أقلام

هل معارض الكتاب حياة متجددة أم وأد مقصود؟

سهام الخليفة

تتم مابين فترة وأخرى فعاليات متنوعة، محورها الكتب واصدارات متنوعة مختلفة وتتم لقاءات راقية، تتناول علومًا إنسانية وتبحث في مجالات أدبية لا حصر لها.
إنّ هذه الفعاليات تنتظرها شرائح ثقافية بشكل واسع ويتابعها جمهور له شغف بالاطلاع ،يستهويه اقتناء التحف العلمية والأدبية، والدرر المعرفية ولا يخفى على الجميع إنّ تلك المعارض بحر عميق يحوي في أعماقه ما لا يخطر على البال. وأغلب المرتادين لها يقصدونها بحماس وإثارة، ويحرصون على آلا تفوتهم مواعيدها ، ولا ننكر ما تعنيه لدى البعض الآخر الذين لهم مآرب أخرى بعيدة عن الفكر الثقافي كليةً.وربما اتخذت عنوان الفرجة العشوائية، والتنزه.

ومن زيارة لي لبعض المعارض خرجت برؤية عامة ووجهة نظر خاصة، وسؤال مصيري حول الهدف و النتيجة المتوخاة منها .
وسأضّمنها واقعاً يتأرجح بين الفخر والإشفاق، عبر تساؤلات أجوبتها نسبية طرديًا وعكسيًا.ربما يوافقني عليها الكثيرون أو قد يعارضون قولي.

نتساءل:هل تلك المعارض تعطي الصورة الحقيقية لٍمَا يحدث في عالم الكتب والتي تمسّ كل من الكاتب والقارئ ومجال الاهتمام بها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة؟

ويتبعه بالأثر سؤال آخر، هل يمكن الاعتماد على تقييم أداء تلك المعارض كمستوى معترف به في الأوساط الخاصة والعامة ،ويوضح الوضع الحقيقي لتلك المعادلة الحيوية،من خلال عدد الحضور، والأكثر أو الأقل مبيعاً؟!

حقيقةً:تستقطب تلك المهرجانات جمهورًا غفيراً، وتضّم قاعات، يتناثر على رفوفها الغث والسمين، وليس هناك منْ
يملك الحق في المساس لها بتزكية أو تهميش أو حتى إلغاء، فالآراء شخصية تتبع عوامل عدة منها المعنوي ومنها المادي.

بنطرة فاحصة لمن يطلّع على مجريات الفعاليات يرى أن مصير تلك الكتب وأصحابها مرهون بعوامل عدة مكانيًا وزمانيًا، وما يرافقها من ارتقاء أو انحدار حضاري .
إن تلك المعارض عالم عميق حدًا وربما كان له الأثر البالغ الذي قد يلاحق كل الحيثيات ويعد مرآة لما هو حادث.
فالمهرجانات لا تخرج عن مشهد لن يتغير ؛ فأمّا أنها حياة متجددة لعالم الثقافة والمعرفة، تتصف بالحيوية والتنافس الشريف والرقي الباذخ، وأمّا أنها وأد مقيت لبعض منها، وما يرافقه من إحباط وخذلان .
والمؤلم إذا كانت الأهداف والنتائج تائهة بين أناس لا يفقهون. وانطبق عليهم قول الرب الجليل :{ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚبِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ }

فأتساءل من جديد:هل حقًا المحيط االثقافي بحاجة لتلك المهرجانات ودورها المزدوج؟

للأمانة فإن الجواب إيجابي جدًا. يؤيد كل وجهات النظر بعدالة، فتلك المهرجانات ضرورية ،ولها شأن لا يُغفل عنه البتة، فهي وصلة الماضي بالحاضر ورؤية المستقبل، وتفيض على المرافئ الفكرية بالخبرات والمعارف على مدى واسع وبشكل عميق. وللآخرين حرية الاختيار. والاطلاع وتبادل الخبرات.
لكن ما يحدث فيها من بعض الفوضى وتقاطع بعض أساليب العرض من دور النشر أو الكتّاب واعتبار تلك المعارض فرصة للأعلان الترويجي الأجوف والمهين، وكأن تلك المعارض محلات لتصريف بضاعة دون فهم وتقدير لمحتواها.

حقيقة جلية أن المعارض باتت تغشاها العبثية وتخلو من بعض المصداقية، وتحتاج لتنقية جذرية من ملوثات التهريج، والممالأة ، وتضع حداً لأسلوب التطبيل والمحاباة والتملق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى