أقلام

هل تعلمون بالسنابي المقدس؟

فاضل السماعيل

قد تُصدَمُون لو قلت لكم أن هنالك سنابيًّا مقدسًا، وأنا كذلك صُدمتُ، ولكن العصبية الجاهلية تصنع من الأشياء التافهة مقدسة وعظيمة وخطوطًا حمرًا، وتجاوزها يعني أنك دخلت الحمى، وأنك تستحق أقسى العقاب كما فعل كليبٌ في الجاهلية.

إن الجاهلية ما تزال بيننا نتوارثها، وإن اختلفت مسمّياتها وأشكالها، وأعيد إنتاجها، فالجاهلية فكرٌ وطبعٌ يُعاد إنتاجه وتحديثه في كل وقت وزمن.
لم أكن أتصور بانتقادي للسنابي المشهور _ وكان نقدي له من منطلق شرعي، ولمخالفته الواضحة للشرع _ أن أُواجه بهجومٍ كاسحٍ من أحدهم، والذي كان يجلس معي جلسة وديّة ملؤها المحبة على ذلك الشاي المخدّر.

وقد برّر لفعلته الشنيعة تلك بأنه فعل ذلك طلبًا للرزق في ظل الغلاء الفاحش، وأن فعله من منطلق وحدوي واضطراري، فهو بحكم المضطر، وعليه يجب أن تراعي أنت وأمثالك هذه الحيثية.
فسألته : ما الذي اضطرّك لذلك؟!
ومن الذي أرغمك؟
وهل يعلم أن قدّامه حساب عسير، وأن فعلته المنكرة قد تجعل النشء يقتدي به إن لم ننكر عليه ذلك؟!
فلابدّ أن يرجع عن غيّه، ويتعظ بغيره، فمن يضطر مرّة قد يضطر لأكبر منها مرارًا، وحينها لا تنفع الحوبة ولا التوبة.
في الواقع أغاظني هذا التبرير المقيت لهذا السنابي المشهور، وكان عليه أن يكون أكثر وضوحًا، ولا خير في رزق فيه مخالفات شرعية جمّة، وتنكّر لما عليه من مبادئ حقّة.

فرسالتي للجميع كي لا يصبح الشخص أمام مسألة الاضطرار المزعومة، وينغمس في ظلمات وسائل التواصل الاجتماعي، ويخلع ثوبه ويستبدله بثوب ليس ثوبه، أنصح نفسي أولًا وأنصح الجميع ثانيًا بأن يضع كل شخص نصب عينيه مبادءه وخطوطًا حمراء بمجرد شعوره بأنه قد اقترب منها، لابدّ له أن يتوقف، ويضبط مساره، ويقنع بالرزق الحلال وإن كان قليلًا عن الكثير الذي لا يخلو من الشبهات إذ يقوده نحو الهلاك.

فقد ورد عنهم (ع):
« الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة».
(دعنا نأكل التراب ولا تقصر في نصرة الحسين)..
عبارة تحمل في طياتها رسالة لكل من تهاون في نصرة مبادئه ودينه ومذهبه، وعدم التخلي عن الإمام الذي ضحّى حتى بابنه الرضيع (عليه السلام) لأجلنا.
فلنتعلم من هذه العبارة الجبّارة الخالدة من زوجة حبيب بن مظاهر الأسدي (رضوان الله عليها) مهما كانت الظروف المعيشية قاسية فلا نتخلى عن مبادئنا الحقة، بل نثبت ثبوت الجبال الرواسي، فيجب علينا أن لا نشتري رضا المخلوق بسخط الخالق فتلك الخسارة العظمى وبئس المصير.

فسلام الله عليك يا زوجة حبيب، وعلى زوجك الطاهر حبيب الحسين (عليه السلام).
ثبّتنا الله وإياكم على المحجة البيضاء وعلى مبادئها الحقة، بحق أهل بيت الرحمة صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين .

وفي ختام قولي لابد أن أقف عند المرحوم الشيخ عيسى الحبارة (رحمه الله) الذي كان مربيًا وقد استغل هذه الوسيلة خير استغلال، ونشر الخلق الحسن عبرها ولم يستطع أحد بعده أن يغطي الثلمة التي تركها في هذه الوسيلة، فكان بحق خير أيقونة نتشرف بسماع مقاطعه بين الفينة والأخرى؛ لأن لها الأثر الكبير في نفوسنا جميعًا.
رحمك الله شيخنا الفاضل يوم ولدت ويوم رحلت ويوم تبعث حيًّا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى