أقلام

كيف ينبغي لنا أن نعلم أطفالنا استخدام وسائل التواصل التنكولوجية؟

بقلم جيني ريدسكي، استاذة مساعدة في طب الأطفال، جامعة ميشيغان

المترجم : عدنان أحمد الحاجي

حينما تظهر تكنولوجيا جديدة، فإنها تخل بالقيم والروتين والسلوكيات. هذا يعود الى ما قبل استبدال الروايات الشفوية بالمطبوعات أو استبدال المحادثات (النقاشات) الشخصيةالحضورية بالتلفون، ولكن من الواضح اليوم انها أصبحت من عادتنا ان نتفقد هواتفنا الذكية للإشعارات والرسائل . الأطفال الذين يكبرون وهم يتوقعون ألعاب فيديو ذاتية التشغيل ونعطيهم هواتفنا حين نريدهم أن يكونوا هادئين .

قلق الإنسان بشأن هذه التغييرات قد يستغرق سنوات قبل أن يحسم، نحن نتعلم ببطء كيف نتحكم في التكنولوجيا لتتوافق مع قيمنا واحتياجاتنا، بدل أن نكون تحت ارادتها. مع تسارع وتيرة تطوير المنتجات والخدمات الرقمية الجديدة، وأولياء الأمور لا يخفون خشيتهم من الشعور بالضغط الشديد. فهم يخشون من عدم مواكبتهم للفوائد التي ربما تحملها التكنولوجيا في جعبتها لأسرهم، ولكنهم لا يثقون تماما بأن الأجهزة الإلكترونية والتطبيقات مصممة أو مسوقه حسب رغبات أبنائهم

تعودنا نحن الأطباء ان نحث أولياء الأمور على الحد من استخدام أبنائهم لوسائل التنكلوجيا وهم تحت سن الثانية من العمر، وقصر استخدام الأطفال لها على فترة ساعتين في اليوم، على الأكثر. لكننا توصلنا الآن إلى فهم أكثر دقة للأساليب المختلفة التي يلجأ اليها الأطفال لاستخدام الأجهزة الرقمية. بمراجعة العلوم الحديثة والمقابلات ومجموعات التركيز مع أولياء الأمور من خلفيات متباينة، و خبراتنا السريرية. فنحن الآن نوصي الوالدين باستخدام وسائل التكنولوجيا كأداة تعليمية – وسيلة للتواصل والابداع – بدلًا من مجرد مادة للاستهلاك.

كمختص في طب أطفال السلوكي النمائي، ووالد صبيين صغيرين والمؤلف الرئيسي لبيان السياسة الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال الجديدة المعنون ب “وسائل التواصل والعقول الشابة ،” آمل أن اساعد أولياء الأمور على التأثير على طريقة استخدام التكنولوجيا في بيوتهم بناءً على المثل والقيم الإنسانية.

المبادئ الأساسية التي ينبغي ان نضعها في الاعتبار

بيان السياسة الجديدة هذا يمثل أفضل البحوث الطبية والمنح الدراسية الأكاديمية على وسائل التواصل الإلكترونية وصحة ونماء الأطفال من الولادة وحتى سن الخامسة. بمساعدة موقع يرتبط بتخطيط استخدام وسائل التواصل للأسرة، هذه السياسة تركز على كيف يستخدم أولياء الأمور وسائل التواصل الإلكترونية مع أطفالهم الصغار لتشجيع التواصل الأُسَري والتعلم ومهارات التعلم الرقمي بعدة أساليب:

1. نحن نركز على تعليم الأطفال على أن استخدام وسائل التواصل يعني أكثر من مجرد كونها أداة تسلية. فهي تنطوي أيضا على التواصل مع الآخرين: والتحدث معهم: الدردشة عبر الفيديو Videochatting، على سبيل المثال، لا بأس بها في أي عمر، على الرغم من أن الأطفال في حاجة إلى مساعدة أولياء أمورهم لهم على فهمها. استخدام عظيم آخر هو الابداع والتعلم معًا – السماح للطفل بالتقاط الصور وتسجيل مقاطع الفيديو أو الأناشيد، وكذلك بالبحث حتى عن الأفكار الحِرَفية. نأمل أن يشعر أولياء الأمور بالراحة لرؤية وسائل التواصل الرقمية أداة لتلبية الاحتياجات التربوية، وليس للتحكم فينا أو في أطفالنا من خلال اقتصاد الانتباه (وهو الاقتصاد الذي يعتبر الانتباه مصدراً من المصادر او التشجيع على التعلم من خلال استخدام تصميم ألعاب الفيديو و عناصر اللعبة في البيئة التعليمية).

2. بالنسبة للترفيه، نحن نوصي بمنتجي محتوى موثوق بهم، كبرنامج افتح يا سمسم التلفزيوني للأطفال وبرنامج التلفزيون العام (للحكومة في الولايات المتحدة الأمريكية)، والذي قام بتصميم تطبيقات متخذًا احتياجات الطفل وأولياء الأمور بعين الاعتبار. وهناك أيضا مواقع انترنتية فيها معلومات عن وسائل التواصل الرقمية تجيب على الأسئلة التربوية.

3. نحن نوصي بوجود مساحة خالية من الأجهزة الرقمية في أوقات متفرقة من اليوم الواحد بحيث يكون هناك وقت ليلعب او يتحدث أولياء الأمور مع أطفالهم بدون وجود الهاءات أخرى أو الاحساس بالحاجة إلى القيام بمهام متعددة.

4. طلبنا من أولياء الأمور تفقد التطبيقات ومشاهدة مقاطع الفيديو مع أطفالهم لتحديد ما إذا كانت تناسب مزاج أطفالهم بشكل جيد، لا أن يترك الخيار للأطفال ليقرروا ما يريدون. فأولياء الأمور هم أفضل من يقرر ما إذا كان التطبيق أو مقطع فيديو معين مناسبًا لمرحلة النمو والمعرفة الحالية للطفل.

5. على أولياء الأمور الاّ يشعروا بالضغط بأن عليهم أن يدخلوا التنكلوحيا مبكرًا في حياة أطفالهم من أجل للحصول على ميزة تنافسية. فالاطفال لديهم الوقت الكافي للحاق بهذه التنكلوجيا عندما يكبرون أو حين يبدأون المدرسة. ولكن، إذا كان أولياء الأمور يريدون إدخال وسائل التواصل مبكرًا في حياة اطفالهم، حيث لا يجدون بداً من ذلك، فنحن نوصي بأن تكون أعمارهم لا تقل عن ١٨ شهرا. في هذا العمر، فإنه من المهم أن نلاحظ انه ينبغي على أولياء الأمور أن يلعبوا أو يشاهدوا جنبًا إلى جنب أطفالهم لأنه قد تكون هناك فوائد تعليمية لهم، كتعلم كلمات جديدة. وخلاف ذلك، فإن مجرد جهاز تلفزيون محمول أو دمية الفعل ورد الفعل cause and effect toy بديل جيد لجهاز التابلت غالي الثمن .

القيود الزمنية والقوانين تبقى هامة

ما زلنا نوصي بقيود زمنية (ساعة واحدة لاستخدام وسائل التنكلوجيا الترفيهية في اليوم – والتي لا تشمل الدردشة عبر الفيديو videochatting، والتقاط الصور، واستخدامها مع أولياء الأمور لتكون أداة تعليمية وما شابه ذلك)، وقوانين، وذلك لعدة أسباب. أولا، أطباء الأطفال يُدربون على مساندة الاطفال، مما يجعلهم حامين طبيعيين لهم. في عملنا اليومي مع العائلات في العيادات، نرى الأطفال يعانون من صعوبات في النوم، والسمنة والمدرسة والعلاقات أو السلوك الذي يبدو أنه يتتشابك مع وسائط التواصل المسببة للمشاكل..

نسمع أولياء الأمور يطلبون منا توجيهات ملموسة بشأن الدور الذي قد تلعبه الأجهزة الرقمية في حياة أسرهم. يريدون أن يعرفوا ما الذي يمكنهم أن يسمحوا لأطفالهم بمشاهدته وما مقدار ذلك. يسألون عن كيف يتأكدون من أن أطفالهم يمكن أن يكونوا حذقين تكنولوجيًا دون أن ينتهي بهم ذلك إلى حيث يفضلون فيه ويختارون اللعب بالأجهزة الرقمية إلى درجة يستبعدون فيها الأنشطة الهامة الأخرى.

يخبروننا أولياء الأمور بأنهم لا يريدون أن تلقم الوسائط الانترنتية أطفالهم بالمعلومات. بالإضافة إلى ذلك، فإنهم يشعرون بالقلق بشأن التطبيقات التي تحدد أفكار اللعب لأطفالهم. ويريدون المساعدة في إيجاد أنشطة بديلة لتشجيع الإبداع والمثابرة والمهارات الادراكية والاجتماعية والعاطفية التي يحتاجها الأطفال لينجحوا في المدرسة .

بشكل عام، لا يزال البحث يثبت أن الاستخدام المفرط لوسائط التواصل مقترن بنوم سيء واحتمالات مرتفعة للإصابة بالسمنة ومخرجات نمائية ضعيفة، مثل ضعف في الوظائف التنفيذية (“المتحكم في” دماغنا الذي يساعدنا في التركيز والتحكم في الاندفاعات والتخطيط) ، لذلك نريد من أولياء الأمور أن يعطوا لأولوية للعب الاجتماعي وغير المنظم والخالي من الأجهزة الرقمية قدر الإمكان ..

لا يزال أولياء الأمورهم هم من يؤولون ما يجري في المحيط للأطفال. إذا لا بد أن يكبر الأطفال بمفهوم صحي لماهية الأجهزة الرقمية وكيف يستخدمونها بفعالية وإبداع ولطف، فنحن بحاجة إلى تعليمهم ذلك. هذا يعني أن نوجههم مباشرة ونكون قدوة لهم بسلوكنا منذ البداية. الهدف على المدى الطويل هو تربية أطفال يروننا، نحن كأولياء أمور، موجهين عندما يواجهون أشياء غريبة على الإنترنت أو لديهم تفاعلات سلبية على وسائل التواصل الاجتماعي.

نريد تربية أطفال لا يستجيبون للمشاعر السلبية بالتلفظ بها – أحيانًا على حساب الآخرين – عبر الإنترنت، أو الإفراط في مشاهدة مقاطع الفيديو أو الألعاب. نريد تربية الأطفال على عادات نوم جيدة وأبدان سليمة، واهتمامات متنوعة وفضول (حب استطلاع) لما في العالم، أطفال يشعرون بالرضا عن تعلمهم وعلاقاتهم، سواء عبر الإنترنت أو خارجها. نأمل أن تساعدنا إرشاداتنا الجديدة جميعًا – أولياء الأمور والأخصائيين الطبيين والأطفال على حد سواء – في تحقيق ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى