أقلام

الرياح والتيارات

أمير الصالح

في عالم البحار يتعلم الغطاسون أهمية الرؤية و الامور المؤثرة على صفاء الرؤية و بيئات الغوص المختلفة في البحار و الخلجان . و في الغالب ، الرؤية تحت سطح الماء تتراوح بين صفر و الستين متر افقيا . و يُنصح الغطاسين لا سيما المبتدئون منهم بعدم خوض تجربة الغوص عندما تصبح الرؤية منعدمة او شبه منعدمة . و هناك قاعدة أساسية في فنون الغطس في المياه المفتوحة تقضي بانه يجب على كل غطاس الوصول الى زميله في غضون ثانيتين حتى لو كانا في مياة بحر صافية اي عدم مفارقه الراشد له . و هو اجراء من ادنى مستويات الحذر . لطفا راجع القسم الثالث ” كيف تكون غواصا – الجزء الثالث من كتاب تعليم الغطس لجمعية محترفي الغطس PADI .

الغوص في عالم الفضاء الالكتروني المفتوح يمارسه الاغلب من الناس صغار و كبار دونما ادنى مستويات الحذر و دونما اي قاعدة اساسية للسلامة الذهنية و النفسية و التربوية و الروحية و الاخلاقية الا ما حفظ ربي ممن وضع لنفسه خطوط حمراء قبل الولوج في الانترنت و التزم بها و روض نفسه الالتزام بها . الا ان اساليب العروض المثيرة و الاغواء الملفتة و التفتيت المستمر للارادة المتنوعة ، تجعل الكثير من الناس لا سيما الشباب و الصغار تحت ضغوط متواصلة قد تنتهي بان يكون بعض المتصفحون ضحية في البداية ثم جاني في مرحلة لاحقة من انغماسه في فضاء الرذيلة الالكتروني . و لذا لا بد من مرشد راشد و متابع آمين على ما يتصفحه الابناء حتى لا يغرق في بحور آسنه من التحلل او التطرف او الاجرام .

في الرؤية تحت الماء تكون المؤثرات التالية :

١- حركة تيارات الماء

٢- الطقس

٣-نسبة العوالق في الماء

وفي العالم السيبراني حيث تمدد فضاء الانترنت ، تكون المؤثرات و التيارات و تجاذبات القوى المختلفة هي محل تسويق ايدلوجيات العالم المختلفة و المعروفة حتى يومنا هذا . ما يزيد مستوى انعدام الرؤية في عالم الفضاء الالكتروني بالذات لذوي الخبرة الضحلة هو طغيان مستوى العوالق في الفضاء الالكتروني و تعدد اتجاهات مصادر المعلومات . فمن الملاحظ ان معظم الدعايات و البانرات الجانبية تشد انتباه و فضول الاطفال و الشباب الى بحور آسنة حيث المجون و التطرف و البغاء و تزيين الشهوة و ترويج الاحلام الوردية و الصداقات المنحرفة.

ما يجعل معظم الاباء الاوفياء قلقا على ابناءهم لاسيما مع وجود مصادر متعددة تغذي السلوكيات من جهة و عدم وجود ضمانات كافية من عدم تلوث أفكار الابناء طريي العود او تاثرهم بتيارات تمجد سلوكيات منحرفة من يسارية أو يمينية متشددة . و ما يجعل الأنسان واقفا على اطراف اصابع قدميه هو رصد تزايد اعداد الفتيات المنزلقات في ترويج مفاتن انوثتهن الخاصة على الملأ العام دونما خشية من مجتمع أو ارتداع من قانون .

منذ فجر تحرير سوق الإتصالات و ترك الانترنت مساحة مفتوحة للجميع ، زادت رقعة التحديات التربوية و الاخلاقية و الاجتماعية بشكل متسارع من جهة كما اتاحت فرص جميلة و خلاقة و مبدعة من جهة اخرى. الا ان ما يحز في النفوس ، انه اضحت دعايات الترويج للانضمام فضاءات و قروبات صداقات غير عفيفة و التعرف على مجاميع منزوعة الاخلاق و كثيرة الاجرام تتم ب ضغطة زر واحد فقط من مراهق او طفل داخل غرفته بداخل بيت والده . و قد يقتله فضوله curiosity kills cat دونما حساب منه لعواقب الأمور .

في الختام ، في الوقت الذي توارت او خفتت المطالبات بتفعيل حظر أو حجب المواقع السيئة لكثرتها من جهة و بسبب تمدد تبني استعمال الانترنت عبر القارات و التجارة الالكترونية و التعليم من – بُعد و التداول للسلع و تزايد اطلاق مواقع و تطبيقات متجددة بشكل متسارع، اضحى لزاما ان “ما لا يُدرك كلة لا يترك جله “. و المشاركة من اهل الوفاء في خلق محتوى جيد و فعال يساهم في تقليل انزلاق الاجيال الصاعدة نحو ما لا نوده و خلق حيز فضاء افتراضي ذو محتوى قيم و عصري و نهضوي . الى جانب ذلك ، لابد من الالتزام بتوجيه الابناء و مصاحبتهم و حسن التودد لهم لتبيان الفضائل و غرس المفاهيم الصحيحة و تحصينهم من الفيروسات الفكرية الهدامة و المنتشرة في عالم الانترنت .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى