بشائر المجتمع

الشيخ الحرز: يدعو لقراءة معاصرة لسيرة الإمام الرضا.. و تعزيز القيمة العلمية في المجتمع

صادق راضي العلي: الأحساء

اعتبر الشيخ نجيب الحرز مناسبات أهل البيت عليهم السلام محطة معرفية يتزود منها الشيعة الخبرة و التجربة من أئمتهم و قاداتهم الذين برزوا على مسرح التاريخ.

و أشار بأن شخصية الإمام الرضا “عليه السلام” يقف الإنسان حائراً في التحدث عن هذه الرمزية التاريخية، وليس من السهل أن نقارب شخصية فذة من جميع جوانبها.

جاء ذلك خلال كلمته بمناسبة مولد الإمام الرضا “عليه السلام” في حسينية الإمام الخوئي بالرميلة، بعنوان : الإمام الرضا بين الكاريزما و الفقه القانوني.

و أوضح أن الله خلق الإنسان و أعطاه ثقل و شهية منفتحة للمعرفة، و إن أصعب شيئين اكتشفهما الإنسان عبر التاريخ : التربية و حكم الناس، كما عبر بذلك الفيلسوف الغربي (كانت).

و أشار الحرز إلى أن الجيل في هذا العصر لديه طموح و آمال و تطلعات تختلف عن الأجيال السابقة.

و أفاد بأن تربية الأبناء مع التطور الكبير في العالم اليوم أصبحت صعبة، و العالم كله قلق، و كل طبقات المجتمع أصبحت تعاني، رغم توفر كل التقنيات و كل المعضدات التعليمية و الإرشادات المدعومة بالفيديوهات و مراكز الدراسات.

و أضاف بأن كل دول العالم ومراكز الأبحاث في كل سنة يبحثون عن أرقى النظريات في التربية حتى يطبقوها على الأجيال و الشباب.

و اعتبر الحرز الإمام الرضا “عليه السلام” امتداد لشخصية الإمام علي “عليه السلام” و هو الحامي و الراعي لثقافة و هوية التشيع.

و أضاف بأن الناس تعيش على أمجاد الخلفية التاريخية لأجدادهم، و هذه حالة طبيعية في كل الشعوب، حتى الدول التي تعيش الجهل و التخلّف تسير على نفس هذه التراتبية.

و أشار إلى أن أهل البيت مروا بمظلوميات موجعة و مفجعة، لذلك الشيعة عاطفيا و روحيا تحوم حول هذه الشخصيات الطاهرة ذات المقامات العالية.

و استدرك بقوله: هل الارتباط بالإمام الرضا فقط لكونه ابن رسول الله؟، أم لأنه صاحب عطاء و يمتلك شخصية استثنائية، و قدرة على حل أزمات المجتمع ؟!.

و أكّد إلى أن كل عالم أو فيلسوف أو مصلح اجتماعي نظرا للدور الفاعل الذي يقوم به، نجد الناس تحترمه و تميل له و تقدر مكانته.

و أسِف إلى النزعة الانتقائية في النظر إلى الإمام الرضا بمنظار ضيق، و حصره في دائرة المرجعية الروحية، و تغييب ثقله العلمي و القانوني، في زمن كانت الأمة تعيش أزمات فكرية و شبهات حقيقية و حرب حضارية.

و قال بأن الإمام لم يقبل بهذا الموقع الريادي إلا ولديه قدرة على أداء وظيفة حقيقية، و منها خدمة الأمة و المجتمع.

و أضاف بأن الإمام الرضا كان يشارك في صنع القرار، و يدير عقلية دولة، و يمتلك تفكيرا دبلوماسيا حضاريا.

و مضى يقول : أن الإمام الرضا اعتبر قبول ولاية العهد مفتاحا للمساهمة في بناء الحضارة الإسلامية، و مفتاحا لإثراء الحوار بين الأديان و المذاهب.

و أوضح أن فرصة الحرية التي سنحت للإمام في ولاية العهد، أتاحت له عقد الحوارات و اللقاءات التي كانت تجمع كل أصناف العلماء و المفكرين، و حاول الاستفادة بأقصى حد ممكن من فرصة موقعه، من أجل خدمة أهدافه العظيمة.

و أكد أن الكاريزمية في شخصية الإمام الرضا ارتبطت بالمشروع الإصلاحي المدعوم بالعلم و المعرفة و البرنامج العملي.

و طالب الشيخ الحرز بتعليم الأبناء و تربيتهم بأن المحتوى و المضمون ضروري، و الإنسان لا يقتصر على الرؤية الشكلية الظاهرية للشخصيات.

و أشار إلى أن الجيل الحالي لديه تساؤلات و غير مستعد لتضييع حقوقه، ويريد بناء شخصية متزنة ذات اكتناز علمي و لديه ملكات و مهارات تربوية، و استعداد لمواجهة تحديات الحياة بأفق مفتوح تجاه العلم و المعرفة و الهوية.

و أكّد على مسألة تنمية حالة الوعي في تربية الأجيال، بعيداً عن أعباء الماضي و خصومات التاريخ.

و أضاف بأن صفة الكاريزما مرتبطة بالمضمون و المحتوى و الأثر الإيجابي على الواقع، و ينبغي أن يرتبط الأبناء بالأئمة الأطهار وفق هذه المعطيات بكل جدارة و ثقة.

و دعا الشيخ الحرز إلى احترام كل علم من العلوم الطبيعية باعتباره مرجعية، و يساهم في تحريك و بناء الحياة، و من الخطأ تجاهل أو تصنيف تخصص معين بطبقة أقل.

و نوّه إلى ضرورة توجيه الأبناء لقراءة سيرة الأئمة المعصومين و السيدة الزهراء “عليهم السلام”، باعتبارهم مرجعيات ترسم معالم التاريخ، و تعطي ثقة في اقتحام المستقبل و تخطى عقبات الحاضر الذي نعيشه.

و تابع بأن الأمة و خاصة في هذا العصر تواجه تحديات حضارية خطيرة، على المستوى الفكري و المعرفي، نظراً لتطور وسائل الاتصال، و الانفتاح الإعلامي الهائل.

و ذكر أن الإمام الرضا “عليه السلام” عندما تصدى للحكم كمرجعية قانونية قام بدور عظيم، و ليس من الصحيح اختزال الإمام الرضا في مفردات بسيطة، فالإمام لديه عقلية أممية، و لم يفكر بعقلية مذهبية ضيقة يريد من خلالها تعطيل جهة معينة، أو يشوه سمعة مذهب معين.

مضيفاً بأن الإمام الرضا يمتلك حركة منفتحة، و قام بدور كبير يشجع على احترام القانون، و يشجع على إحترام حقوق الناس، في مواجهة التحديات الفكرية و الثقافية، و لم يزرع ثقافة الخصومة بين المذاهب الأخرى، و يريد بذلك تنقيح و تطهير عقليات الناس والأجيال اللاحقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى