أقلام

تطوير التفكير

فاطمة الشيخ محمد الناصر

اعتدنا حال انجاز ابناءنا وبناتنا مهامهم المدرسية أو المنزلية أن نرويهم بالثناء، وقد يكافئ البعض نظرا لوعد أودعه لهم، وهو من السلوكيات التي تبرمجنا عليها منذ صغرنا ونتائجه من المؤكد ايجابية على النفس والأداء، حيث أجرى باحثون بجامعتي شيكاغو وستانفورد مشروع تعاوني للتعرف على تأثير كلمات الثناء التي يقدمها الوالديين أثناء مرحلة التكوين لأطفالهم بين عامين وأربعة أعوام، وجد أن الأطفال الذين تلقوا كلمات الثناء قبل تخطيهم المشي أقرب لاختيار المهام الصعبة ونسب النجاح والفشل إلى حجم الجهد المبذول واستحداث استراتيجيات للتحسين من سن سبع إلى تسع أعوام.

من هنا ندرك أن تقديم الثناء يجعل الأطفال تفكيرهم ثابت عند حد الانتهاء من المهمة التي ستتضمن الثناء الذي يريحهم، لكن من زاوية أخرى اذا فرضنا أن طفلنا لم يتمكن من احراز الدرجة المطلوبة أو أنه لم يوفق في تنفيذ المهمة الموكلة إليه، فما هي ردة فعلنا كوالدين نود أن يكون أطفالنا يفكرون ويتصرفون بذكاء حال أي مأزق وأن لا يداخلهم شعور الاحباط حين الاخفاق في أي عمل.

غالبا يأخذ الوالدين منحى التعاطف مع الأطفال، في محاولة منهم أن يُذهبوا عنهم الحزن أو القلق الذي ينتابهم متوقعين نتائج أفضل، لكن احتمالية الوقوع في الفشل متوقعة اذ لم يبحث الوالدين في الخطوات التي ترتب عليها اخفاق طفلهم، كما أن متابعة خطوات النجاح التي حققها الطفل ذا أهمية، فمن خلالها يتم تطوير خطوات أخرى تزيد من مهارات التفكير لدى الطفل.
فنحن نقول ما نجده مناسبا للطفل لا ما يطور تفكيره بعد التنفيذ، فيكون الثناء لتعزيز السلوك أو تحسينه أو اقراره، ولا نتأمل ما يحصل في تفكير الطفل بعد الثناء وسيفقد المتعة المتعلقة بالإنجاز لأنه حقق المطلوب فليس هناك داعٍ لبذل مهارات تفكير أو تدريب أكثر، إننا نوصل من خلال كلمات الثناء التي نقولها لأطفالنا، وان كانت من غير قصد أن ما تملكون من قدرات هي سمة ولدتم بها، هذا ما يتولد في أذهان أطفالنا فيكون أول اخفاق لهم عامل تدني في القدرات ومسببا للقلق والاحباط.

ولنقرب مثالا مما نعنيه أحرز موسى درجة عالية في مادة الرياضيات وحين اطلعت والدته على درجته شعرت بالفخر فقالت له “أنت موهوب بالفطرة يا موسى”، وكان من الممكن التركيز على أداءه وأن تقول “اهتمامك بالمادة يا موسى مكنك من احراز هذه الدرجة العالية”، هنا يكمن الفرق بين العبارتين، العبارة الأولى يكون تفكير موسى ثابت عند حيز الموهبة، أما العبارة الثانية تعزز رغبة موسى للتعلم أكثر.

فالثناء على المجهود أو الاستراتيجية أو المثابرة يُعين أطفالنا على تطوير التفكير، فإبراز خطوات العمل الذي قاموا به طوال الطريق أفضل من ابراز نتائج العمل لديهم.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى