أقلام

وجبة ماء

د. علي القضيب

لا يكفي أن نملك الأشياء كما لا يكفي ان نعرف الأشياء، ولكن آن نعيش الأشياء فهذا أمر مختلف وله طعم آخر. نحن نأكل ثلاث وجبات يوميا فطورا فغداء وعشاء لان الساعة البيولوجية في أجسامنا تقودنا إلى ذلك ناهيك عن برمجة العقل لها في اللاوعي.

نوعية الأكل وطريقة الأكل والتفكير الواعي اثناء الاكل وفي الأكل بأمانة هو ما يعطي للأكل قيمته ومتعته. فالقيمة المادية للأكل من بروتينات وفيتامينات ونشويات أكيد لها فائدة كبيرة في بناء الجسم وانتاج الطاقة وتجديد الخلايا، ولكن تبقى روح الأشياء في الأشياء فأين هي؟

هل سألت يوما لماذا انت تأكل بهذه الطريقة وعلى هذه الكيفية وبهذه السرعة وفي هذا المكان وهذا النوع من الأكل؟

الجواب كل افعالك تم برمجتها وتثبيتها في عقلك وتم تشفيرها بسبب تكرارها فأصبحت عادة وجزء من سلوكك ونمط لشخصيتك لأنك أصبحت تؤديها بكل يسر وسهولة دون أي إجهاد وهذه روح الاشياء. هل حان الأوان لتحديث بعض هذه البرمجيات بما يتناسب مع سنك والعصر الذي تعيش فيه.

تعال معي …!

هل جربت أن تشرب الماء كما لو كانت وجبة من وجباتك ولو بنحو الفضول مصداقا لقول الحق سبحانه، ” وجعلنا من الماء كل شيء حي”.

خذ كأساً من الماء واتخذ مقعدك وتناوله وسمِ “باسم الله” وخذ رشفةً منه وتوقف – خذ نفسا ببطيء وعاود شرب الماء مرة أخرى، ولكن وفي كل مرة تلذذ بشرب الماء واستشعر ماذا يحدث في جسمك وأعضاءك الداخلية.

هذا المزيج من الماء والاكسجين عندما يزور خلاياك يعمل على ري الخلايا وبالمقدار الذي يسعدك فهو يسعد خلاياك

الكل يفرح، القلب يرتاح والرئة تزداد كفاءتها والدماغ يُرطّب والمزاج يتغير ويتحسن – فقد تكون وجبة الماء هذه هي الانطلاقة الأولى لتحديث برامج اللاوعي عندك.

كن ممتن لنعم تلفك.

إذا لم تعرف قيمة وجبة الماء هذه، اذهب الى المستشفى وسترى من يتمنى أن يكون بمقدوره شرب الماء.

كم من النِعم التي تحوطنا ونحن لا نستشرها.

لذا متى ما أيقظت نعمة الامتنان لخالقك في ابسط الأشياء أصبحت أكثر سعادة وأغنى عُقبا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى