أقلام

علاقة الانسان بأرضه فلسطين

فاطمة الشيخ محمد الناصر

بين الانسان وأرضه علاقة وثيقة، فمنذ القدم نجد الكثير من النزاع البشري القائم على توسيع الرقعة الجغرافية لأرضه أو الحفاظ عليها من أي غارات خارجية، فالأرض التي وُلد عليها واحتوت حضارته وتاريخه وصنعت هويته تصبح جزء لا يتجزأ من كيانه، ومن هنا تبتدأ عملية العلاقة في تجذرها ويتمسك الانسان بأرضه ويعمرها ويطورها وينطلق من خلالها يؤسس الأفكار والمشاريع ويبني العلاقات الداخلية والخارجية وفق استراتيجية تنموية.

من جانب الآخر تعرضت بعض الأراضي لسلب ثرواتها واستعباد شعبها الأصلي كما يشهده التاريخ للهنود الحمر والدول الأفريقية، كما يستعرض التاريخ خلال العديد من صفحات الكتب مشاهد تراجيدية مما تعرضوا له من العنصرية والابادة وطمس حضارة وغيره، ومن هذا السياق التاريخي يصادفنا 29 نوفمبر اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، لا يخفى على القارئ الحصيف ما يمر به الفلسطينيين في الوقت الحاضر وسابقا من شراسة العدوان الصهيوني من قتل وسلب للحقوق والكثير، لكن قد يخفى على البعض كيف تم نهب الأراضي الفلسطينية بمخطط صهيوني حذق، ومن خلاله روج الصهاينة أن الفلسطينيين هم باعوا أرضهم وتخلوا عنها، لذلك قد يتصور البعض أن هذه الشائعة حقيقية من غير معرفة الأسباب السياسية من ترويجها.

الوضع الذي مرت به فلسطين خلال الانتداب البريطاني، يبين حالة معينة للمجتمع الفلسطيني والذي لوحظ من خلاله بيع الاراضي أو رهنها بسبب التقلبات الحادة في الأسعار وحالة الفقر الذي يجتاح المجتمع يضطر الفلاحين من الاقتراض من المرابين اليهود ورهن مساحات كبيرة من الأراضي، ويذكر د.أكرم حجازي الوضع الذي عانى منه الفلاحين الفلسطينيين “لما غرق الفلاح في الديون وتعذر عليه تسديدها جاء دورة الحكومة والضغوط الاقتصادية فرُفع الحظر عن انتقال الأراضي وتشكلت محاكم الأراضي كي تأمر ببيع أموال غير منقولة وفاء للرهن، وبدأ توجه الفلاح نحو السماسرة والمرابين الخيار المتاح له حينذاك”.

أصبحت مساحات كبيرة من الأراضي بما تحتويه من ثروات ملكا لبريطانيا والتي كانت تعمل على استحداث بنية قوية لإقامة المجتمع اليهودي في فلسطين، فيقول حجازي “فمكنت الرأسمال اليهودي من السيطرة على الهيكل التحتي للاقتصاد الفلسطيني بحيث أدت سياسة منح الامتيازات إلى انهيار شبه كلي في الاقتصاد العربي في فلسطين، ويشار في هذا السياق أن رؤوس الأموال التي احتكرت الامتيازات الممنوحة للمؤسسات والشركات الصهيونية الرأسمالية بلغت نحو 90% من مجموع رؤوس أموال كافة شركات الامتياز في فلسطين” وهذه الخطوة تمنح اليهود القدرة على الاحتجاج واتهام وكالة الانتداب بالتحيز للعرب وهو ما يخالف البند السادس من صك الانتداب كما يدعيه اليهود وهي علة يفتعلونها للحصول على المزيد من الأراضي التي يمتلكها البريطانيين.

يبدو أن اليهود استغلوا طيبة وعفوية الشعب الفلسطيني “فقد شرعت المؤسسات اليهودية في شراء ما ترغب من الأراضي الرملية أو المتروكة أو الموات غير المستغلة، باستعمال تعبير انقاذ الأرض”، هذه التحركات لم تحدث أي جلبة بما أنها لم تمس أحدا بضرر ولم تمس مصالح الناس، كما أن وكالات الاستيطان استهدفت ذوي الجاه والنفوذ والجاه لشراء الأراضي دون الانتباه او استشعار كثرة الوسطاء والسماسرة المرابين الذين كانوا يلقونها في أيدي اليهود، وحين الانتباه وافتضاح تلك الخطط وقيام الاحتجاج من الفلسطينيين تحرك المرابين وافتعلوا الفتنه بين فئات المجتمع ضد المالك الأول.

تلك بعض المراحل التي مر بها الشعب الفلسطيني ضمن خطط صهيونية ممنهجة أدت إلى اقتلاع الأراضي من أصحابها وجعلهم في وضع المغترب في وطنه، واتهام الكثيرين ببيع وطنهم للصهاينة، وهذا ما أشيع له بين العرب!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى