أقلام

العملة الرقمية بتكوين

صالح الرستم

السطور التالية هي نظرة تشخيصية للعملة من الناحية الاقتصادية، لعلها تساهم في عنونة الموضوع بشكل أوضح ليزيل عنها الغموض ويسهل معه بعد ذلك الباسها بالحكم الشرعي أو إعادة النظر في الحكم .

العملات الحقيقية المتعارف عليها لدى الناس اليوم هي عملة حقيقية ولها ما يقابلها من الذهب المرصود في سويسرا او ما يقابلها من اصول مالية تملكه تلك الدولة الصادرة لتلك العملة وهي محمية ومدعومة من قبل حكومة تلك الدولة ومعترف بها عالميا ولها قيمة معروفة في السوق العالمي وخاضعة للادارة المركزية العالمية، يعني مسألتها واضحة وجلية .

أما عملة البتكوين فهي عملة افتراضية ليس لها ما يقابلها من اصول مالية وغير خاضعة للنظام العالمي المالي ولا خاضعة للحكومات ولا للادارة المركزية وغير مدعومة، وانما هو رقم مشفر انتجه برنامج بحساب عالي الدقة لا يمكن اختراقه، وفي بدايتها فعلا كان الغموض يحيط بها حتى لدى المحللين الاقتصاديين وكثير منهم تنبأ لها بالفقاعة التي سرعان ما سوف تتلاشى، والفقهاء ايدهم الله محقين في انزال احكامهم عليها، ولكن مع تقدم الزمن اخذت هذه العملة تثبت وجودها وفرض قيمة لها في سوق العالمي كقيمة اعتبارية استمدتها من تلك الميزات التي امتازت بها عن سائر العملات الحقيقية ومن هذه الميزات هو اخفاء الثراء فكثير من الناس لا يريدون للاخرين معرفة ما عندهم، كما تتميز في سهولة وسرعة التحويل الذي لا يحتاج اكثر من ضغطة زر الى اي أحد في العالم دون معرفة اي احد ودون رقابة ودون اي تكاليف ، كما هو الحال في ارسال الايميل الى شخص اخر ، وبسبب هذه الميزات أصبحت مرغوبة لدى الكثير .

وعلى هنا فلا يمكن مشابهة ملكيتها بملكية العملات الحقيقية، الا على نحو حق الاختصاص او ملكية الاختصاص كما هو الحال مع ملكية الايميل او الموقع الالكتروني او ما يسمى بالدومين من قبل المانحين ومقدمي هذه الخدمة، ففي بداية نشأت الانترنت قام الكثير من المهتمين بالمواقع الالكترونية بحجز أسماء مواقع لهم على الانترنت ليس من أجل الاستفادة منه وعرض موادهم عليه وإنما من أجل عرضه للبيع بعد أن يصبح له قيمة اعتبارية لدى من يريد اقناءه، خصوصا بأن هذا الاسم سيكون اسما عالميا لن يتكرر، فعلى سبيل المثال لو حجز شخص عنوان موقع في الانترنت تحت هذا الاسم (www.stc.com) وجاءت شركة الاتصالات stc متأخرة وتريد عمل موقع الكتروني لها بهذا الاسم ووجدته محجوزا وهي تريد هذا الاسم، فعندئذ ستضطر بالتفاوض مع صاحب هذا الموقع للتنازل عنه مقابل سعر معين، وبما أن المالك الاول لهذا الاسم له حق الاختصاص او ملك اختصاص يحق له حينئذ التنازل للآخر مقابل سعر معين ولكن بشرط أن تكون هذه المعاملة تحت مظلة القانون .

فهل يمكن للشارع المقدس اعتبار رقم البتكوين ملك اختصاص او حق اختصاص، في حال تحصل عليه الشخص بالتعدين او التنقيب (يعني هو الذي انتجه) او بالتحويل اليه مقابل تقديم خدمة، وهل يجوز له حينئذ التنازل عنه للراغب في شرائه مقابل سعر المثل، هذا هو ما نأمل دراسته من قبل الحوزات العلمية ايدهم الله بتسديده، خصوصا وقد اخذت تفرض نفسها كواقع ليصبح عدد الدول المعترفة بها اكثر من 67 دوله وكذلك الكثير من المواقع التجارية بل هناك من عرض منزله للبيع بهذه العملة، وماذا لو اصبحت هذه العملة معترف بها عالميا وأصبحت تحت مظلة قانون النظام المالي العالمي ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى