أقلام

المدير البيروقراطي والموظف المحتاج

أمير الصالح

قبل فترة من الزمن طرح شخص عبر أحد القروبات مشكلة طرقت مسامعه، مفادها:

إن مسؤول عمل أجنبي في شركة ما يهين الموظف المواطن، ويبتزه، ويطلب منه أداء أعمال خارج اختصاص عقد العمل، ويهدده أو يكلمه باحتقار أو نبره صوت عالية فيها تهديد وصلافة ! وقيل في حق الموظف إنه مسالم ومهذب، ويخشى خسارة مصدر لقمة عيشه، ولكنه يصارع يوميًّا نفسه الكريمة التي لا تقبل الإهانه بين الاستمرار في العمل على مضض، أو المواجهة، أو الاستقالة! فما هو الحل؟

كانت التعليقات والردود حينذاك متعددة، وبعضها لا يتناسب مع روح العمل الوظيفي. وأخلاقياته. وبعض التعليقات اقترح على الضحية اللجوء إلى القضاء العمالي استنادًا على فقرات القانون. وكانت لي مداخلة على ذلك الطرح، ووددت أن أشارك القراء بعرض تلك المعضلة التي قد واجهت وتواجه الموظفين والموظفات الجديدين في سوق العمل، وبعرض تعليقي ومقترحاتي على تلك المعضلة التي أبديت جزءًا منها يومذاك، فٱني أعيد العرض لها بعد سماع القضية. ذاتها حديثًا في قروب آخر. ولأني أملك حق التصرف فيما أوردته سابقًا من تعليقي، ونقله لكم عبر هذا المقال، كتبت هذا المقال لتعم الفائدة، ولكوني لم أخوض بتفاصيل المعضلة، فلا أعلم حقيقة الأمر من كل جوانبه: إن كانت الضحية امرأة أو رجل. ولا أعلم بمؤهلات الضحية العلمية، ولا ببنود عقدها، ولا طبيعة عملها، ولا القطاع الذي كانت تعمل به. ومع عدم وجود كل تلكم المعلومات، ومن منطلق الوفاء لأبناء الوطن والعمال واتباعًا لما يمليه علي الوجدان والإيمان بالتعاضد والأخلاق المهنية، أعددت التعليق التالي، مع تفصيل أكبر في هذا المقال، مكتفيًا بالتعليق هنا حول ما ذكره أحد الأعضاء عن تنمر رئيس على مرؤوسيه، أو سوء استغلال المدير للموظفين في إحدى الشركات.

بادئ ذي بدء، يعز علينا جميعا كأبناء وطن حباه الله خيرات كثيرة ونعم وفيرة، سماع هكذا شكوى، ووقوع البعض في هكذا حالات عن تفرعن وتنمر رئيس على مرؤوسيه في شركة ما، بغض النظر عن جنسيته. ونحن وإياكم نسمع قصصًا واقعية كثيرة مفادها أن الظلم يقع من الإنسان على أخيه الإنسان بسبب حب النفوذ أو حب الدنيا أو استحواذًا للمناصب داخل الشركة هذه أو تلك، أو إزاحة للبعض من أجل المصالح الشخصية ومجاملة للآخرين. وعليه يجب على صاحب القضية أن يشحذ كامل قواه ويستجمع تلابيب صبره، وبنفس طويل نسبيًا وهدوء جم، ويقوم برصد وتسجيل وتدوين كل الأعمال المخالفة التي يصدرها المدير المتنمر، والأوامر المتضاربة للوائح ولمهام العمل المناط بها الموظف، ويجعل الموظف الأدلة مقرونة بالتواريخ والصور والأدلة القطعية لبناء حالة قانونية برصيد كامل من الأدلة المستدة للوقائع . وفي الوقت ذاته يشخص الإنسان الضحية عن طريق التحري العام عن الشخص الأقوى في مجلس إدارة الشركة التي يعمل بها ويلتمس ممن يتوسم منه/ منهم خيرًا، وإحقاق حق وإنصافه، ويقوم بالتواصل معه/هم سرًّا ويطلب لقاءه على أنه مجرد إلقاء للتحية أو المعايدة أو التبريك بحلول شهر رمضان.
وعند اللقاء يفرد كل الأدلة الدامغة االموضوعية بعيدًا عن العواطف، وبطريقة احترافية موجزه وألفاظ لبقة ونقاط محددة، وأسلوب سردي مترابط. والاهتمام بكسب تعاطف ذلك المسؤول الأعلى مع قضية الضحية هي لب التحرك لرفع الظلامة. أما التندر أو الشكوى، أو ندب الحظ أو التنفيس بين الحين والحين، او الكلام في الديوانيات المغلقة مع الأصدقاء فإنه لن يغير شيئًا، بل يضخم المشكلة ويؤزم نفس الضحية وأبنائه ومن هم حوله.
هذه الخطوة بعاليه تم اقتراحها على افتراض:

١- أن الشخص الضحية وصاحب الشكوى: قوي الٱرادة، صلب في مطالبة، وذو بصيرة وثقة بنفسه، ولديه مؤهلات وخبرة مميزة في سوق العمل، ولبق الكلام.

٢- إن من بين رؤوساء المدير المتنمر من يتوسم به خيرًا في إنصاف الموظفين.

أما إذا كان الضحية مترددًا أو ضعيف الحجة، ومنعدم الفراسة، وسريع الانهيار، وعديم الثقة بنفسه، ونادر الفرص في سوق العمل لضحالة المؤهلات، فليراجع المكاسب والخسائر قبل الٱقدام على أية خطوة لأنه هو المسؤول عن نفسه بعد اتخاذ قراره.

وأما إذا انعدم العدل والإنصاف داخل أسوار الشركة بكل مسؤوليها على ضحية قوي الشكيمة، فلا بد حين ذاك من التصعيد عبر الاستعانة بالمؤسسات الرسمية.

ونحن هنا نقترح، والقرار بيد الإنسان المُعتدى عليه على تنفيذ ما يراه الأنسب، لأننا لا نعلم إن كانت الشركة في حالة انحسار أعمال،أو انعدام تشغيل، أو تقليص موظفين أو تقليل تكاليف. وفي كل الحالات على الشخص الضحية أن يسعى لحفظ كرامته، وإن كان ذلك على حساب راتبه بالبحث عن وظيفة بديلة في شركات أخرى، أو إعادة تقييم الانخراط في الأعمال الحرة، ويكون الرئيس نفسه.

التفكير بالاستقالة والانتقال لمكان عمل آخر دون استنفاد خوض تجربة الحلول الأخرى هو خذلان للنفس وللآخرين. وعليه يكون التفكير بالاستقالة آخر الحلول، وتقدم على منصة كشف حقيقة ذلك المدير السيئ وليس دون ذلك. وهنا أؤكد ولعدم وجود ضمانات لدى الضحية بأن المكان الآخر الذي سينتقل إليه هو أفضل من مكانه الحالي. فليتدرج في التصعيد بالمعالجة لتلكم الظاهرة بدءًا من تشخيص الحالة ودرء النواقص للمهنية الذاتية مرورًا بالكلام الصريح للمشكلة مع رؤوساء المدير المتنمر، إلى اللجوء للجهات الرسمية إن فشلت كل المحاولات السلمية، ولكن لا يطلق الضحية رصاصة الرحمة على نفسة بالاستقالة، ويترك المدير المتنمر حرًّا طليقًا يفتك بالٱخرين كما ومتى ما أراد. فخير البلاد أولى به أهل البلاد من المثابرين والكفوئين والمجدين والصالحين، وأهمس في أذن كل مدير متنمر أو حديث عهد بالإدارة: تذكر قدرة الله عليك قبل أن تلعب بأرزاق الموظفين، فالدنيا لا تدوم لأحد. فكن نعم الإنسان بجميل صنيعك حيثما تكون.

 

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. احب اضافة نقطتين: اولا من خلال خبرتي الاجنبي لا يضيف اي فائدة للاقتصاد الوطني لانه متخرج من جامعة اقل مستوى من جامعاتنا و لديه خبرة في شركات مغمورة بالاضافة لتكتمه الشديد على المعلومة في العمل و عدم مشاركتها مع زملائه او مرؤسيه مما يفسد روح الفريق الواحد في الشركة، لذلك نرجوا من ملاك الشركات الالتفات لهذا الامر.
    ثانيا لا يمكن بناء حضارة الا بالاعتماد على ابناء الوطن، فيجب ان ينحصر دور الاجنبي في سد النقص فقط الذي قد يحدث مؤقتا و ليس تسيد المشهد كما هو حاصل للاسف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى