أقلام

الرصيد لا يكفي

رباب حسين النمر

يغص العالم الافتراضي بالعروض الترويجية والحسومات التي لا تتوقف عند حد، وتغري الزبائن باقتناص الفرص، وتخلق لديهم حالة من البحث واللهث عن المنتج الأفضل والسعر الأفضل، وفي هذه الحركة الديناميكية قد تتسلل أيدٍ ملوثة بالمكر والخديعة، تستغل عاطفة الزبون وتغريه بالعروض الوهمية للتحايل عليه وامتصاص ما في رصيده من مال في عمليات نصب واحتيال قذرة.

بدأت القصة من قارورة ماء جذبني سعرها أثناء البحث عن شركات مياه تقوم بتوصيل منتجاتها إلى المنزل عبر قوقل، وعثرت على عرض ترويجي خيالي لشركة مياه مشهورة وذات جودة عاليث: اشتر 10 كراتين، واحصل على خمس كراتين!
أذهلني العرض فبحثت عن الأسعار في الموقع فلم أجدها..
واستعنت برقم تواصل واتساب المرفق عبر الموقع، فزودني المندوب بتفاصيل العرض، وأذهلني السعر المنخفض العجيب فكنت أشبه ما يكون بشخص واقع تحت تأثير مخدر، وتابعت معه بتزويده بالموقع، وطلب المندوب تحويل عشرة ريالات لإتمام عملية البيع.
كانت هذه العملية تتطلب تزويد الموقع برقم البطاقة لسحب هذا المبلغ البسيط، ولم تكد تمضي لحظة واحدة حتى انهالت علي رسائل من البنك بمحاولات سحب مستمرة ومتتالية بمبالغ بدأت بألف ريال، ثم تدنت إلى خمسمائة ريال، ثلاثمائة ريال، مائتي ريال، لأكتشف أن هناك فخًا للنصب قد وقعت فيه، ومن حسن حظي أن الحساب الذي منحتهم إياه لم يكن بداخله غير تلك العشر الريالات، فلم يكن الرصيد يكفي لسحب تلك المبالغ.
ولما اكتشفت بأني كنت سأقع ضحية لعملية نصب واحتيال لولا لطف الله أفقت من غيبوبة إتمام الشراء الخيالي وعدم تفويت العرض، إلى التفكير في الثغرات التي عبرتني وكان من المفترض أن تستوقفني وتلفت انتباهي.
كانت الثغرة الأولى العرض الخيالي الذي لا يصدق، فالعرض مهما كان مجزيا لا بد أن يتوقف عند حد معروف، فالحد المعروف لشركات المياه منح 3 كراتين مجانا لكل عملية شراء عشر كراتين، أما أن. تمنح خمس كراتين مقابل عشرة، فهذا أمر ملفت للانتباه. وتمثلث الثغرة الثانية في عدم تواجد تفاصيل أسعار العرض على الموقع، بل يزودك بها المندوب الوهمي، والثغرة الثالثة هي السعر المنخفض الذي لا يصدق مقرونا بالعرض العجيب، فالحصول على 30 كرتون ماء بسعر 140 ريال عرض خرافي وخيالي!!!!
والثغرة الرابعة هي سرعة التتفيذ، فعادة ما تستغرق شركات توصيل المياه يومين إلى 3 أيام لإيصال الطلب، ولكن المندوب الوهمي أخبرني أن التوصيل يتم بعد ساعة واحدة فقط من تحويل مبلغ إثبات الشراء، والثغرة الخامسة هي مهلة العرض وأن هذا العرض يستمر ليوم واحد فقط ولم يتبق عليه غير ساعات قلائل، أما الثغرة الصاعقة أن عملية الشراء تتطلب رقم بطاقة الصراف وليس حسم المبلغ المطلوب.
كانت العناية الإلهية تحميني، فلم يكن هناك رصيد يكفي لسحب تلك المبالغ وإلا لكنت قد سقطت في فخ النصب والاحتيال ولتم تفريغ جيوبي من المال ولا سيما في موسم تجهيزات العيد.

فالحذر ثم الحذر ثم الحذر من التحويلات وإتاحة أرقام البطاقات للشركات، فالمحتالون محترفون وعلى درجة عالية من الذكاء، ولديهم قدرات عجيبة على المكر والخداع لجذب الضحية، وهذا لا يمنع من وجود ثغرات غبية تفضح عمليات نصبهم واحتيالهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى