أقلام

حديثُ الجِراح

ناصر الوسمي

إلى بلدتي بلدةِ الجرن التي عايشَتِ الجراح، وكابدتْ آلامَ الفِراق ولَوْعةَ الغياب، وكيف استفحل وباء كورونا في بيوتَاتِها، وخطفَ الكثيرين من أهلنا وأحبابنا؟! وآخرَهم الحاج علي بن حبيب العطيّة الذي لحقت به أخته الحاجّة أم علي العطية حسرةً وكمدًا عليه، وأترجمُ هذه الجراح ببعضٍ منَ الحروف لعلها تُشفي غليلَ الفاقدين وتطبب جراحاتِهم السّخِينة. وأقول:

الجُرحُ صَـاهَرَ في مَـدَاكِ الجُرحا
وَالمَوْتُ يخْنِقُ فِيْ رُبَاكِ الصُّـبحا

يا (جَــرنُ) يا أَلْـوَانَ كُلِّ فَـراشَةٍ
ذُبِـحَـتْ بِـوردٍ مَـا أَتَــمَّ الـبَــوْحـا

لَغَةُ الحروفِ تَلَعثَمَتْ فِيْ وَصفِها
وَتُقيمُ مَأتَمَها عَـلَيْكِ (الفُصحى)

وَسَـوَادُ غِربَانِ الفَـجَائعِ والشَّجَى
قد راحَ يُسْهِبُ فِيْ أَسَاكِ الشَّرحا

وَحيٌ تنزّلَ مِنْ سمَاءِ موَاجِــعي
والشّعــرُ جِـبريلٌ بحُـزنِيَ أوْحَى

وخــيُـولُ نائـبـةِ الغِـيَـابِ تدُكُّـنا
وجَعًا، وتَقذِفُ فِي الصُّدور الضّبْحا

أَظْـفارُ (كُـورونا) تُـمـزّقُ حُـلْـمَـنا
وَالـرُّزْءُ مِـعــوَلُـهُ يَـهــدُّ الصّـرحا

كم مِنْ عزيزٍ غابَ عنّا ؟! والجـوَى
قَـد صَارَ يـنْـثُـرُ للجِـرَاحِ الـمِـلْـحا

وَ(أخٌ) يُغيّبُهُ الثََـرَى ، وقَـدِ انْثَنى
قمَرًا وَضِيئًا فِي المَقَابرِ أضْـحى

و(الأخـتُ) تَلْحَقُـهُ كظِـلِّ مَـلائِـكٍ
وَرَقٌ تسَاقَـطَ.. ظَلَّ يبكي الدَّوْحا

(رَمضَانُ) أَوْجَعَهُ الغِـيابُ بِحُرقةٍ
و(الفِطرُ) جُرحٌ راح يُدمي (الأضحى)

يا(جَرنُ) كمْ عِشْتِ الفجَائعَ والأسى
وَبـكِ الـبَـلابِـلُ تسْـتَـثِـيرُ النّـوْحـا

الحُـزنُ يُلْـبِـسُـكِ الجِـرَاحَ بِـنَـزْفِـهِ
والجُرحُ صَاهَرَ في مَـدَاكِ الجُرحا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى