أقلام

الحاج ياسين بن عبد الوهاب المرزوق

سلمان الحجي

الحاج ياسين بن عبد الوهاب المرزوق

الحاج ياسين بن عبد الوهاب بن علي المرزوق، من مواليد فريج الكوت عام 1356هـ.
عمل في بداية حياته بمهنة الحياكة، ثم في مهنة البناء حتى وصل إلى رتبة أستاذ بناء، وكانت لنا معه جلسات مطولة في مجلس أخيه المرحوم الراوية الحاج علي بن عبد الوهاب بن علي المرزوق، وأهم ما وثقنا من اللقاءات معه.


– موقف:
قيل عن رجل كان يعمل في تقطيع الحصى بشكل معتدل، وكان مديناً بمبلغ ألف ريال لـ (ملا علي بن أحمد بن محمد الشوارب). وعزم ذلك الرجل على الإسراع في سداد ذلك الدين وإن كان على حساب إجهاد نفسه بما لا يستطيع. فقرر البحث عن عمل آخر تكون أجرته أفضل من أجرته الحالية.
فعمل مع مجموعة معروفة بنشاطها وقوتها ومبالغتها في العمل بما لا يتناسب مع ظروف ذلك الرجل الصحية، وكانت أجرته اليومية عشرين ريالاً، مما جعله يسدد سريعاً المبلغ المستحق في ذمته، إلا أنه تعرض لأمراض متسارعة عجلت بموته مما يؤكد أهمية التوزان في العمل.

– الحاج أحمد بن عائش البراك:
كان ذلك الرجل مشهوراً في مجتمعه بـ (أحمد الكحل) وهو من مدينة المبرز ، وتزوج من أسرة العثمان، وسكن بالسكة التي سكنا بها في فريج الرفعة الشمالية، ثم سكن بجوارنا بحي الفاضلية. وأتذكر أنه أثناء بناء منزله الواقع بحي الفاضلية سُرق منه 200 جذع، كما سرق ذلك اللص من منزلنا تليكاً قبل سكننا، ثم أخبرني البراك بالسرقة التي تعرض لها، وأنه سوف يتوجه إلى سوق الحطب بالخر ليتعرف على السارق، ظنّاً منه بأن السارق سوف يتوجه إلى سوق الحطب ليبيع الحطب الذي سرقه ويحصل مقابله على المال، ولما توجه البراك إلى سوق الحطب تعرف على مائة جذع من الجذوع التي سرقت من منزله، فسأل البراك صاحب المحل: ممن اشتريت تلك الجذوع؟ فأخبره البائع عن اسم الرجل. وكان ذلك اللص ما يزال موجوداً في السوق، وقد اعترف للبراك بالسرقة، (فقد كان السارق بسيطاً) ، فأخذ البراك المائة جذع وطلب من السارق إرجاع المائة الأخرى، فقال له السارق: خذ هذه الكمية من الذهب مقابلها، أو اعتبرها أمانة عندك لحين أرجع لك الباقي من الجذوع. فلما أخبرني البراك بما جرى له من قرار مع ذلك السارق غضبتُ منه، ثم قلتُ له: لقد أعطاك ذهباً مسروقاً وسوف تكون مسؤولاً عنه. وبعد بعض الوقت جاء من أخذ أحمد الكحل إلى مدير الشرطة،حيث إن سالم شوقي يتهمه بسرقة الذهب. فأرسل مدير الشرطة إلى العمدة علي بو خمسين. فلما علم العمدة بتفاصيل الحادثة، غضب من تصرف أحمد الكحل لمعرفته بنظافته بعدما أنجز له أعمالاً في تقطيع الحصى. ثم شرح لمدير الشرطة سالم شوقي نزاهة أحمد الكحل، وأطلق سراحه بعد ما سلم الذهب إلى صاحبه.
– الملا الحاج حسين الحايك:
تميز حسين الحايك بصناعة سروج الحمير.
وكان يشتري الأعواد الخضر من المزارعين بعدما تقطع من النخلة، وتسمى عسقاً، ثم يشده ويعمل له أقواساً. وكان يعمل السرج من أربع قطع، توضع الأعواد على النار حتى تكون لينة. كما كان الحايك يشتري بعض متطلبات صنع السرج من النجارين، ثم يرتب محتوياته ويعرضه للبيع. فكان يأتيه إلى بيته من يريد أن يشتري السرج. كما كان يرجع له من يملك سرجاً ويحتاج إجراء بعض التعديلات. كما كانت له شهرة في قراءة الفخري، وقراءة القصائد في المواليد، له صوت مميز، ويقرأ المولد بلحن عاطفي وماهر يشد الشباب ويتفاعلون معه بحرارة، ويحرك معها المشاعر، وأما في قراءة الفخري فكان يبكي من يستمع له، وكان أخوه الحاج علي الحايك يعمل مساعداً لمغسلي الموتى.
– صنع قفص الرطب:
كان المشهور بصنع الأقفاص بفريج الرفعة الشمالية الحاج سويد، وأخوه الحاج عباس القفاص. وكانت تلك الأقفاص يستخدمها المزارعون لوضع الرطب فيها بهدف تسويق بيع الرطب. ويأتي الزبون يشتري الرطب من المزارع، حيث يفرّغ الرطب في كيس أو كرتون ويعيطه المشتري بعدما يستلم منه قيمة الرطب الذي في القفص. وأما عن صنع القفص يقوم الواحد منهما (سويد وعباس القفاص) بشراء سعف النخيل من المزارع. وقد كان في ذلك الزمان طلب متزايد على السعف والكرب وبأسعار مرتفعة، في وقت أجرة العامل بريالين، والحزمة من الحطب تباع بأربعة ريالات أكثر من قيمة أجرة عامل في ذلك الزمن. وكان القفاص يهتم بشراء السعف المميز، ثم يقوم بإزالة الخوص من السعف ويبيعه على من يصنع الفخار بالدوغة، حيث يستخدمونه في حرق منتجهم، ثم يضع القفاص ذلك الجريد على شكل حزم في عين أم خريسان. ويبقيه شهراً في مجرى الماء، وبين فترة وأخرى يأتي القفاص بحزم من ذلك الجريد ، يقصها وهي رطبة لصنع منز وقفص و….. . في إحدى السنوات توجه عباس القفاص لجلب حزمة من الجريد من عين أم خريسان ولاحظ جثة غريق بالعين، فتوجه إلى مركز الشرطة عند دروازة الخميس وأبلغهم بذلك.
– المجتمع في السابق:
كانت تسود بين الناس الطيبة والتعاون، فعلى سبيل المثال: العاملون بمهنة الفخّار لو تمّرض أحدهم واستمر مرضه أياماً طويلة يراعى أثناء جرد المنتجات التامة، فإذا جهز المنتج من الفخّار فيتم توزيع الحصص بين العاملين بمهنة الفخّار، حيث يعطى الأستاذ مقدار سهمين، وكذلك لصاحب الدوغة يعطى مقدار سهمين. وأما العامل بمهنة الفخّار فله سهم واحد. ويعطى العامل المريض حصته حتى لو استمر غيابه لمدة شهرين أو أكثر. بل أكثر من ذلك لو لم يرزق ذلك العامل في مصنع الفخّار بذرية، أو لا يوجد من يتكفل ببيع منتجه. يتولى الفخاريون العاملون بالدوغة التي يعمل فيها ذلك المريض بيع منتجه نيابة عنه في السوق الذي في الخر أو عند ساباط القريني.
– الملا علي بن حسين العبدي:
تعلم الخال الملا علي العبدي القرآن الكريم على يد محمد بن الشيخ محمد البن الشيخ (المازني)، وكان ماهراً بعمل الحجب. أصيب أخي علي بمرض فأعطى الخال الوالدة جامعة له ووضعتها في كتف الأخ، وطاب بإذن الله. كذلك كان أحد المؤمنين كلما رزق بولد يمرض ويموت في طفولته، وقد دفن ذلك المؤمن ثمانية أطفال. فلما نفد صبر ذلك الرجل على ذلك البلاء، أبلغ الملا علي العبدي بمشكلته، وطلب منه مساعدته ببدائل لمواجهة البلاء الذي حل به. فأعد له الخال علي (جامعة) وطلب منه بعد طهر زوجته يمررها عليها من كعب رجلها إلى رأسها، ثم أمره بالقرب منها وأنجبت فيما بعد أولاداً عاشوا له متعهم الله بالصحة والعافية.
الملا علي أكبر من أخيه الملا ناصر العبدي. وكان والده الحاج حسين العبدي ثريّاً وتاجراً في بيع الملابس. هاجر الخال علي إلى إيران بعدما سافر عمه الحاج محمد. وتزوج الخال علي في إيران من أسرة البدران، وتوجه معها فيما بعد إلى الكويت. وكانت علاقته قوية بالأسرة الحاكمة بالكويت. وقد كانت الأسرة الحاكمة تأتي بأطفالها إليه لعلاجهم. وكانت حياته الاقتصادية آنذاك جيدة، واستمر الخال في تواصله مع أرحامه ومنهم أخته (والدتي).

– الحاج محمد العلوي:
الحاج محمد بن عبد الله العلوي كان يعرف مواقع النخيل وحدودها وأصحابها. وكان يخرج مع اللجنة الحكومية المسؤولة عن تحديد نصاب الزكاة، وكانت وظيفته تسجيل نصاب الزكاة على صاحب النخل في دفتر الزكاة.
– فريج الفوارس:
كنا نعمل في ترميم منزل الحاج حسين العامر، وهو يسكن بفريج الفوارس فكشفنا عن قبر عمقه ثلاثة أمتار، فلاحظنا معالم صاحب ذلك القبر الجمجمة والحنك و… ، ثم سألنا الشيخ علي بن أحمد الشبيث عن وظيفتنا الشرعية، فقال: ادفنوا ما حفرتموه، وأكملوا مشروع البناء. وكان ممن يعمل معنا الحاج صالح بن مبارك الدخيل، وقد نقل لنا فيما بعد بأنه لم ينم تلك الليلة، حيث رأى في المنام رجلاً يقول له: (وين وديت الحنك)، لذا ما قبل فيما بعد أن يعمل معنا في ذلك البيت. كذلك حفرنا لإنشاء قواعد بيت الجبران موقع حسينية الجبران الحالي بـ: فريج الرقيات فرأينا في ذلك المكان أثاراً لموتى.
– والدتي:
كانت تقرأ حسينيّاً في بيوت أهالي الفريج كـ: بيت بن قوطي وغيره.
– الحاج محمد البركات (أبو جاسم):
كان متفاعلاً بالحضور في مناسبات المجتمع ومن أول الوقت. فكان ماهراً في تواصله الاجتماعي لا يعنيه حضور الآخر في مناسباته أو لا، الأهم عنده أن يتواصل مع الناس تقرباً لله ورضا له، وزيادة حصيلة حسناته.
– الدراسة:
أول ما تم فتح مدارس حكومية بمدينة الهفوف، اعترض الكثير من الأهالي على الدراسة في تلك المدارس وبالأخص مدارس البنات. كما كان بعض الآباء يمنعون أبناءهم من الالتحاق بشركة أرامكو. وكان بعض الشباب يسجل بشركة أرامكو بالرغم من معارضة أبيه له، وإذا علم بعض الآباء فيما بعد بذلك كان يطرد ابنه من بيته. وأتذكر أن بعض المتدينين كان يقول: من يجلس مع الأمريكان أربعين يوماً يذهب الإيمان عنه.
– عين المقصب:
سميت عين المقصب كذلك لأن القصاصيب (بائعي اللحم) يغسلون اللحوم بالقرب من تلك العين جهة الجبل الذي دفن فيه المرجع الديني الشيخ محمد آل أبي خمسين، وأصبح ذلك الموقع فيما بعد من أملاك بن داود، وسميت تلك الأرض، أرض بن داود، وبنيت حولها بيوت. ولما جف ماء عين القصاصيب اقترح بعض الجيران المحيطين بتلك العين أن يتم استخدامها فتحة بهدف تصريف مياه الصرف الصحي، وكانت هوة تلك العين واسعة جدّاً، فصبت بالأسمنت من جهة أطرافها. وحصل من اقترح أن تغطى فوهة تلك العين بالصخرة الموجودة بـ: بفريج الرفعة الشمالية عند بيت المغربي بـ: فريج المحارف القريب من فرع وزارة المالية آنذاك، فقال الحاج علي الجبران: أنا آتي بتلك الصخرة، وتصالح مع المستفيدين من منافعها على مبلغ مالي يعطى الجبران مقابل أتعابه في نقله لتلك الصخرة على رأسه من فريج الرفعة الشمالية إلى حي الفاضلية. وكان طول تلك الصخرة مترين وعرضها مترين وسمكها 10سم2 ، وكان الحاج علي الجبران قوي البنية، فحملها على رأسه وجاء بها إلى حي الفاضلية، ووضعها على فوهة تصريف المياه، وسدها حفاظاً على سلامة المارة من الأطفال والنساء وكبار السن وغيرهم.
– عين نبعة:
تقع قرب حسينية الجعفرية بحي الفاضلية. وكانت النساء يستفدن من تلك العين في غسل الملابس. وأتذكر أنه سقطت أمطار غزيرة جدّاً في إحدى السنوات مما تسببت في سقوط بعض أجزاء من البيوت التي بجوار تلك العين منها: بيت الحاج صالح الياسين. وكثرت المياه حولها من الأمطار الغزيرة، ومن المياه التي تخرج من عين النبعة، ومن عين القصاصيب. وأتذكر أن تفاعل رئيس البلدية آنذاك إبراهيم العرفج حيث خرج إلى موقع تلك البحيرة. واقترح عمل ثبر من جهة بيت الحاج سلمان النفيلي، وتحقق ذلك، ثم بدأت عين النبعة، وعين القصاصيب بسحب مياه الأمطار.
– سقي النخل بالليل:
توجهتُ إلى مزرعتي بإحدى الليالي من أجل سقيها، وحملتُ في يدي فانوساً لإضاءة الطريق، ولما وصلتُ إلى الشارع الذي فيه النخل، رأيتُ بعض المجاورين لنا متجمهرين في ذلك الشارع. فالتفت إليّ أحدهم قائلاً: لن تستطيع أن تصل إلى مزرعتك بالنظر للأصوات المخيفة التي نسمعها. فطلبتُ من الحاج أحمد الكاظم (أبي جعفر) أن يسقي نخل الأخ علي، وأعطيتُه الفانوس. وقررتُ أن أسقي نخلي من دون الاعتماد على إضاءة، فسميتُ بسم الله، ودخلتُ ذلك النخل المظلم، وبمجرد أن سمعتُ أصواتاً مرعبة خرجتُ مسرعاً منه، فطلبتُ الفزعة من أحدهم وكان قوي البنية، وقد نقل لنا قبل ذلك بأنه قتل ذئباً وقطع رأسه بعدما تعرض له في طريقه ، فقلتُ له: أريد منك أن تبرز قوتك لمواجهة مصدر الصوت، كما أبرزت قوتك، وقتلت ذلك الذئب المفترس. وإذا به يبرز خوفه وتتغير ملامح وجهه، ويكشف عن حقيقته فيقول لي: تريد أن تيتم أطفالي. فرجعتُ مرة أخرى إلى داخل النخل، وذكرتُ اسم الله وصليتُ على محمد وآله وسقيتُه. وبعد ذلك خرجتُ من المزرعة إلى مكان تجمع المجاورين، ولما طلع الفجر صليتُ صلاة الصبح ثم دخلتُ النخل مرة أخرى، وكشفتُ أن ذلك الصوت المخيف يرجع لطير ضخم مثل النعامة يسمى طير زرقي بحسب ما رأينا من آثاره في الأرض.
– مدخل رسيول:
تم فتح مدخل رسيول قبل خمس وستين سنة يعني عام 1371هـ تقريباً.
– لبس البشت:
لبس البشت كان هو السائد في مجتمعنا قبل ستين سنة، فلم يكن يخرج الرجل من بيته إلى المسجد، أو إلى مجلس العزاء، أو إلى السوق، أو إذا أراد التنقل داخل الحارة، إلا بعد لبس البشت.
– شركة الصفارة:
تأسست تلك الشركة في مشروع الصفارة، وتتألف من ثلاثة شركاء هم: الخال الحاج حسين العبدي الذي انتقل إلى بلدة المنيزلة فيما بعد، والحاج محمد بن حمزة اليوسف (جدك لأمك يا سلمان)، والحاج حسين من أسرة الأستاذ (والد إبراهيم)، ومحلهم التجاري في شارع السويج.
– الإمام الحسين(عليه السلام) للجميع:
توافرت خدمة الكهرباء في فريج الرفعة الشمالية في وقت متأخر مقارنة ببعض المناطق الأخرى بالهفوف. فقد قررت إدارة الحسينية الجعفرية (الكبيرة) إيصال خدمة الكهرباء للحسينية، وبالنظر لعدم توفر مختصين بذلك الزمان في الفريج لتسليك الأسلاك الكهربائية، وارتفاع أسعار العاملين في تلك المهنة بالنظر لكثرة الطلب وقلة المعروض للأيدي الماهرة. استمر البحث عن المختص بالسؤال من هنا وهناك عدة أيام، وكانت لدى أصحاب الحل والعقد بالحسينية قناعة بأن يتم دفع المبلغ المطلوب حتى لو تطلب ذلك ارتفاع سقف تكلفة العمل، وبعد جهد جهيد تم الاتفاق مع شخص اسمه: الحاج أحمد العتيق من إخواننا السنة، ولما قام العتيق بالتمديد لتلك الأسلاك، وتوفرت خدمة الكهرباء بالحسينية، أراد المشرف على الحسينية إعطاء ذلك العامل أجرته المتفق عليها، إلا أن العتيق رفض استلام المبلغ، وقال: الإمام الحسين (عليه السلام) لجميع المسلمين ولم يقبل أن يستلم أية أجرة مالية مقابل عمله.
– الحاج عطية المدني:
الحاج عطية المدني من أهل المدينة، سكن في فريج الرفعة الشمالية، وممن قدم من المدينة المنورة أيضاً الحاج عبدو الذي تزوج الحاجة أم خضر الغريب، وكذلك الحاج صالح المدني الذي تزوج بنت المبارك. كان عطية المدني رجلاً طيباً لا يرجع من سوق القصابين إلى بيته إلا معه قطعة من اللحم. وإذا وصل الفريج هناك بعض الرجال ينتظرونه عند مسجد الغراريش فيتوجهون معه إلى منزله، ويطبخ لهم من الطعام بمقدار ما يكفيهم، ويزيد كميات الأرز واللحم كلما زاد عدد ضيوفه. وفي المساء كان يعد لأصدقائه الطعام كذلك. في أحد الأيام كنتُ أتمشى مع عطية فقلتُ له: نخطب لك بنت سويد القفاص، فقال عطية: إذا وافق سويد على بركة الله، فلما أبلغنا سويد بذلك وافق وقال: نبلّغ الأم والبنت بذلك وتمت الموافقة على ذلك، وتم الزواج.
– مقبرة السنود:
هناك مقبرة تسمى مقبرة السنود وموقعها بالقرب من شركة الحسن. ولا أعلم هل دفن فيها من المسلمين، أو دفن فيها يهود.
– مستوى الفقر:
وصل مستوى الفقر لدى الناس قبل مائة سنة أن يعرض بعض الفقراء أبناءهم في السوق لبيعهم بهدف توفير لقمة عيش لأسرهم. وقيل: إن هناك بعض القرى اختفت بالنظر لظروف المعيشة آنذاك. كما أن لقب بعض الأسر اختفى بالنظر لتغير لقب القبيلة، أو السفر إلى خارج أرض الوطن، أو بسبب أن بعضهم رزق ببنات، أو من الفقر والموت، وغير ذلك من الأسباب.
– الحاج يوسف المازني:
توفي رجل اسمه يوسف المازني في سنة الرحمة ومع كثرة المتوفين بذلك اليوم تأخر تغسيل الحاج يوسف المازني. وكان الذي يفيض على الحاج حمزة الفهيد الحاج علي الحايك. وعندما قدم مغسل الموتى الحاج حمزة الفهيد على تحريك الميت بنقله من اتجاه إلى اتجاه آخر، تحرك معها الميت بحركة لا إرادية وشعر بضربة منه تأتيه بقوة في وجهه. ففزع الفهيد من ذلك الحدث، وتوفي بعد يومين من تلك الفزعة، ولحق به الحاج علي الحايك في الفترة نفسها.
– الحاج عبد الباقي الزاير:
شخص فقير في فريج الرفعة الشمالية، يقال: إن اسمه جواد، وقيل: إن اسمه عبد الباقي. وله شهرة في مجتمعه (أوبجي)، ويقال: إنه من أسرة الزاير، كما أشار إلى ذلك الحاج موسى بن علي بوهويد. وقد مات أوبجي في بداية العقد الرابع من عمره فلم يتزوج، وكان يعمل في مهنة الحياكة. وكان يطالب بالخدمات الحكومية لمجتمعه. فكان يتوجه إلى المسؤولين بالبلدية يتحدث عن تدني مستوى خدمة النظافة، وعن الأوساخ التي بالعجين، وعن أسباب رفع أسعار الخبز عن الأسعار الموحدة من قبل رئيس البلدية الذي حدد ربع الربيعة يعمل (12) خبزة في الكليو من الطحين، وقد رأيتُ طاحونة لطحن الطحين عند بعض الخبازين، فكان بعض الخبازين يأخذ الطحين دون تنظيف، فتظهر فيه الأوساخ. كما أن أوبجي كان يتابع ارتفاع أسعار السلع ليقدم شكواه للمسؤولين على التجار بمجرد أن يلاحظ ارتفاع الأسعار. وكانت متابعته تأتي بنتائج إيجابية، وهو ما يؤكد أهمية المتابعة في رفع سقف جودة الخدمة. ومن مواقف متابعته بعدما علم بتعرض بعض الأشخاص للسرقة مر في إحدى الليالي بالقرب من مسجد العدساني، ولاحظ شرطة نائمين وبجانبهم أسلحتهم، فأسرع وبجرأة سحب الأسلحة من الجنود من غير أن يشعروا بذلك. وجاء بها إلى الشيخ سلمان بن محمد العبد اللطيف الذي وجهه بأن يقدمها إلى الإدارة المعنية بالأمن، ثم توجه أوبجي إلى جهاز الشرطة وسلمهم الأسلحة، ليقول لهم: هؤلاء موظفون لديكم، وهم مسؤولون عن توفير الأمن ومنع السرقات، فلماذا يقصرون في أداء واجباتهم الوظيفية؟ كذلك من مواقفه: قرر رئيس البلدية وضع فانوس في كل عاير سكة، فكان رئيس البلدية يكلف موظفاً بوضع ذلك الفانوس في المكان المخصص عليه، ثم يكتشف أوبجي بأن بعض تلك الفوانيس لا تعمل لنفاد الكاز أو لأي سبب آخر، فيتوجه مسرعاً إلى رئيس البلدية يشتكي له من ذلك الذي بدوره يكلف أحد موظفيه لإصلاح ذلك الخلل.
– موقف:
قبل 55 سنة، اقترض أحدهم 10000 ريال من أصدقائه. وكان الريال له قيمة في ذلك الزمان، ولما حان وقت السداد لم يسدد المقترض القرض. فحاول معه المقرض يطلبه مراراً بضرورة سداد الدين، دون فائدة تذكر. وفي المجلس الذي يترددون عليه يوميّاً، حاول المقرض في أحد الأيام أن يستثمر تواجد المقترض بذلك المجلس في جلستهم المعتادة. فقال المقرض للمقترض بصوت مرتفع: ما سددت مبلغ الدين الذي في ذمتك لي، فغضب المقترض من ذلك ووجه يده بقوة إلى وجه المقرض (صفعة)، مما زادت معها جروح الرجل المضروب ومات بعد أيام من ذلك، وبعدها مات المقترض في السنة نفسها. ثم جاء ابن المقترض إلى الابن الأكبر للمقرض يريد أن يسدد المبلغ الذي في ذمة والده بهدف براءة ذمته، وسلمه شيكاً مفتوحاً موقعاً بتوقيعه وقال لابن المقرض: اكتب أي مبلغ تريده لبراءة ذمة والدي. فقال ابن المقرض: أوصاني والدي بتنفيذ وصيته، ومن جملتها بألا أستلم القرض الذي في ذمة أبيك له، ثم قال: فلنترك براءة ذمتهما لدى رب العالمين يوم القيامة يتصالحان هناك.
– موقف:
أحدهم اقترض مبلغاً ماليّاً من شخص آخر عن طريقي. وقد طلب مني ذلك الرجل أنه أقرضه أولاً، إلا أنه لم يتوافر لدي المبلغ الكافي في حينها، فاقترضتُ له عن طريقي بفوائد. فبدأ المقترض يسدد المبلغ في حينها للمقرض، وبحسب ما تم الاتفاق معه على أقساط إلى أن تم سداد القرض بكامله. وتبقى سداد الفوائد وقيمتها 8000 ريال. وبعد طول انتظار، ومحاولات من المقرض لسداد المبلغ المستحق له من المقترض. طلب المقترض مني أن أطلب من المقرض مهلة مدتها 3 أيام لسداد المبلغ المستحق، إلا أن المقترض لم يلتزم بذلك الاتفاق، فأسرعتُ إلى سداد المستحق للمقرض بعدما طلبتُ منه أن يسلمني سند الدين فجاء بالسند وسلمتُه المبلغ ومزقتُ السند، وبعد فترة جاءني المقرض، وقال لي: باقي من المبلغ المستحق على ذلك المقترض 3000 ريال، فقلتُ له: لقد سددتُ لك المبلغ. فبدأ يدعو ويقسم أنني لم أسدد له، فسلمتُه المبلغ مرة أخرى، وأنا مطمئن أنني أعطيتُه المبلغ وبعد أقل من شهرين مات ذلك المقرض.
– موقف:
اشتغلنا في البناء في بيت شخص من أصحاب الوضع الاقتصادي الجيد. وشغّلتُ معي ما يزيد عن 20 عاملاً لعدة أيام، وكانت الأجرة لأستاذ البناء لا تقل عن 200 ريال. وبعد أداء ما هو المطلوب منا، لم يسلمنا صاحب العمل الأجرة المستحقة. وأصبحتُ كلما التقيتُ به يؤملني بسداد ذلك المستحق مستقبلاً، فطلبت مني العمالة التي عملت معي في ذلك البيت أن أعطيهم أجرتهم، وهذا حقهم، وهم من الفقراء، فسددتُ أجرتهم من مالي الخاص. بعد مدة من الزمن رجعتُ إلى الرجل الذي عملتُ في بيته لطلب سداد أجرتي والعمال الذين عملوا معي في بيته، فقال لي: لن أسدد لك ذلك المبلغ، وإذا ترغب أن تشتكى عليّ عند الجهات المختصة فافعل. بعد فترة من الزمن، مات على ذلك الرجل أحد أبنائه، فتوجهتُ إلى الحسينية لتعزيته، فبدأ يبكي وقال: سامحني أنا أخطأتُ عليك، فطلبتُ منه أن يترك النقاش في موضوع حقوقي الآن مراعاة لمشاعره ولانشغاله بمصاب فقد ابنه. ثم جاءني بعد انتهاء مجلس العزاء يطلبني براءة الذمة فلم أسامحه لأنه مقتدر، ولو كان فقيراً لسامحته وتنازلتُ عن حقي المالي الذي في ذمته، وقد أساعده ماديّاً ومعنويّاً.
– الحاج محمد بن الشيخ محمد المازني:
شهرته في مجتمعه بـ محمد البن الشيخ، في طفولتي ارتفعت درجة حرارة جسمي، فوصف لي وصفة من الأعشاب، فتعافيتُ بإذن الله، ولم أصب بارتفاع درجة حرارة جسمي من ذلك اليوم (اللهم صل على محمد وآله).
– الحاج علي بن علي الزاير:
شخصية عرفت بالوقار والسكينة وغض الطرف عن الجاهل، لم يتأذ منه أحد، فقد ترك حتى من يتهجم ويخطئ عليه.
– الحاج إبراهيم بن سعد البيك:
كان يهتم بالفقراء ولا يفرق بين فقراء المسلمين.
– الخال الحاج محمد علي المرزوق (الصباغ):
توجد في الزمن السابق لجنة تحصر ممتلكات الأسرة: من عدد أفرادها، وعدد الغرف ، ومستوى الأثاث وغيره. فلما وصلت اللجنة إلى باب الخال والمشهور في مجتمعه بالصباغ، سأله أعضاء اللجنة: كم حجرة لديك في البيت؟
فأجاب: ثلاث حجر ومخمرة، فاستغرب أعضاء اللجنة من رده مخمرة ، فقالوا له: من يصنع الخمر لديك، فقال: أنا ، فقالوا له: من يشتري منك الخمر، وذكر أسماء بعض الوجهاء، فتوجه أعضاء اللجنة إلى أحد الوجهاء ممن ذكرهم الحاج محمد علي المرزوق ، فقالوا له: هل أنت ممن تشتري الخمر من ذلك الرجل، فطلب منهم ذلك الوجيه موقع ذلك البيت الذي اتهمه صاحبه بأنه يشتري الخمر منه، فلما عرف أن ذلك يخص الحاج محمد علي المرزوق تبسم ذلك الوجيه، وقال: هذا ما يبيع الخمر، وإنما لديه مخمرة يستخدمها لصبغ البشوت وهي تظهر روائح كريهة.
– من مواقف الخال أيضاً:
توجه في أحد الأيام إلى السوق لشراء الحطب، وحصل من استفزه من بائعي الحطب، واتفق بعضهم على عمل مقلب تجاهه. وكلما أراد أن يشتري الحطب من أحدهم اختفى ذلك البائع ليأتي حطاّب آخر ويسأله الحاج محمد علي المرزوق عن سعر ذلك الحطب مرة أخرى. فغضب الحاج محمد علي المرزوق على من قام بتصرف غير لائق معه، وأراد أن يعطي الحطابين درساً في التأديب، فقدم على شراء الحطب من أكثر من واحد من الحطابين، ثم طلب منهم أن يساعدوه في نقل ذلك الحطب إلى أحد الأبراج، ولما أوصل البائعون ذلك الحطب إلى البرج المعني. توجه الحاج محمد علي المرزوق إلى العمدة الحاج حسن الحرز وأبلغه بأنه لا يحتاج إلى ذلك الحطب الذي قام بشرائه من الحطابين. فجاء العمدة الحاج حسن الحرز وأخبر بذلك الحطابين، وقال لهم: كل واحد منكم يأخذ حطبه، فوقع خلاف بين الحطابين على أي حطب يخصهم، وقال لهم الخال: لابد من تأديبكم.
– الأخ الحاج علي بن عبد الوهاب المرزوق:
هو أستاذ بناء، تعلم مهنة البناء بشكل ذاتي. واستفاد من مهارة أستاذ البناء (الحاج عبد الوهاب بن محمد الشيخ صالح)، وأنا وأخي الحاج عبد الله تدربنا على يدي أخينا الحاج علي مما أكسبنا مهارة في مهنة البناء.
– مهنة البناء:
اشتغلنا بمهنة البناء عندما كانت المواد المستخدمة في البناء: الجذوع للأسقف، والطين في البناء. وكانت العملية صعبة، حيث كنا نبني جداراً من دون (قبان)، وأكثر من ذلك كنا نبني طابقين في ذلك البيت ونجاحه يتطلب مهارة ودقة، وكنا نتقن ذلك بجودة. وأتذكر أننا في أحد الأيام وأثناء عملنا في أحد البيوت سمعنا صوتاً أخافنا، حيث كان بعض البنائين يبنون في أحد البيوت المجاورة لنا، فهجم عليهم ذلك البيت وكان منهم: الحاج خضر الشوارب، والحاج موسى الفهيد، وتوجهنا إليهم مسرعين وأنقذناهم، و …. ثم وضعناهم في الساباط القريب من ذلك البيت. وأتذكر – وعمري – عشر سنوات كنتُ أرى بعض العمالة تأتي بالطابوق من موقع كان قريباً من عين أم عريفي عن طريق العمانيين، ثم فتح مصنع الحاج ياسين الغدير بحي التعاون، بعدها افتتحت الشركة الأهلية بجواره مصنع الحاج عبد الحميد فضل للطابوق ولقربها من البيوت طلبت منهم الدولة نقل تلك المصانع إلى مواقع أخرى، وفي ذلك الوقت فتح مصنع المعيلي للطابوق.
– موقف:
بالنسبة للحمير الحساوية لما قل استخدامها، أصبح اليمنيون يشترونها. وأتذكر أن شخصاً كان يسكن في سكة الجلجلان بفريج الرفعة الشمالية ، ويملك حماراً بارزاً بشكله ونتاجه. وكان ذلك الفلاح يستخدمه لنقل الخضار من مزرعته إلى السوق لبيعه. وكان بإمكانه الاعتماد على حمارة صغيرة تكفيه لأداء ذلك الغرض. فحصل من رغب شراء ذلك الحمار بـ 1000 ريال، فأشار على ذلك المزارع الحاج علي بن أحمد الجاسم، بأن قال له: بع ذلك الحمار بذلك السعر، واستفد من ذلك المبلغ في صيانة بيتك، وأداء فريضة الحج، واشتر لك حمارة بسعر: 30 ريالاً، إلا أن ذلك المزارع الفقير رفض ذلك بمبرر أن ذلك الحمار يستفيد منه في توفير لقمة عيشه فقال له علي الجاسم: تكفيك حمارة أصغر وأقل من ذلك السعر فلم يستجب لذلك، مات ذلك الحمار، ولم يؤد ذلك المزارع فريضة الحج، ولا قام بصيانة بيته، واحتاج إلى شراء دابة أخرى لشغله.
– الديك:
كانت الأهالي تحب تملك الديكة بمنازلها في ذلك الزمان خصوصاً أنه يستفاد منها في الاستيقاظ صباحاً بالتهليل وذكر الله. وكنتُ أتملك ثلاثة من الديكة بمزرعتي. وأحد تلك الديكة سمّاه الأولاد سمير. وكان ذلك الديك حركيّاً، ولم يكن يثبت في موقعه بالحوش، فكان يتنقل من موقع لآخر، من أول النخل إلى آخره. كما كان يمنع الأجانب من دخول المزرعة، وإذا جاء شخص غريب إلى المزرعة يعيق دخوله، ويحاول أن يزعجه، فكان يقرب منه ويؤذيه بعدة تصرفات، فقد يصعد على رأسه، أو يقرّب فمه من جسمه، وغير ذلك. في أحد الأيام لما وصلتُ المزرعة سألتُ عن ذلك الديك، فقال لي العمال: أكله الكلب، والظاهر أن العمال هم الذين أكلوه.
– الحياكة:
مهنة شريفة، وشغلة دقيقة ليس كل عامل يستطيع العمل فيها. تحتاج إلى فن، بحيث يطلق على من يعمل فيها بأنه مهندس. وهناك من الأطفال من (يدولب). وهناك من كفيفي البصر من يحيك ومنهم: الملا أحمد الفهيد، والشاعر حسين جميز، والحاج حسين الصالح (أبو علي).
– شراء الغزل:
يتم شراء الغزل يومي الأحد والخميس من سوق الهفوف، ويوم الأربعاء من سوق المبرز.
– المعايدة:
يوم العيد يجلس المسؤول عن مصنع الحياكة في المجلس الذي بموقع عمله لاستقبال المهنئين بالعيد السعيد.
– مجتمع ما قبل خدمة الكهرباء:
كانت الناس تستخدم سراج بو سنارة لتوفير الإضاءة، ثم استخدمت الفوانيس، وبعده استخدمت (التليكات).
– موقف لرئيس البلدية:
أتذكر أن رئيس البلدية عمر خميس، أمر بوضع سراج (بو سنارة) في (العواير) والساباطات، وكلف موظفي البلدية بتشغيلها وقت المغرب، وكانت تستمر الاستفادة من خدمات سراج (بو سنارة) إلى طلوع الفجر، وقد فرح الأهالي بتلك الخدمة بعدما كان الظلام هو المسيطر في كل الأحياء ليلاً، حيث إن البعض يتخوف من المرور في السوابيط، لأنها مظلمة. وأما عن استخدام سراج (بو سنارة) بالمنازل، فكان الأهالي يطفئون سراج(بو سنارة) وقت النوم خوفاً من الحريق. كما كان بعضهم عندما يريد أن يطفئ سراج (بو سنارة)، يقول: نور الله خير من نورك.
كما كان الأهالي يفرحون بالليلة القمرية ( الليالي البيض 13- 14 – 15) حيث القمر يشع بذلك النور الذي يسفر معه الفريج، بعضهم إذا أراد أن ينتقل من بيت إلى آخر يكون عنده كشاف. كما أن المخيط يسعى لتوفير (التليك) بالليل ليساعده على الخياطة. كما كانوا في الأعراس يستأجرون (التليكات) من الحاج عبد الله الدهنين، وكان يشرف كذلك على تصليح التليكات. في ليلة العرس يأتي بالتليكات أقارب وأصدقاء العريس، وبعضهم يقدم على استئجار التيلكات من قريبه أو صديقه لاستخدامها في الأعراس، وفي مراسم تشييع الموتى، وفي مجالس عزائهم. أما عن حوادث استخدام سراج (بو سنارة). أتذكر أن الحاج حسين الحايك رزق بولد وحيد كان يعمل في مهنة الصفارة عند أسرة القريني. طلب منه معزبه أن يأتيه بسراج (بو سنارة) فسال (الكاز) على ثيابه والسراج مشتغل فاحترق ومات بعد أيام لبدائية الطب في ذلك الزمان، ولم يستفد من العلاجات الشعبية. كما أن بعض الأسر انفجر عندها سراج (بو سنارة) مما ساهم في انتشار الغازات في موقع الانفجار، وتأثر المتواجدون من تلك السموم.
– الكاز:
يستورد من عبادان في تنك، ويصل لأرض الوطن عن طريق ميناء العقير، ثم يحمل على جمال بتنك، ويباع عند دروازة الخميس. وممن كان يعمل في بيع الكاز بالفريج الحاج جعفر الجعفر، والحاج إبراهيم الغريري. وكان الزبون يأتي بعلبة (بغرشة) ويعبؤها البائع بعدما يدفع المشتري خمسة قروش أكثر أو أقل. كما كان يباع الكاز بالوزن (بمصطلح ربعة)، ثم أصبح يباع باللتر حيث يوضع بجالون(بالقلن). وأخيراً أصبح بائعو الكاز من الجنسية العمانية حيث يتجولون بسكك الفريج على القواري والحمير.
– في فصل الشتاء:
يحتاج المجتمع في السابق استخدام الحطب للتدفئة والطبخ. ويأتي المزارع بالحطب ويبيعه بسوق الحطب. وأتذكر أن بعض الفقراء لا يملكون المال لشراء الحطب، فيأتي بعضهم لضرب أبواب جيرانهم ليطلبوا منهم شيئاً من الحطب، وكان الجيران يتفاعلون معهم إيجاباً.
– حرق المنتجات بالدوغة:
في الأجيال السابقة كان العاملون بصنع الفخار يحرقون منتجات الفخار بالدوغة. ولذا يحتاج الفخّاريون شراء كميات كبيرة من السعف. وفي يوم الحرق تستمر النار تعمل من العصر إلى صباح اليوم الثاني. وكان العمل في مصانع الفخار بنظام الشفت في ذلك اليوم. فكانوا يضعون السعف والقصاميل (الأعواد) في النار، ويعطون الفائض للفقراء من الرجال والنساء. وكان سوق الحطب عند دروازة فريج الكوت، ثم أصبح الحطب يباع عند دروازة الخباز. ويتم شراؤه بالرفع (ويقصد به مرحلتين كرب، وحزمتين من السعف) يأتي به البائع إلى بيت المشتري. وكان معظم بائعي الحطب من أهل القرى. وكان الحطب يوضع في حجرة تسمى حجرة أم الحطب. (إذا كان ذلك البيت كبيراً). وأما صاحب البيت الصغير فيضع الحطب في المكان الذي يراه مناسباً في بيته.
ومن عادات المجتمع في السابق أن يوضع مكان ما يشعل (يشب) النار (الوجاق) بالمجلس، وتُفتح فتحة صغيرة بالسقف حتى يستفاد منها لخروج الدخان من تلك الفوهة. وفي وقت وقوع الحريق، لم تكن هناك دائرة الدفاع المدني، وإنما يفزع الجيران ويتعاونون فيما بينهم لإطفاء الحريق إن وجد.
– المطر:
وقت نزول المطر الشديد تقع وتهجم بعض البيوت، ويغرق البعض الآخر، وقد يخرج أصحابها منها. وكان الأهالي يحفرون مجرى بالأرض (بالصخن) من جهة بيوتهم مما يسهل مرور ماء المطر، ويمنع من دخول مياه الأمطار إلى بيوتهم، وبالنظر للظروف الاقتصادية في الأجيال السابقة كان بعض الفقراء يتمنى ألاّ ينزل المطر، بل كان البعض يدعو بأن يقف المطر ولا سيما إذا أصبحت السماء ممطرة لأيام عدة، لأن بعض الأعمال تتوقف كالحياكة، وقد يحتاج بعضهم إلى المال لترميم ما عطل أو سقط بمنزله.
– المساخن:
كانت تعبأ (المساخن) بالماء من عين الماء إذا كانت تلك العين في البيت أو في السكة، وقد تتوفر أكثر من مسخنة بالبيت بالنظر لعدد سكان ذلك البيت، وبعضهم يشتري (الحب) الكبير لحاجته لذلك.
– معرفة توقيت الفجر:
بالقرب من السراج يُعلّق فانوس إذا أطفئ يعني دخل وقت الفجر، ويتم معرفة دخول وقت الفجر في الفرجان، وإذا أذن المؤذن بالمسجد معلناً بدخول وقت صلاة الفجر، فكنا نسمع ذلك الأذان من المسجد الجامع لأننا ننام بسطح المنزل، حتى وقت نومنا بالغرف بفصل الشتاء، كنا نسمع الأذان لوضوح وصوله لآذاننا، ولعدم وجود أصوات مزعجة كأصوات المكيفات التي تعيق من السماع، ولا نغفل أن النوم المبكر يجعلنا نكتفي آخر الليل من النوم ونجلس قبل طلوع الفجر. كما أن بعض النساء إذا استيقظن يوقظن جيرانهن بضرب الجدار المبني بالطين إذا كان في فصل الصيف، أما في فصل الشتاء إذا ما سمعت ربة البيت أصوات جيرانها، كن يضربن الباب عليهم.
– الراديو:
أول ما بدأ استخدام الراديو بالأحساء، وكانت هناك ردود فعل مضحكة من الناس، بعضهم قال: هذا من علامات الساعة، وبعضهم قال: بدأ يتكلم (تحجى) الحديد، وهو مقدمة لخروج الإمام الحجة بن الحسن (عليه السلام). وقبل توافر التلفزيون بالمنازل، قال بعضهم: سيأتي وقت نشاهد المذيع بصورته الحقيقية بجهاز حديث. كما رأينا بمجتمعنا من اتهم من أقدم على شراء الراديو في دينه. وأتذكر أن إخوة كانوا يعملون عند الحاج عبد العزيز النجار، أقدموا على شراء راديو بخمسمائة ريال، علماً بأن جهاز الزوجة آنذاك بـ 200 ريال، والمشترون لذلك الجهاز لم يتملكوا بيتاً وهذا ما يجسد لك التفاعل مع الراديو في بداية استخدامه. وأتذكر أنني شاهدتُ (دزة) خارجة من فريج الرفعة الشمالية ومتجهة إلى منزل الحاج طاهر بن علي بن حجي الغزال في فريج الحداديد، وقد وضع الحاج طاهر الغزال بمجلسه جهاز الراديو على بعض الأثاث (مسند) وشغله، وكان كبير الحجم، وبعض المشاركين بتلك الدزة بدأ ينظر خلف المسند يريد أن يرى من يتكلم. وكانت سماعات الراديو صغيرة وتعبأ عن طريق محلات بن داود، وموقعه بالخر جنوب فريج الرفعة الشمالية. وكانت التعبئة بريالين والبطارية بحجم بطارية السيارة، والقنوات المتوافرة في ذلك الزمان بالإذاعة: لندن، والبحرين، وبغداد، والقاهرة.
————
1435هـ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى