إيمان الجيراني
تخيل أنك تصنع كعكة مكونة من طبقات مختلفة، ومغطاة بشكل كامل بالكريمة، وكل طبقة تحتاج إلى عناية مختلفة.
عليك أن تهتم أولًا بقوام الكعكة لأنها الأساس الذي سيحمل بقية المكونات، ثم ستتأكد من كونها باردة قبل أن تضع الحشوة التي ستكون في وسطها، والتي غالبا ما تكون حساسة بشكل كبير لدرجات الحرارة.
ستراعي أي اضافة تضيفها على الحشوة وكذلك نوع الكريمة ومناسبتها للأجواء لأنها ستغير من صلابة الكعكة وثباتها، وبالتالي شكلها النهائي.
الآن تخيل، ماذا لو كانت كل طبقة من طبقات الكعكة بمدى حساسيتها، تعبر بشكل ما عن مراحل الطفولة، كيف ستختلف عنايتك بها؟
ستلجأ لقراءة الوصفة التربوية مرة ومرتين وثلاث، حتى تتقن التعامل مع طفلك، غير أن هذا ما تختلف فيه التربية عن فن صناعة الكعك، فكتب التربية لا تعطيك الحل الأكيد والأمثل، ولا تشرح كل المشاكل التي تواجه طريقك، وقد تشعرك أحيانًا بالاحباط لأن التزامك بالوصفة لم يكن ناجحًا مع طفلك!
ومع ذلك ستستمر بالبحث، لأن غاية كل مربي هي أن يكون أبناؤه شخصيات ناجحة لا تعاني من أي مشاكل، لذلك قام الكاتب عزيز نسين بتغيير الوصفة!
فبدلًا من أن تتعلم الخطة التي تحقق لك أهدافك، يقدم لك مجموعة من المواقف التي تخبرك أي النتائج التي ستحصل عليها لو اتبعت بعض الأساليب.
في كتابه أطفال هذه الأيام الرائعون، ينقل مجموعة من الرسائل ما بين زميلي الدراسة “أحمد طرباي و زينب يالكير”.
بعد انتقال زينب لمنطقة مختلفة، كان التواصل الوحيد لتبقى صداقتهما هو أن يتبادلا الرسائل التي تحكي مواقفا تحصل في حياتهما، وعليك كقارئ ومربي أن تستلهم منها ما يعطيك وجهة نظر جديدة ومختلفة.
هذه الرسائل مليئة بالأحداث المنعشة التي ستضحكك قبل أن تنير مصباح التربية في عقلك، ستذكرك بطفولتك وكم تشبهك بعض المواقف التي عاشها أحمد وزينب في المنزل والمدرسة، بين الأصدقاء والأخوة والآباء، وكلها بعد أن ترسم على وجهك ابتسامه ستعيدك إلى طفلك وتذكرك بعلاقتك به.
ومن أجمل الدروس التي يعطيك إياها هذا الكتاب، عبارة أخت أحمد وهي تحدث والدها: حاول أن تشرح لي وأنا أفهم، فهي تخبرنا أن أهم مكون في وصفة التربية هو التفاهم، ولا يمكن اجراء أي خطوة دون وجوده في علاقتك مع اطفالك.
