أقلام

الجدري والفيروسات الأخرى أصابت البشر في وقت أبكر بكثير مما كان يُظن

ترجمة: عدنان أحمد الحاجي

تاريخ استئصال مرض الجدري واضح، بعد وفاة أكثر من 300 مليون شخص في القرن العشرين، حصد آخر ضحية له في عام 1978؛ وبعد ذلك بعامين.

في 8 مايو 1980، أعلنت منظمة الصحة العالمية أنه تم القضاء على فيروس الجدري، الذي يسبب مرض الجدري، لكن أصول هذا الفيروس المدمر غامضة، الآن، بدأت الأدلة الجينية في التكشف منذ بدأ الجدري في مهاجمة الناس أول مرة.

أفاد فريق بحث دولي هذا الأسبوع بعد سنوات من البحث، عن الحمض النووي الفيروسي في الرفات البشري القديم.

توحي التحاليل أيضًا إلى أن الفيروس كان منتشرًا في البشر، حتى قبل ذلك الحين:  قبل ذلك على الأقل ب  1700 سنة، في الفترة المضطربة حول  فترة سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية، عندما كان العديد من الناس يهاجرون عبر أوراسيا.

البحث العلمي أخّر أدلة الحمض النووي على الجدري ألف عام، في عام 2016، قام الباحثون بتأرخته إلى القرن السابع عشر الميلادي.

باستخدام الحمض النووي المستخرج من مومياء ليتوانية يقول مارتن سيكورا، باحث في  علم الوراثة التطورية في جامعة كوبنهاغن، وعضو فريق البحث: “لقد بينا أنه قبل 1000 عام، خلال عصر الڤايكنغ، كان فيروس الجدري منتشرًا على نطاق واسع بالفعل في أوروبا”.

الجدري هو فقط أخر مثال لمرض معدٍ خطير تم إعادة كتابة تاريخه، فجأة وبشكل جوهري من خلال تحليل الحمض النووي القديم في العقد الماضي.

في وقت سابق من هذا العام، أفادت دراسة أن فيروس الحصبة- الذي يُعتقد أنه ظهر لدى البشر في القرن التاسع  الميلادي تقريبًا- ربما قفز إليهم في الألفية الأولى قبل الميلاد، وهو الوقت الذي يبدو فيه أن تسلسله قد انحرف عن فيروس الطاعون البقري ذي العلاقة  الذي يصيب الأبقار (والآن – تم استئصاله).

في عام 2018، أظهر فريق سيكورا أن التهاب الكبد ‪B‬ كان قد أصاب البشر منذ العصر البرونزي، أي قبل 5000 سنة في عام 2015، أبلغ الفريق عن أصل قديم مماثل للطاعون، الذي تسببه بكتيريا يرسينيا الطاعونية.

لم ترجع جميع الدراسات الجينية أصول المرض إلى الوراء زمانًا، ومع ذلك: في عام 2014، أفادت مجموعة بقيادة ألمانية أن السل كان يصيب البشر منذ أقل من 6 آلاف سنة، وليس 12 ألف سنة كما كان عليه  الإجماع العلمي، ناهيك عن 70ألف سنة كما أُقترح من قبل.

تقول آن كارمايكل ‪Ann Carmichael‬، مؤرخة الطاعون في جامعة إنديانا في بلومنغتون، إن هذه النتائج زعزعت معرفة الباحثين بكيف تؤثر الأمراض على المجموعات السكانية على مر التاريخ.

تشير أدلة الحمض النووي إلى أن الأمراض كالطاعون، والتهاب الكبد ‪B‬ ارتبطت بالهجرات البشرية الرئيسية من عصور ما قبل التاريخ- وهو أمر يبدو الآن صحيحًا في حالة الجدري أيضًا، ما إذا نقلت الهجرات الأمراض إلى مناطق جديدة أو أن ظهور المرض هو ما دفع الناس إلى الانتقال، يبقى سؤالًا يأمل علماء الآثار والمؤرخون، وعلماء الوراثيات أن يتمكنوا من الإجابة عليه.

قدمت أدلة الحمض النووي أيضًا رؤى ثاقبة عن وبال الجدري القديم: تشير أحدث الدراسات إلى أن الفڤايكنغ، على سبيل المثال.

حملوا سلالة جدري منقرضة مختلفة تمامًا عن السلالة الحديثة، يقول عالم الآثار سورين سيندبوك ‪Søren Sindbæk‬ من جامعة آرهوس ‪Aarhus‬ في الدنمارك، إن دمج علم الوراثيات مع علم التاريخ وعلم الآثار هو العمل الذي سيكون الاعتماد عليه في المستقبل.

“يمكننا أن نبدأ بتثبيت هذه الأحداث على المقياس البشري، للمضي قدمًا، ستكون التأرخة عالية الدقة أمرًا بالغ الأهمية لإعادة كتابة التاريخ البشري”.

جينومات مسببات الأمراض القديمة
قبل ثورة الحمض النووي القديم، كان على الباحثين الاعتماد على فحص الهياكل العظمية- أو، في حالات نادرة، المومياوات- للحصول على أدلة واضحة على المرض، وكشف العلامات الدلالية المنبثقة عن الجذام أو الزهري، على سبيل المثال، والإحالة المرجعية على السجلات التاريخية.

لكن العديد من الأمراض المعدية لا تترك علامات واضحة على العظام، بعض القرائن غير المباشرة الأخرى على عمر بعض الأمراض تأتي من تقدير العمر.

والتوزيع الجغرافي للطفرات الجينية الوقائية في البشر: الأشخاص الذين تفتقر خلايا دم الحمراء لديهم  إلى “مستضدات دوفي ‪Duffy‬”، على سبيل المثال، يتمتعون ببعض الحماية ضد الطفيل المسبب للملاريا (المتصورة النشيطة) ‪Vasmax vivax‬.

تمكن الباحثون من استخلاص قصاصات من الحمض النووي، المسبب للمرض من رفات بشري منذ التسعينات.

وفي العقد الماضي، ساعدت أجهزة تسلسل الحمض النووي من الجيل التالي التي يمكنها أن تقرأ آلاف من قصاصات الحمض النووي القصيرة- وهي مفيدة لتسلسل الحمض النووي التالف بعد مئات أو آلاف السنين- ساعدت الباحثين على إعادة بناء الجينومات الكاملة لمسببات الأمراض القديمة.

وفي عام 2011، نشر الباحثون  أول جينوم لليرسينيا الطاعونية ‪Y. pestis‬، جمعت من أربعة هياكل عظمية في مقبرة في لندن، حيث تم دفن الآلاف من ضحايا الطاعون الأسود في القرن الرابع عشر.

يقول  ايسكي ويللرسليڤ ‪Eske Willerslev‬، باحث وراثيات تطورية في جامعة كامبريدج، في المملكة المتحدة، الذي عمل على دراسة الجدري، أصبح من المعتاد الآن غربلة رفات بشري قديم بحثًا عن مسببات الأمراض المعروفة، بدأ هذا كفرع من مشروع لوضع مخطط بياني لشتات الفايكنغ في الألفية الأولى المتأخرة بعد الميلاد، لكن العمل تمدد  إلى تحليل أكبر بكثير مما كان مخططًا له.

قام الباحثون بفحص الحمض النووي الذي تم جمعه من 1،867 شخصًا عاشوا في أوراسيا، والأمريكتين بين 32  ألف و 150 عامًا مضت.

ووجدوا امتدادات من الحمض النووي في 26 منها تشبه سلالات الجدري الحديثة؛ بالنسبة ل 13 منها، تمكن الباحثون من الرجوع إلى الرفات الأصلي، واستخراج المزيد من الحمض النووي للجدري من خلال الالتقاط المستهدف، لعمل تسلسل الجينوم، وهي تقنية تستخدم الحمض النووي المركب (المصنّع) في المختبر لانتقاء جدائل مماثلة من العظام أو الأسنان.

(لقد استهدف الباحثون العظام الصخرية- وهي جزء من الجمجمة بالقرب من الأذن- كمصدر جيد للحمض النووي القديم، لأنه أكثر عظام الثدييات كثافة، وبالتالي يحافظ على الحمض النووي البشري بشكل جيد.

ولكن من المرجح أن تظهر مسببات الأمراض في الأسنان، لأن المزيد من الدم يتدفق عبرها، كما يقول ويرسلليڤ ‪Willerslev‬.)يرجع تاريخ أحد عشر شخصًا من  حوالي 600 إلى 1050 بعد الميلاد، وهو تاريخ يتداخل مع عصر الفايكنغ، والذين هم من أصول تعرف اليوم بالدول الاسكندنافية وروسيا والمملكة المتحدة، واحد منهم استخرج من مقبرة جماعية في أكسفورد، المملكة المتحدة، ويعتقد أنه توفي في مذبحة يوم سانت برايس عام 1002.

عندما أمر الملك الإنجليزي إيثيلريدالأونريدي بإبادة أشخاص عُرفوا أنهم من الدنماركيين، العينة التي أخذت من أربعة من عصر الفايكنغ اعطت ما يكفي من الحمض النووي الفيروسي للباحثين.

لإعادة بناء جينومات الجدري الشبه الكاملة، والتي قاموا بمقارنتها بتسلسلات الجدري الحديثة، والمثير للدهشة أن السلالة التي أصابت بالعدوى عينات من عصر الفايكنغ لم تكن سلفًا مباشرًا لسلالات القرنين التاسع عشر، والعشرين، يقول سيكورا: “إنه مسار تطوري منفصل اضمحل في مرحلة ما، وعلى حد علمنا، لم يعد موجودًا اليوم”.

تتبع الباحثون شجرة العائلة هذه باستخدام مقاربة “الساعة الجزيئية”: لقد قاموا بقياس كم تختلف السلالات القديمة عن الحديثة، واستخدموا معدل تراكم الاختلافات الجينية لحساب كم مقدار الزمن الذي مضى منذ انقسام السلالات.

يشير هذا التحليل إلى أن سلف الجدري المشترك الأخير عاش منذ حوالي 1700 عام، هذا لا يعني أن المرض وصل إلى البشر أول مرة في ذلك الوقت، كما يقول تيري جونز، باحث الأحياء الحوسبي الذي يعمل في مستشفى شاريتيه ‪Charité‬ في برلين وجامعة كامبريدج، والذي عمل في المشروع؛ بل إنه ببساطة تاريخ اندماج جميع تنوع العينات التي جمعت حتى الآن.

يقول ويليرسليف إنه يعتقد أن مجموعته قد فحصت عددًا كافيًا من الأفراد، من العصور البرونزية والعصرية والميزوليتية (الممتدة من حوالي 15 ألف إلى 1200 قبل الميلاد).

-دون العثور على الجدري- ليقول أنه من غير المحتمل انتشار الجدري، على نطاق واسع قبل 3000 إلى 4000 سنة، يتكهن باحثون آخرون أن الجدري قد أصاب البشر قبل 1700 عام بزمن كثير، تشير السجلات التاريخية إلى وجود مرض شبيه بالجدري منذ أكثر من 3000 عام، وربما قد يكون هو سبب موت  الشاب الفرعوني رمسيس الخامس في القرن الثاني عشر قبل الميلاد.

على الرغم من أنه لم يتمكن أحد أن التأكد من إصابته بالجدري، أو لو كان مصابًا بالجدري، أنه مات بسبب المرض، لا تسلط أحدث أدلة الحمض النووي أي ضوء على هذه الفكرة.

ولكن من المقرر أن يُنشر مشروع مصري لتحليل الحمض النووي للمومياوات الملكية في عام 2022، أعجب العلماء غير المشاركين في دراسة الجدري بهذا العمل البحثي، يقول مايكل ووروبي، عالم الأحياء التطوري في جامعة أريزونا في توسان: “تُظهر هذه الورقة الجديدة أن هناك سلالات نجهلها تمامًا”، لكن هندريك بوانار، باحث الوراثيات في جامعة ماكماستر ‪McMaster‬ في هاملتون الكندية.

الذي عمل على دراسة 2016  على الجدري، يقول إن الاختلافات الكبيرة بين الفايكنغ، والأنساب الحديثة تجعل  احتمال عدم اصابة الفايكنغ بالجدري  كما سنعرفه ممكنًا، يقول جونز، قد يكون ذلك صحيحًا.

هناك بعض الأدلة، على سبيل المثال، على أن تثبيط التتشيط الجيني التراكمي في الفيروس جعله أكثر فتكًا، يقول: “لا يمكننا التأكد، ولكن هناك نقاش جيد مفاده أن الجدري كان وباءا، وكان خفيفًا قبل القرن السابع عشر”، إعادة كتابة تاريخ الأمراض
أثبتت دراسات مسببات الأمراض القديمة، كالطاعون والتهاب الكبد ‪B‬ والجدري، أنه من الممكن اكتشاف مسببات الأمراض في الرفات البشري الذي لا تظهر عليه علامات المرض.

لذلك لا يحتاج العلماء إلى قصر تحليلاتهم على الرفات  في القبور الجماعية، التي دفن فيها ضحايا الطاعون الأسود، وهذا يعطي صورة أكثر شمولاً لوقع مسببات الأمراض في العالم القديم.

انتشار الأنماط الجينية المسببة للأمراض وطريقة تغيرها بمرور الوقت قد يسلط ضوءًا جديدًا، على كيف تنقل الناس في الماضي، اكتشاف اليرسيتيا الطاعونية ‪Y. pestis‬ في الأسنان المحفوظة لرعاة الماشية اليمانايا  ‪Yamnaya‬ الذين جاءوا إلى أوروبا الغربية من سهوب أوروبا الشرقية.

على سبيل المثال، أدى إلى نظرية مفادها أن هؤلاء الغزاة سارعوا في تقلص المجتمعات الزراعية في العصر الحجري الحديث بعد 3500 قبل الميلاد من خلال نشر الطاعون بينهم.

لكن هذه الفكرة لا تزال موضع خلاف لأن هناك أدلة أثرية، على أن هذا التقلص كان قد بدأ بالفعل قبل 1000 عام من وصول اليمانايا ‪Yamnaya‬، كما يقول ديتليف غرونينبورن ‪Detlef Gronenborn‬، عالم الآثار في معهد ليبنيز ‪Leibniz‬ للأبحاث في علم الآثار في ماينز، ألمانيا، ولكن نظرًا لأنه تم اجراء تسلسل لحوالي 200 جينوم قديم كامل- وفقط لعدد قليل لكل مسبب للأمراض-.

فإن الاستنتاجات التي يمكن استخلاصها من التحليل الوراثي العرقي (الفيلونجي) محدودة في الوقت الحالي.

حتى في الجائحة الحالية، مع تحليل عشرات الآلاف من جينومات فيروس سارس- كوف- 2، توصل الباحثون في بعض الأحيان إلى استنتاجات خاطئة حول المسار الذي سلكه الفيروس أثناء انتشاره، يقول بوانار إنه كلما رجع الباحثون زمانًا  الى الوراء، وكلما كانت  العينات أكثر تناثرًا (أقل كثافة)، كلما زاد احتمال الإفراط في التفسير.

يقول الباحثون أن التحقيقات في التاريخ التطوري، للفيروسات قد تكون مفيدة أيضًا في وقاية الأشخاص في المستقبل.

يقول باحث الفيروسات لاسي فينر من جامعة كوبنهاغن، وهو أحد مؤلفي الورقة: “من الصعب جدًا التنبؤ بمستقبل تطور الفيروس”، ولكن بمعرفة أين كان، ستصبح لدينا فكرة أفضل عن إمكانيات التباينات” تقول أندريا ماكولوم، باحثة الأوبئة في مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في أطلانطا، جورجيا.

التي درست الجدري، إن شجرة عائلة الجدري هذه يمكن أن تكون مفيدة، في الوقاية التي يمكن أن توفرها المخزونات المتبقية، من لقاح الجدري ضد فيروسات الجدري ذات العلاقة.

في غضون ذلك، يقر مؤرخو الأمراض أنه لا زالت لديهم أسئلة جديدة تحتاج إجابة عليها، تقول كارمايكل: “نحتاج بالفعل إلى البدء من جديد”، تأكيد عام 2011 على أن اليرسيتيا الطاعونية ‪Y. pestis‬  أدت إلى ظهور الطاعون  الأسود، وضعت حدًا للجدل على سبب تلك الجائحة.

ولأن سلالة الطاعون الأسود كانت مشابهة جدًا لسلالة اليرسيتيا الطاعونية  ‪Y. pestis‬ الحديثة، فقد دفع ذلك  المؤرخين إلى طرح سؤال جديد: لماذا الطاعون كان أكثر فتكًا في عالم ما قبل الحداثة منه في العالم الحديث؟

قد يفسر ذلك جزئيًا الأعراض المصاحبة وطرق الحياة، لكن الإجابة ليست واضحة بعد، وتقول: “إن معالجة ذلك مسألة تاريخية وليست مسألة جينية”.

: لقد قاموا بقياس كم تختلف السلالات القديمة عن الحديثة، واستخدموا معدل تراكم الاختلافات الجينية لحساب كم مقدار الزمن الذي مضى منذ انقسام السلالات.

يشير هذا التحليل إلى أن سلف الجدري المشترك الأخير عاش منذ حوالي 1700 عام، هذا لا يعني أن المرض وصل إلى البشر أول مرة في ذلك الوقت، كما يقول تيري جونز، باحث الأحياء الحوسبي الذي يعمل في مستشفى شاريتيه ‪Charité‬ في برلين وجامعة كامبريدج، والذي عمل في المشروع؛ بل إنه ببساطة تاريخ اندماج جميع تنوع العينات التي جمعت حتى الآن.

يقول ويليرسليف إنه يعتقد أن مجموعته قد فحصت عددًا كافيًا من الأفراد، من العصور البرونزية والعصرية والميزوليتية (الممتدة من حوالي 15 ألف إلى 1200 قبل الميلاد).

-دون العثور على الجدري- ليقول أنه من غير المحتمل انتشار الجدري، على نطاق واسع قبل 3000 إلى 4000 سنة، يتكهن باحثون آخرون أن الجدري قد أصاب البشر قبل 1700 عام بزمن كثير، تشير السجلات التاريخية إلى وجود مرض شبيه بالجدري منذ أكثر من 3000 عام، وربما قد يكون هو سبب موت  الشاب الفرعوني رمسيس الخامس في القرن الثاني عشر قبل الميلاد.

على الرغم من أنه لم يتمكن أحد أن التأكد من إصابته بالجدري، أو لو كان مصابًا بالجدري، أنه مات بسبب المرض، لا تسلط أحدث أدلة الحمض النووي أي ضوء على هذه الفكرة.

ولكن من المقرر أن يُنشر مشروع مصري لتحليل الحمض النووي للمومياوات الملكية في عام 2022، أعجب العلماء غير المشاركين في دراسة الجدري بهذا العمل البحثي، يقول مايكل ووروبي، عالم الأحياء التطوري في جامعة أريزونا في توسان: “تُظهر هذه الورقة الجديدة أن هناك سلالات نجهلها تمامًا”، لكن هندريك بوانار، باحث الوراثيات في جامعة ماكماستر ‪McMaster‬ في هاملتون الكندية.

الذي عمل على دراسة 2016  على الجدري، يقول إن الاختلافات الكبيرة بين الفايكنغ، والأنساب الحديثة تجعل  احتمال عدم اصابة الفايكنغ بالجدري  كما سنعرفه ممكنًا، يقول جونز، قد يكون ذلك صحيحًا.

هناك بعض الأدلة، على سبيل المثال، على أن تثبيط التتشيط الجيني التراكمي في الفيروس جعله أكثر فتكًا، يقول: “لا يمكننا التأكد، ولكن هناك نقاش جيد مفاده أن الجدري كان وباءا، وكان خفيفًا قبل القرن السابع عشر”، إعادة كتابة تاريخ الأمراض
أثبتت دراسات مسببات الأمراض القديمة، كالطاعون والتهاب الكبد ‪B‬ والجدري، أنه من الممكن اكتشاف مسببات الأمراض في الرفات البشري الذي لا تظهر عليه علامات المرض.

لذلك لا يحتاج العلماء إلى قصر تحليلاتهم على الرفات  في القبور الجماعية، التي دفن فيها ضحايا الطاعون الأسود، وهذا يعطي صورة أكثر شمولاً لوقع مسببات الأمراض في العالم القديم.

انتشار الأنماط الجينية المسببة للأمراض وطريقة تغيرها بمرور الوقت قد يسلط ضوءًا جديدًا، على كيف تنقل الناس في الماضي، اكتشاف اليرسيتيا الطاعونية ‪Y. pestis‬ في الأسنان المحفوظة لرعاة الماشية اليمانايا  ‪Yamnaya‬ الذين جاءوا إلى أوروبا الغربية من سهوب أوروبا الشرقية.

على سبيل المثال، أدى إلى نظرية مفادها أن هؤلاء الغزاة سارعوا في تقلص المجتمعات الزراعية في العصر الحجري الحديث بعد 3500 قبل الميلاد من خلال نشر الطاعون بينهم.

لكن هذه الفكرة لا تزال موضع خلاف لأن هناك أدلة أثرية، على أن هذا التقلص كان قد بدأ بالفعل قبل 1000 عام من وصول اليمانايا ‪Yamnaya‬، كما يقول ديتليف غرونينبورن ‪Detlef Gronenborn‬، عالم الآثار في معهد ليبنيز ‪Leibniz‬ للأبحاث في علم الآثار في ماينز، ألمانيا، ولكن نظرًا لأنه تم اجراء تسلسل لحوالي 200 جينوم قديم كامل- وفقط لعدد قليل لكل مسبب للأمراض-.

فإن الاستنتاجات التي يمكن استخلاصها من التحليل الوراثي العرقي (الفيلونجي) محدودة في الوقت الحالي.

حتى في الجائحة الحالية، مع تحليل عشرات الآلاف من جينومات فيروس سارس- كوف- 2، توصل الباحثون في بعض الأحيان إلى استنتاجات خاطئة حول المسار الذي سلكه الفيروس أثناء انتشاره، يقول بوانار إنه كلما رجع الباحثون زمانًا  الى الوراء، وكلما كانت  العينات أكثر تناثرًا (أقل كثافة)، كلما زاد احتمال الإفراط في التفسير.

يقول الباحثون أن التحقيقات في التاريخ التطوري، للفيروسات قد تكون مفيدة أيضًا في وقاية الأشخاص في المستقبل.

يقول باحث الفيروسات لاسي فينر من جامعة كوبنهاغن، وهو أحد مؤلفي الورقة: “من الصعب جدًا التنبؤ بمستقبل تطور الفيروس”، ولكن بمعرفة أين كان، ستصبح لدينا فكرة أفضل عن إمكانيات التباينات” تقول أندريا ماكولوم، باحثة الأوبئة في مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في أطلانطا، جورجيا.

التي درست الجدري، إن شجرة عائلة الجدري هذه يمكن أن تكون مفيدة، في الوقاية التي يمكن أن توفرها المخزونات المتبقية، من لقاح الجدري ضد فيروسات الجدري ذات العلاقة.

في غضون ذلك، يقر مؤرخو الأمراض أنه لا زالت لديهم أسئلة جديدة تحتاج إجابة عليها، تقول كارمايكل: “نحتاج بالفعل إلى البدء من جديد”، تأكيد عام 2011 على أن اليرسيتيا الطاعونية ‪Y. pestis‬  أدت إلى ظهور الطاعون  الأسود، وضعت حدًا للجدل على سبب تلك الجائحة.

ولأن سلالة الطاعون الأسود كانت مشابهة جدًا لسلالة اليرسيتيا الطاعونية  ‪Y. pestis‬ الحديثة، فقد دفع ذلك  المؤرخين إلى طرح سؤال جديد: لماذا الطاعون كان أكثر فتكًا في عالم ما قبل الحداثة منه في العالم الحديث؟

قد يفسر ذلك جزئيًا الأعراض المصاحبة وطرق الحياة، لكن الإجابة ليست واضحة بعد، وتقول: “إن معالجة ذلك مسألة تاريخية وليست مسألة جينية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى