أقلام

روح المثابرة

فاطمة الشيخ محمد الناصر

يفتقد البعض قدراته المعنوية نتيجة تعرضه لِكم من الضغوط النفسية سواء على الصعيد العملي أو العلمي، مما يُنمي توترا وقلقا في الشخصية التي تخوض تجربة حياتية جديدة لم يُعتد عليها مسبقا أو لم تكن في الحسبان، إذ أن الانسان منذ طفولته يتعرض للكثير من التحديات التي يتعلم منها، فمثلا حين يبدأ يحبو الطفل فإن ذلك يشكل تحديا جسديا ونفسيا ليصل للأشياء من حوله، وللأب والأم دور كبير في تشجيعه كي يقوم بذلك، في مرحلة أخرى من طفولته سيواجه صعوبات أخرى كتناول طعامه أو لبس ملابسه أو تنظيم لعبه في الصندوق وغيره الكثير.

أحيانا يفقد الوالدين صبرهم أثناء مراحل تَعَلُم طفلهم، فيتعجلون في انهاء ما على الطفل تعلمه بإنهائه له سريعا غير مدركين النتائج المترتبة على ذلك، إذ يبدو للوالدين أنهم تخلصوا من الانتظار والبعض الآخر يجدون أنهم قدموا مساعدة، نعم يمكن تقديم المساعدة للطفل ومشاركتهم حين نجد أن العمل الذي يقوم به يفترض تواجد الكبار بالقرب حتى يتعرف ويتعلم ثم يعتمد على نفسه، لكن ان كان الهدف غير ذلك، فمن البديهي أننا خلقنا روح الاتكالية في ذواتهم وجنبناهم المثابرة والقدرة على التحمل والعزيمة و الاصرار وهي من المهارات النفسية الاجتماعية.
البعض منا لا يعلم أن المهارات النفسية الاجتماعية لا غنى عنها في تحقيق الانجاز، فتشير بعض الأبحاث أن قرابة 75% من الانجاز ينسب إلى المهارات النفسية الاجتماعية وهي عوامل غير معرفية وأن قرابة 25% من معدل الذكاء يساهم في عملية الانجاز، هذه المهارات من المهم تنميتها لدى الطفل في المنزل بشكل مدروس وهادف من قبل الوالدين.

ويمكن ملاحظة أن أطفالنا يكتسبون الكثير مما نلهمهم به، فحين يكون عند طفلنا فرض مدرسي في مادة الرياضيات ولحظنا أنه سرعان ما داخل الملل نفس طفلنا نتيجة الوقت اللازم لحلها ونحن ندرك أنه حين يقضي وقتا أكثر فإنه سيصل للحل بالتأكيد وان كان في احدى خطوات الحل خطأ ما، عند تذمره أو محاولته التملص عن حلها بكسب عاطفتنا بالبكاء، نحاول أن نلهمه الاصرار والعزيمة وروح المثابرة ونسيطر على عاطفتنا وقلة صبرنا ونعطيهم المزيد من الوقت لإتمام المهمة، كما يمكن أن نثني على محاولاته وان اخطأ في الحل.

ليس الهدف من تنمية المهارات النفسية الاجتماعية لدى اطفالنا تحقيق النجاح فقط والذي هو طموح الوالدين والمربين، إنما القدرة على السعي للأهداف الطويلة والمثابرة على تخطي العقبات والصعوبات التي تواجههم والتعلم من أخطائهم وتطويرها إلى خطوات نجاح.
فعرض قصص المفكرين والعلماء والمخترعين ومراحل الاخفاق الذي مروا به وتخطيهم تلك الصعوبات من خلال روح المثابرة والعزيمة وتعلمهم من أخطائهم يترك أثرا بليغا في ذواتهم ويمكنهم من معالجة الاخفاقات بشكل أسرع ويجعلهم مستقلين في تفكيرهم.

وحتى حين تعرض لهم كأب وأم اخفاقاتكم وكيف تخطيتم ذلك في صغركم وما تعلمتم من ذلك، يمنح طفلكم القدرة على استيعاب أن من الممكن تكوين استراتيجيات خاصة به يمكن تجربتها كما فعلتم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى