغليف يضمن وصول الإشارات الكهربائية بسرعة إلى وجهتها.

يقترح كريغتون أن الخلايا تحاول موازاة  الدماغ في التوسع، “تحتاج هذه الخلايا الدبغية قليلة التغصن إلى تغيير تصرفاتها لجعل  هذا الدماغ الكبير ممكنًا”.

“إذن تمتلك هذا التغيير المذهل الذي يمنحك دماغًا كبيرًا، ومن ثم تحتاج إلى الكثير من التعديلات في الدماغ للتعامل مع ذلك التغيير “.

لجعل  هذا الدماغ الكبير ممكنًا”.

“إذن تمتلك هذا التغيير المذهل الذي يمنحك دماغًا كبيرًا، ومن ثم تحتاج إلى الكثير من التعديلات في الدماغ للتعامل مع ذلك التغيير “.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى