أقلام

الدورة الأخلاقية

 

مصطفى العلي

مما ورد في خطبة الرسول الأعظم صلى الله عليه واله في اخر جمعة من شهر شعبان واستقبالا لشهر رمضان قوله “أَيُّهَا النَّاسُ! مَنْ حَسَّنَ مِنْكُمْ فِي هَذَا الشَّهْرِ خُلُقَهُ، كَانَ لَهُ جَوَازاً عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الأَقْدَامُ”… والمتمعن والمتدبر للخطبة وماورد فيها يأخذ الدروس والمواعظ ممن كان “خلقه. القرآن”، وشهر رمضان بمايحويه من القيم والمبادىء والعبادات النبيلة ، يعتبر مدرسة اخلاقية تمكٌن الصائم الحقيقي من التزود من الكمالات الأخلاقية الفاضلة التي يسير من خلالها وعلى ضوئها في مسيرة الحياة المادية…. والرسول الأعظم صلى الله عليه واله وبالرغم من تأكيداته على أهمية العبادة في شهر رمضان فانه لفت الأنظار والاهتمام على “الخلق”، كون الاخلاق الحسنة احدى مظاهر العبادة وهي تمثل روح العبادة التي تنعكس على السلوك الخارجي وعلاقة الانسان مع غيره… والتساؤل الذي يطرح نفسه هو لماذا نلاحظ بعض الصائمين وهم يتعاملون مع الآخرين سواء في نطاق الاسرة او مع من يتعاملون معهم بضيق الخلق، والإجابة المختصرة تتمثل في التعامل القاصر مع الصيام في حدود الأكل والشرب فقط دون التعامل الشامل والشمولي لمفهوم عبادة الصيام التي تحتوي على الجوانب الروحية والجسدية والسلوكية… وعليه يلزم عليّ كصائم ومن اجل الحصول على الغايات المنشودة من الصيام:

– استشعار ارتباط شهر رمضان بالله تعالى كونه “شهر الله” وقد اكتسب عظمته من نسبته لله تعالى، فعليٌ استشعار ذلك طوال فترات شهر رمضان
– الكثير منا يقصِر الصيام على الامتناع عن الأكل والشرب، وهذا وإن كان من الجانب الفقهي يحقق المطلوب فهو يعتبر فهما ناقصا للصوم كون الصيام يشمل الجوارح والجوانح اللذين بهما يتحقق الصيام النبوي
– الصيام الواجب عبادة موسمية تتكرر في العام مرة واحدة، يختزل في مضمونه عناصر البناء الإنساني التي تُحيي الانسان بالقيم والفضائل الروحية والأخلاقية التي يغفل عن الاستفادة منها واستثمارها الكثير من الناس.

وقفات سلبية للتأمل الأخلاقي:

– حينما تتأخر الزوجة/ الأم في إعداد وجبة الافطار يلاحظ التصرف السلبي المصحوب بالصراخ وربما الألفاظ النابية تجاه الزوجة/ الأم متناسين انها صائمة مثلهم ، فبدلا من الغلظة في الأخلاق ألا يستحسن الصير وإيجاد العذر لها !
– الموظف الذي يعمل في وظيفة يتعامل من خلالها مع مراجعين . ألسنا نلاحظ الجفاف في التعامل او العبوس من الموظف او المُراجع وكأنما للصيام مفعول عكسي على سلوكياتهم وتصرفاتهم.
– السائق حينما يقود سيارته وخصوصا قرب وقت الافطار يقوم بسلوكيات لاتتناسب مع القيادة الوقائية/ السليمة متخذا من الصيام مبررا للتجاوزات وربما التجاوز او التعدي على الآخرين .

التعامل الأخلاقي مع المواقف المذكورة والكثير من المواقف الأخرى، يجسد حسن التزامي بوصية الرسول الأعظم صلى الله عليه واله لأجسد عمليا سلوكي وتعاملي على ضوءها ووفقا لارشاداته.

وانطلاقا من وصية الحبيب المصطفى صلى الله عليه واله، أليس من الحريّ بي أن أستفيد من هذه الدورة الرمضانية المكثفة لإعادة النظر في أخلاقياتي وسلوكي والعمل بجد على تشذيبها وتهذيبها من اجل تغييرها إيجابيا لأحصل على ماوعد به الحبيب المصطفى ولتكون لي مددا لما بعد شهر رمضان ، فالصيام يعينني على تحسين خُلقي كما يعينني على تقوية إرادتي في الامتناع عن الأكل والشرب وغيرهما من المحرمات مع توفرهم لي طوال فترة الصيام.
فعلي إذاً أن أقيم سلوكياتي وأخلاقي خلال هذا الشهر ومابعده من الأشهر وأشكر الله تعالى على ماحققته من حسن أخلاق وادعوه ان يهَبْ لِي مَعالِيَ الأَخْلاقِ.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى