بشائر المجتمع

العلامة السيد علي الناصر .. إمام البصيرة 

كمال الدوخي

إن كنت لم ترَ أولياء الله وسمعت بسيرتهم على المنبر ومن الكتب، إن كنت لم تحظَ بلقاء أئمة الأمة الإسلامية وقادتها الذين سطر التاريخ مقالاتهم وأفعالهم، فيكفيك أن تنال شرف لقاء سماحة العلامة السيد علي السيد ناصر السلمان لتستشعر أن ما يقال عن قدسية بعض أولياء الله حقيقة وليست عاطفة.

هذا الرجل الذي كان ومازال مقصداً تهوي له قلوب أبناء مجتمعه لعقود من الزمن. أينما حل وأقام؛ الْتفَّ حولهُ من عرف قدره وأخذ بأيديهم وأخذوا بيده، وقصدته الوفود من كل البلدان والمدن لترتوي بعذب لقائه.

 لعل كاتب هذه السطور جُرحت شهادته في سماحته منذ الصغر، منذ ورث حب السيد أباً عن جد، رحم الله الجد الحاج طاهر بن علي الدوخي الذي قضى نحبه وعدد من وجهاء بلدته وهم في طريقهم لزيارة سماحة السيد علي الناصر، تلك الزيارة التي كانت فريضة سنوية مستمرة في كل مناسبة وعيد لم تنقطع، لكن الأقدار شاءت وهم في طريقهم إليه بذلك الحادث المشؤوم عام 1419 هجري.

سماحة السيد علي الناصر يتمتع بكاريزما المصلح والملهم، لا تملك أمام تلك الشخصية إلا أن تعترف بقيمتها وفضلها ولا سيما أبوته الروحية التي جعلته محط ثقة مجتمعه وكل من عرفه.

في كل بقعة من بقاع المنطقة اجتمع الأحسائيون فيها خارج أحسائهم، لم ينمُ مجتمعاً ويصبح كتلة متماسكة ومتعاضدة إلا في البقعة التي وجد فيها هذا الرجل العظيم، فلا شك أن الفضل له بعد الله.

 إن ما قام به السيد علي في خطوة إنشاء مركز السيد علي السلمان للفحص الشامل والمبكر للأورام كانت خطوة مشجعة لمشاريع مشابهة من كافة شرائح المجتمع الشيعي بالقطيف والدمام، والأحساء قريباً بحسب ما علمت، والذي تجاوز 75 مليون ريال من أبناء المجتمع لمجتمعهم ووطنهم.

وآخرها الاتفاقيات التي وقعت بحضور أمير المنطقة الأمير سعود بن نايف هذا الأمير المثقف والخلوق والذي يقدر الرجال حق قدرها، وبحضور وزير الصحة وعدد من مسؤولي وزارة الصحة من القطيف والدمام، وقبلها بأيام مساهمة الشيخ محمد العبيدان في تجهيز طوارئ العيون في المستشفى المركزي بالقطيف، والذي أكد لي بأن خطوته تأتي تأثراً بخطى سماحة السيد علي.

التأسيس لمرحلة جديدة:

السيد علي بخطوته الجريئة بإنشاء مركز الفحص الشامل أصبح قبطان لمرحلة جديدة ولعلاقة مختلفة بين المواطن “الشيعي” ودولته ليؤسس لمرحلة تغيير لقناعات بعضهم، من الذين أرادوا للمواطن الشيعي في دولته أن يعيش كمغترب تحاول أن تتناوله جهات عدة، لخدمة مشاريعها سواء من خلال أمواله أو قناعاته وأفكاره أو دمائه؛ لتخلق مبادرة السيد ثقافة الشراكة بين المواطن ووطنه، وتعيد صياغة نظرة المواطن “الشيعي” لوطنه التي تعرضت للتشويه من أطراف عدة.

قناعة السيد علي بضرورة أن يكون المواطن الشيعي مواطناً فاعلاً لخدمة دينه ووطنه مكنته من أن يكون موضع ثقة غالبية الشيعة، ودفع مقابل ذلك ثمناً باهضاً من التشويه والإساءة له؛ فبصيرته التي عهدناها منه وحفظ السماء لمنهجه، حفظته من كيد الكائدين وحفظت كل من ارتبط بمنهجه.

المنهج الثابت:

مرت منطقتنا بعواصف الربيع العربي، ودفع الجميع ثمن هذا الربيع، وحان ميعاد الاستفادة من التجربة. لم تنفع من قتل في هذا الربيع ومن سجن ومن دمرت منازله وشرد من وطنه ومات في البحر وعلى سواحل أوروبا لا مزايدات الأحزاب ولا الساسة ولا تجار الدم، ولا منظمات حقوق الانسان: التي لا تفتح فاهاً إلا عندما تحركها الجهات الداعمة.

خسرنا سنوات من أعمارنا لنتعلم شيئاً واحداً، “أن دولة مستقرة خيراً مما طلعت عليه الشمس”، وكانت هذه الرؤية في خطاب سماحة السيد علي السيد ناصر ثابتة طوال السنوات الماضية ولم تغيرها الشعارات الفارغة لا في بداية الربيع العربي ولا كل الأحداث التي سبقته ولحقته، لأنها رؤية مرتكزة على ثوابت دينية وفكرٌ نير.

وفي حوادث مختلفة أثبت سماحته أن منهجه راسخ، وأن العواصف لا تغير من ثباته. وفي حادثة الدالوة وحادثة تفجير العنود عرف الجميع أن صمام الأمان كما عهدوه لا تغيره النوازل. وفي وسط ذلك البلاء والنفوس مشحونة، مارس أبوته الروحية لتهدأت النفوس، لا استغلال الناس لأجل المساومة على الدماء. فهو وبعد عقود من الزمن التي قضاها في مدينة الدمام وجد أنه أباً للشيعة والسنة يستقبلهم ويستقبلونه ويحتفي بهم ويحتفون به.

العمق الاستراتيجي:

سرعان ما ينبهر السطحيون ببريق الشعارات، فيركبون موجتها، وكي تكون مصلحاً في مجتمع ما، عليك أن تحافظ على توازنك في أحلك الظروف، ولأن سماحته يملك سمات المصلح، فمن الطبيعي أن يصطدم بالسطحيين باستمرار فهؤلاء لا يرون إلا ظاهر الأشياء، ولكن سماحته يذهب دائماً إلى أبعد مدى وربما تختلف معه الآن ولكنك ستجد صواب موقفه بعد حين.

يجب أن يستفيد الجميع من وجوده وثقة الغالبية به، لنستطيع عبور المرحلة بفكر جديد تصيغ علاقة ليس المواطن الشيعي في السعودية بل في الخليج والدول العربية بأوطانهم. هناك من أحرق كل خطوط العودة وأجد بأن خط العودة الوحيد والباقي هو سماحة السيد علي الناصر السلمان.

هذه الخطوات المباركة التي يتقدم بها سماحته هي محط ثقة المجتمع، مدعومة بسيرة عطرة، وبمحبة ونظرة وقدسية لعمامة الخير التي أينما حلت زرعت الخير وحصدناه جميعاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى