أقلام

ماذا لو أن الذكاء الصناعي أضحى هو المزكي للإنسان

م. أمير الصالح

قبل سنوات، اتخذ بعض الآباء إجراءات إحترازية، بمراقبة الأجهزة الالكترونية لأبنائهم الشباب، من خلال تفعيل خاصية قراءة تاريخ المتصفح لمعرفة المواقع التي ارتادها الأبناء عند استخدامهم للأجهزة الإلكترونية الذكية، بعيدا عن ملاحظة الوالدين. ومع الأيام، اكتشف بعض الشباب الصغار ذلك الأمر الرقابي، وعملوا على مسح سجل الذاكرة قبل وقت التفتيش الأسري لأجهزتهم.
استمرت المناورة بين الآباء وبعض الأبناء الصغار والشباب ردحًا من الوقت بناء على حجم معرفة كل منهم بطريقة من طرق المناورة، بين الكشف للتأديب والتوجيه من جهة، والاختباء لزيادة مساحة إرواء الفضول الغير مؤطر؛ وهذا وذاك يوظفها لصالح هدفه،. في عصرنا الحالي، هناك تقارير تتكلم عن استلهام عدة استخدامات لذكاء الصناعي تنم عن امكانية سيطرة الذكاء الصناعي في اتخاذ القرار بحق الإنسان، فيما يتعلق بأمور عدة نذكر منها على سبيل المثال:

– تنقيح الموظف الملائم نيابة عن إدارة الموارد البشرية في الشركة، بناء على متطلبات العمل ومطابقة معلومات الذكاء الصناعي المجمعة في عدة تطبيقات في النت عن المتقدم للوظيفة بناء على الصورة الشخصية ومظهره الجسدي وتركيبته الذهنية ولقطات فيديو تحكي سلوكياته.

– قرار اعتماد طلب التأمين على السيارة للمتقدم أو رفضه، بناء على سجل ذاك الإنسان وسجل سيرته المرورية.

– يقوم الذكاء الصناعي بتحليل لتوجهات واهتمامات المستخدم للتطبيقات بناء على عدد النقرات والزيارات لمواقع إنترنتية ذات توجه محدد.

– التشخيص الصحي المستقبلي للإنسان واعطاء تشخيص بأمراض مستقبلية، بناء على تحليل طريقة المشي والجلوس بموديل علمي هندسي رياضي من خلال تطبيق يتم تحميله في جهاز الجوال. وهذا الأمر بالذات دخل نفق النقاش الأخلاقي بين المؤيد والمعارض لكونه يهتك الخصوصية.

– تسهيل اتخاذ القرار بالزواج الملائم من عدمه بيلوجيا وسلوكيا، بناء على دمج السجل الطبي والتحليل الرقمي للكتابات في فيس بوك لكلا الطرفين واعطاء قائمة بالأمراض المحتملة لأطفالهم بنموذج الاحتمالات.

– تقييم كون الإنسان ذو نزاهة أو يعيش ازدواجية المعايير، بناء على رصد تصفحه للنت والنتفليكس واليوتيوب و مواقع الدردشة والفيسبوك واتصالاته الهاتفية وكلامه المعلن.

أكتفي بهذه الأمثلة و هناك أمثلة كثيرة تعضد لفكرة المقال.

شخصيا، لن أستغرب إذا ما تطورت نماذج الحاسوب الاصطناعي لتشخيص وقراءة كامل مستقبل الإنسان بناء على معطيات البيئة والمستوى المعيشي والقيم الممارسة ومعدل رصده من خلال الأجهزة الالكترونبة الذكية. وقديما قيل الآلة تعمل بطريقة garbage in= garbage out. إلا أن ابداعات الإنسان في تطوير البرمجة في الذكاء الصناعي أدت إلى إحداث تفوق نوعي مبهر وأضحى البعض من الناس في حالة ذهول واندهاش لما تنتجه التطبيقات الذكية من نقلات نوعية في حياة الشعوب والأمم. وقد يأتي يوما ما في المستقبل لطلب تزكية عن نزاهته من قبل تطبيقات الذكاء الصناعي قبل التقدم بطلب خطبة فتاة ما، أو التقدم بطلب وظيفة للعمل أو طلب امتلاك وحدة سكنية في حي ما أو شيء أكثر حساسية من ذلك. من الحكمة أن تطبق “إحذر جهازك شيئا ما، فلربما أصبح عدوك يوما…”. ولذا من الحكمة أن لا يكثر الإنسان الانغماس في جهاز الاتصال الخلوي وعليه إعادة بوصلة التصفح والانخراط بالتواصل مع أبناء مجتمعه المحيطين به.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى