بشائر المجتمع

(معيّة الصادقين) بحث مختصر على منبر الشيخ الصنابير

آمنه الهاجري: الدمام

قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) التوبة/119

 ذكر الشيخ هاني الصنابير أن القرآن الكريم إذا أراد أن يُلحق شخص بفئة أو جماعة ما ويكون تابعًا لهم؛لكونه لا يستطيع أن يتصف بصفات هذه المجموعة لوجود كمالات ومزايا خاصة بهم، يأتي بمفردة (مع) كقوله تعالى: (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَفَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ). مشيرًا إلى أن إذا كانت المعيّة والمتابعة حقيقية، يقول القرآنلهم: (وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا).

جاء ذلك بمحاضرته (معيّة الصادقين) بمجلس المدلوح بمدينة سيهات ليلة السابع من شهر محرم الحرام.  

وأفاد بأن القرآن يأتي بمفردة (من) عندما يجعل شخص جزء من كُل لقوله تعالى: (فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ)، مبينًا أن صفة المهتدينبالإمكان أن يحملها أي شخص ويتصف بها، فيأتي القرآن بمفردة (من) فتكون جزء منهم (فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ).

وقال الشيخ الصنابير:ويترتب على هذا التفريق بين مفردة (من) و(مع) أن القرآن يقول للإنسان أنت تستطيع أن تكون تابعًا للصادقين ولاتُسمى صادق؛ لأن الصادقون لهم كمالات ومزايا الله تعالى اختصهم لنفسه فصاروا من الصادقين، ولأن هذه المفردة لا تُعطى إلاللمعصومينعليهم السلام، حيث يصف القرآن نبي الله يوسف (ع): (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ) ويقول عن نبي الله إبراهيم (ع): (وَاذْكُرْ فِيالْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا)، ويصف السيدة مريمعليها السلامكذلك بصفة الصدق لأنها وصلت إلى مرتبة العصمة (وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ)،فكل هؤلاء الصديقون لهم مراتب في الصدق.. وهناك من يتفوق على هؤلاء عدا النبي (ص) والسيدة فاطمة الزهراء جاء في الروايات أنها(الصديقة الكبرى)“.

وتحدث في معنى الصدق أنها الصلابة والشدة، فعندما يكون الكلام مطابق للواقع يكون له صلابة وشدة، لذلك في مقابل الصدق الكذب وهوما ليس له واقع ولا حقيقة.، كما أن مفردة الصدق لا تختص بالقول والكلام بل هي أوسع، فهي تشمل الأفعال والاحاسيس والمشاعر.

 وأبان مستدلًا بمفردة (الصادقين) الواردة في الآية الكريمة (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) وعلاقتها بالإمامة، بأنه عندما يتابع شخصٌ آخر نُطلق عليه(تابع ومتبوع) أو (مأموم وإمام) كأتباع المكلف الإمام في صلاة الجماعة، وعندما يتابع المكلف شخص ما في كل شيء من قول وفعلومشاعر فهذا هو الإمام المعصوم.

وأوضح الشيخ الصنابير أن مفردة الصادقين في الآية الكريمة:  {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} تكشف عن العصمة، منوهاً إلى أن  علماء النحو يشيرون إلى أن حذف المتعلق يفيد العموم، استناداً إلى قوله تعالى: (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)، كما أفاد بأن متعلق العطاء في الآية محذوف، فماذا أعطى الله نبيه (ص)  ليُرضيه؟ وأيضًا حذف المتعلق من آية الصادقين، فأتت (صادقين) مطلقة غير مقيدة، والصدق يشملالأفعال والأقوال، ولا يوجد صادقٌ في قوله وفعله غير المعصوم عليه السلام.

وقال:ولكن هناك رجل سار مع المعصومين واتبعهم في الأقوال والأفعال ولم يُخطأ بشهادة الإمام الصادق (ع) في زيارته لأبي الفضلالعباس: (وَرَفَعَ ذِكْرَكَ فِي عِلِّيّينَ، وَحَشَرَكَ مَعَ النَّبِيّينَ وَالصِّدّيقينَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحينَ وَحَسُنَ اُولئِكَ رَفيقاً)“.

ومن جانب مفردة (عِلِّيّينَ) فقد فسرها الشيخ بأنها أرقى مكان في السماء السابعة، ذاكراً بأنها تفسر  أيضًا بأنها أعلى مرتبة في جنة اللهتبارك وتعالى، وأن هذه المكانة العالية أُختيرت لأبي الفضل العباس مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، مشيرًا إلى أن مفردة(الشُّهَداءِ) في الآية تُحمل على من وقفوا على أعمال الخلائق في عالم الدنيا ويشهدون على أعمالهم في يوم القيامة، وهم محمد وآل محمدصلوات الله عليهم فهؤلاء هم الشهداء والصالحين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى