أقلام

نحن والعالم الأفتراضي

نحن والعالم الأفتراضي

طالب البقشي

فرض علينا الذكاء الاصطناعي والتطور التقني نمطًا جديدًا من الحياة، فيوم بعد آخر تتزايد علاقتنا بالعالم الافتراضي ويتزايد مستخدمي برامج التواصل بمختلف وسائل التواصل الاجتماعي في العالم الافتراضي. ولعل الكثير يقضي ساعات طويلة مع عالم الماورائيات _كما أطلق عليه مؤسس شركة فيسبوك_ أكثر من الوقت الذي يقضيه بشخصيته الواقعية في العالم الحقيقي والواقعي.
وهذا الانجذاب للعالم الافتراضي “عالم الخيال” غالبًا ما يعني الهروب من الضغوط ومتاعب وقع الحياة السريع إلى عالم المتعة المزيف، ويتحول هذا التعلق الى إدمان يومي يؤثر بطريقة غير مباشرة في العقل غير الواعي وبصفة مباشرة على الصحة النفسية والعقلية في المدى البعيد، فقد يطلب العقل الباطن تفقد الجوال لرؤية الأصدقاء الافتراضيين، ومشاركة الأحداث الشخصية، وترقب التفاعل الاجتماعي للحصول على مكافئات التفاعل ” اللايكات”.

وفي هذا العالم الافتراضي تتفنن الشخصيات الافتراضية برسم شخصيات ذات سمات خيالية جذابة وتارة مثالية لجذب المتلقي وإتقان لعبة تلميع الشخصيات فهو عالم منطوٍ على الكذب والخداع. وقيل في الأمثال ” ليس كل ما يلمع ذهبًا ”

وأكدت دراسة حديثة شملت كل أنواع وسائل التواصل الاجتماعي أن هناك ارتباط وثيق بين استخدام هذه المنصات وبين الإصابة بالاكتئاب والقلق وارتفاع معدل المشاعر السلبية لدى الانسان وعدم الرضى عن الذات.
ولا شك أن الانفصال عن الواقع الحقيقي لأوقات طويلة لقضاء المتعة النفسية المزيفة مع العالم الافتراضي

” عالم الخيال” يتسبب في انعزال الفرد وانطوائه على نفسه، والشعور بعد مدة من الزمن بعدم القدرة على الاندماج مع المحيط الاجتماعي والمعاناة من الاكتئاب والوحدة في العالم الحقيقي، والسبب يعود لضعف وتراجع التواصل الاجتماعي مع الأهل والأقارب والأصدقاء.

فأصبح الانسان يعيش بالشخصية الافتراضية وقتًا أطول من شخصيته الواقعية يتقمص فيها شخصية افتراضية مثالية مخالفة للواقع، مما يشير لتنامي تأثير العالم الافتراضي على طبيعة الشخصية الإنسانية والميل إلى الحياة الافتراضية كبديل عن الحياة الحقيقية.

وقد نشر في هذا الأفق الكثير من الكتب التي تتناول العالم الافتراضي ومنها كتاب الشخصية بين العالم الحقيقي والعالم الافتراضي للكاتب عدي البلداوي، وكتاب عالم افتراضي للمؤلفه نوران راضون، وكتاب العالم الافتراضي الواقعي للكاتب شيري سيد عرجاوي، وكتاب تكنولوجيا الواقع الافتراضي للمؤلف عبدالحميد بسيوني، وكتاب عالمنا الافتراضي لبييرليفي.
والواقع الافتراضي هو إحدى التقنيات التي تتمتع بأعلى نمو ربحي متوقع عالميًا، فهذه الصناعة تنمو بوتيرة سريعة، ومن المتوقع أن يزداد حجم السوق العالمية لها من 11.97 مليار دولار عام 2022 إلى أكثر من 24 مليار دولار بحلول عام 2026.

وهذا المقال يأتي ليشكل إضاءة ” لما بعد العالم الافتراضي ” فهو مدخل لمستقبل التحول التقني للعالم الافتراضي الكامل الجديد على البشر وإطلاق مرحلة التأثير في العوالم الافتراضية “وبداية تطبيق مفهوم الميتافيرس” وتعني حياة افتراضية كامله محسوسة.
وينقسم مصطلح «ميتافيرس» إلى قسمين، الأول Meta وهو الاسم الذي أطلقه مارك على الفيسبوك وتعني “الماورائيات “، والمقطع الثاني Verse وهي مشتقة من Universe وتعني العالم، والمصطلح كاملًا يعني «العالم الماورائي» هذا ما قصده نيل ستيفنسون في روايته.

والميتافيرس عبارة عن مجموعة من تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المدعم بتقنيات معززه أخرى تحاكي الحقيقة، كما هو الحال في ألعاب الفيديو الشهيرة مثل Roblox وFortnite، وقد تمت صياغة هذا المصطلح لأول مرة في رواية الخيال العلمي لنيل ستيفنسون عام 1992 بعنوان Snow Crash”” ويجري تحويل ذلك الخيال العلمي إلى تقنية رقمية حقيقية محسوسة من قبل شركات عالمية كبرى.
تمكن البشر من الأنتقال إلى عوالم افتراضية ثلاثية الأبعاد تسمح للأشخاص بإنشاء وتخصيص شخصياتهم والتفاعل مع الآخرين على الإنترنت وهي تعمل بتقنيات مثل الواقع الافتراضي والعالم المدعم بالتقنية الواقعية، وقد عرف ذلك كثيرًا في الألعاب والمحادثات الاجتماعية والمفاجأة الجديدة أن الكثير من مجالات الحياة سوف تنطلق في العالم الافتراضي” ميتافيرس” بما فيها انطلاق الاقتصاد في هذه العوالم، فيمكن للأفراد ممارسة ما يحاكي الحياة الحقيقية، ومنها الشراء والبيع والتداول بالعملات الافتراضية والأصول الرقمية.
ونشر في مركز المستقبل للدراسات والأبحاث المتقدمة مقالًا تناول فيه الفرص التى قد يوفرها العالم الافتراضي«الميتافيرس» الذى يسعى مارك زوكربرج إلى بنائه.

فقد قسم زوكربرج الميتافيرس إلى 3 عوالم أو آفاق Horizons كما أطلق عليها، وهى ” آفاق المنزل أوHorizons “Home، و«آفاق العمل “Horizon
Workrooms”، و”آفاق العالم Horizons World ” “.
وشكل عام ٢٠٢٣م بداية مشاركة الأنسان في التطبيقات الرقمية للميتافيرس والانتقال إلى مرحلة الحياة الافتراضية الكاملة تلك الحياة التى أطلق عليها مارك زوكربرج، المؤسس والرئيس التنفيذى لموقع فيس بوك،«الميتافيرس» أو” العالم الماورائي” .

والميتافيرس الافتراضي متعدد الاستخدام والخيارات ومنه خيار يقصد به الانفتاح على الاستثمار في عالم الواقع الافتراضي والتفاعل مع بعضهم البعض في مجتمع عبر الإنترنت باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والواقع.

واقتصاد الميتافيرس المتعلق بالأمور المالية يعني الانتقال إلى عوالم افتراضية يحدث بها التفاعل التجاري، وحتى امتلاك الأصول الافتراضية وهو عالم يجمع بين التكنولوجيا والاقتصاد. فمفهوم الميتافيرس واقتصادها هي عوالم افتراضية ثلاثية الأبعاد تسمح للأشخاص بإنشاء وتخصيص شخصياتهم الرقمية بالصور الرمزية واختيار الأفاتار (Avatar) الخاص بك والتفاعل مع الآخرين على الإنترنت.

وقد سارعت هذه الشركات لتفتح فروعا لها على منصات ميتافيرس وليدة، من “هورايزون وورلدز” ( Horizon (Worlds التابعة لشركة ميتا، إلى بعض الألعاب الإلكترونية مثل روبلوكس (Roblox) وفورتنايت Fortnite))، إلى فضاءات أنشأت حديثًا مثل (Sandbox) وديسنترالاند Decentraland))

كما أن شركة نايكي تبيع حاليًا أحذية رياضية “افتراضية”، ويمتلك مصرف إتش إس بي سي ( (HSBCأرضًا داخل منصة ساندبوكس، كما أن شركات كوكاكولا ولوي فويتون Louis Vuitton) ) وسوذبيز Sotheby’s) ) لها وجود داخل منصة ديسنترالاند.
وتقنية الميتافيرس سوف تجعل الإنسان يتحول من مستخدم للعالم الافتراضي إلى أن يكون جزءًا من هذا العالم الرقمي والاستغراق في حياة افتراضية يهاجر فيها المستخدم الواقع الحقيقي لساعات طويله بمشاعره وأحاسيسه، مما ينتج عنه مرض «النوموفوبيا» وهو متلازمة الشعور بالخوف من فقدان الهاتف المحمول أو التواجد خارج نطاق تغطية الشبكة.

وحتى يسلم مستخدم العالم الأفتراضي “الميتافيرس ” من “سلبيات الواقع الافتراضي” التي منها الإدمان المحتمل لساعات طويلة يوميًا والتأثيرات على الصحة العامة، كالشعور بالدوخة والغثيان أو فقدان الوعي المكاني بعد الاستخدام المطول للواقع الافتراضي والافتقار إلى التواصل الإنساني.
فأنه ينصح بقدر ماتستطيع الانشغال بشيءٍ آخر، فأن حققت هذا التكتيك فأنت تسيرعلى الطريق الصحيح، ولا تعاني من الإدمان. أما إذا شعرتَ بالتوتر أو عدم الراحة أو غيرها من المشاعر السلبية فعليك بوضع قائمة من البرامج اليومية المحددة بأوقات لتساعدك على تنظيم أوقات متابعة جهاز الجوال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى