أقلام

يقرأ عليّ المطوع

 

إيمان الموسى

وبعد بحث طويل عن شقة الأحلام الملائمة لتطلعات الأسرة، وتكبد عناء مصاريف الشحن للأثاث، والتعب المضنى لترتيب الشقة، وبداية الفرح والسرور بمنزل جديد، واستقبال التبريكات من الأهل والأصحاب. إذ طرق الباب الجار السعيد!! وبعد السلام قال: (لو سمحتو الأصوات عندكم عاليه صغرو أصواتكم)، تفاجأ صاحب البيت لهذا الطلب! فهي لم تكن بداية جيدة من جاره الذي توقع أن يزوره ويبارك له السكن. فقال له: أبشر سأسكت الضيوف لأجلك. وبعد عدة أيام طرق الباب الجار مرة أخرى، وطلب من صاحب البيت أن يغلق النوافذ حتى لا تنتقل رائحة البصل والثوم ويشمه! فقال له: حسنا سأغلق نافذتي القريبة منكم.

وبعد أيام طُرق الباب وإذا بالجار أخرج جواله وفتح تسجيلا به صوت أحاديث ضيفات زوجة صاحب البيت!! وقال إني أسمعهم وكأنهم عندنا في بيتنا! فاحمر وجه صاحب البيت غيظا ولم يرد جوابا، ومشى وأغلق بابه. وبعد أيام أخرى اتصل الجار وقال لصاحب البيت: (لو سمحتو لدينا مريض ولا نريد أن نسمع قهقة أو ضحك منكم. احتار صاحب البيت في أمره وبدأ يسأل جيرانه عن ذلك الجار فأجمع الكل بأنه دائم الشكوى. وبدلا من تبادل الود والسلام مع الجيران فهو لا يتكلم إلا بالشكوى.

ففكر ثم فكر في هذا الجار الذي سيمضي حياته بجانبه في هذه الشقه التي اشتراها ملكيةً، في اليوم التالي اتصل الجار ليبدأ الشكوى، فبادره صاحب البيت قائلا: لأجد إلا حلا واحداً!! أن تغلق جميع نوافذكم بأسمنت حتى لا يصلك شئ من الجيران. فرد جاره الشكاي: ماذا تقول؟ إني أسكن وزوجتي هنا بهدوء لوحدنا، وليس لي أبناء، وتريدني أن أغلق نوافذي فلا نرى أو نسمع شيئاً! هنا طأطأ صاحب الشقة برأسه وقال: (إذا عرف السبب بطل العجب) ولكن ماذنبي أنا !؟ وتركه ومشى ورجع إلى شقته الجديدة، ونظر إلى جدرانها المصبوغة حديثا بألوان بهيجة، وسقفها المجمل بالجبس المختار بعناية فائقة، وأرضيتها التي وضع فيها خشب الباركيه، والإنارات الجدارية، ولمسات جمالية هنا وهناك.. إنه لم يمضِ شهرا منذ أن انتقل لهذه الشقة ودفع فيها أمواله، ثم رفع رأسه للأعلى. فزفر أنفاسه حارة، وشعر بقشعريرة في جسمة.. وتدثر بلحاف.. وقال أحضرو لي المطوع ليقرأ عليّ!

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. ياساتر يارب

    الله لا يبلانا

    بس استغربت كيف يكون صوت الحريم واضح في بيت جاره بحيث قدر يسجله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى