بشائر المجتمع

العلامة الشيخ حسن بن الشيخ باقر بوخمسين في الذكرى السنوية الرابعة لرحيله

إبراهيم بوخمسين : الدمام

“هناك من تتألم الأرض عند فقدهم وتبكي عليهم بندم المشتاق، وتهتز السماء حزنًا على فراقهم وانتهاء حياتهم؛ لأنهم أدركوا حقيقة الاستخلاف في الأرض وقاموا بواجباتهم، وكانوا مصداقًا لقول أمير المؤمنين علي عليه السلام: “خالطوا الناس مخالطة إن متم معها بكوا عليكم وإن عشتم حنوا إليكم”.

جاء ذلك في كلمة الافتتاح التي ألقاها الشيخ عبدالله بن الشيخ حسن بوخمسين في الحفل السنوي الرابع، الذي أقيم مساء الخميس الماضي لذكرى رحيل العلامة الشيخ حسن بن الشيخ باقر بوخمسين في الحسينية المحمدية بالهفوف. وقد حضر الحفل جمع من العلماء والأدباء والشعراء والمهتمين بالشأن الثقافي.

فيما تخلل الحفل الذي قدمه عبدالله بن عبد الأمير بوخمسين، وافتتحه القارئ السيد محمد الحاج بتلاوة قرآنية، تلتها ثلاث كلمات وقصيدتا شعر وتوقيع ثلاثة كتب، أبرزها للباحث المؤرخ الشيخ محمد الحرز، بعنوان “مرتكزات العمل الاجتماعي في فكر العلامة الشيخ حسن”؛ مشيرًا لمرتكزات الشيخ حسن ومنطلقاته التي جعلها سبيلاً ودافعاً نحو العمل الاجتماعي، منها: الإخلاص والقربة لله، والحفاظ على النسيج الاجتماعي، والتحلي بروح الأبوة.

ومن جانبه، ألقى الشاعر عبدالمجيد الموسوي قصيدته الرائعة “مرآةُ الجَلالِ والجَمال” في رثاء سماحة الشيخ حسن بوخمسين، جاء فيها:

باقٍ هــواكَ على جُدرانِ أسئـلتي ـ ـ ـ ولا جوابٌ يفي من فيضِ مِحْبرتي
معلقٌ لا خيالي الخِصبُ يُسعفني ـ ـ ـ ولا مـجازٌ يُـطِلُّ الآنَ مــن لــغــتي
ولا جناحانِ أجـتاحُ الفَـضَا بهـما ـ ـ ـ تعِقُّني الرِّيحُ لم أعرفْ مدى جهتي
وحـائرٌ بــين أنْ أرثيكَ مُنــتحِلًا ـ ـ ـ أشعارَ من قد مضى أشدو بقافـيتي
أم أكـتوي بـرثا حَرفي وحَيرتِهِ ــ ـ ـ من كلِّ ســـانحةٍ تــأتي وشــــاردةِ
لا تطلبوني رثاءً،.. لم يمت أبدًا، ـ ـ تمن اسْمُهُ في سماءِ العشقِ لم يمتِ

أنا الذي لم يخُنِّي الشِّعرُ مذ غَرَفَتْ ـ ـ ـ كفايَ منه، ولم أكــبُ بــمفـــردةِ
وما اقتنصتُ مجازًا أو ظفِرتُ به ـ ـ ـ إلاَّ تجلَّى على أيــقــاع فــلســفـتي
وكنتُ أهواهُ غواصًا فما صَعُـبـَتْ ـ ـ ـ أعتى قوافيهِ أو شاخــتْ مُخَــيِّلَتي
ينتابني الآنَ عجزٌ ما شَعَــرتُ به ـ ـ ـ كأنــني طائــرٌ من دونِ أجــنحــةِ
فكلَّما انقـدحتْ في الــنفسِ قافــيةٌ ـ ـ ـ أشرقتَ لي… فـتهاوتْ كلُّ أبـنيتي
وكلَّما جــئتُ مفــتــوناً بـمــفــردةٍ ـ ـ ـ تحطمتْ كلُّ أحلامي على شفــتي
حتى عَلِمْتُ بأنَّ الحُسـنَ مــهــلكةٌ ـ ـ ـ إذا تــراءى لصــَبًّ دونَ معــرفةِ

فأيُّ هــيــبةِ إجــلالٍ كُسيتَ بـها ـ ـ ـ وأيُّ وسْـــمٍ حـــباكَ اللهُ أو سِـــمَــةِ
وأيُّ منزلةٍ قد حزتَ، أيُّ هـوىً ـ ـ ـ أشعلتَهُ في قـــلوبِ النــاسِ يا أبــتي!
العاشقونَ وإنْ فاضتْ قرائِحُهُم ـ ـ ـ فما سعــوا في هـــواهُمْ قَــيـْدَ أُنـــمُلةِ
فلو تجسَّدَ وصفٌ أو بدتَ صفةٌ ـ ـ ـ فأنت لا شكَّ فوق الوصفِ والصَّفـةِ

هــيا نُــعـَددُ ما اللهُ اجــتـباكَ به ـ ـ ـ من هـيـــبةٍ أو وقـــارٍ فــيكَ أو هِبَةِ
أو عِفَّةٍ أو كَفــافٍ قــــد نُعِتَّ بـه ـ ـ ـ من دونِ بهــرجةٍ تَطْــغى ورهبنةِ
سماحةٌ فيكَ في خَلْقٍ وفي خُـــلُقٍ ـ ـ ـ شهامةٌ مـــنكَ في نُــبـْلٍ وفي دَعَةِ
أنقى من الماءِ كفًا ما مسحتَ بها ـ ـ ـ على يــتــيمٍ بــروحٍ مــنكَ شــافيةِ

أو جئتَ تبسُطُها حبــلى تـبلّْ بــهـا ـ ـ ـ قلبَ المساكين بيْضا دونَ شائبةِ:
الا وعادوا كأنَّ الشَّمْسَ في يـدِهِــم ـ ـ ـمما تجلَّى لهم من وحي عاطفةِ
قد كنتَ في الناسِ تسعى ما قطعتَ لهم ـ ـ ـوصلًا، تحُجُّ لهم في الضِّيقِ والسِّعَةِ
تواضُعٌ …. كلُّ من وافاكَ يلمُسُهُ ـ ـ ـ كأيِّهمْ كنتَ في سَــمْتٍ وفي سِـمَةِ
كأنَّما اللهُ قد أعـــطـاكَ مــــنــقـــبةً ـ ـ ـ للنِّاسِ قـــلبٌ وفــيكَ سِرْبُ أفئدةِ

وحينما اللهُ أعطــاكَ القَضَا هــبةً ـ ـ ـ أخلصتَ فيه بلا جَــورٍ ومَظْلَمةِ
حكمتَ في النِّاسِ بالعَدلِ الذي انعقدتْ ـ ـ ـعليه روحُكَ، لم تركنْ إلى جهةِ
فكم فَضَضْتَ نزاعًا فارَ مِجْــمَرُهُ ـ ـ ـ بحكمةٍ منكَ عادَ الوصْلِ للصِّلَةِ

أبا رضا وحنــينٌ ظلَّ يُرهِــقُني ـ ـ ـ لروحِكَ الطُّهْرِ، ما قد فاقَ مقدرتي
ينتابُني كلَّما اقتادَ الهــوى سُفـُني ـ ـ ـ لنهرِ عينيكَ، أو نــادتكَ أشــرعتي
رحلتَ والنَّاسُ في حَجٍّ وفي نُسُكٍ ـ ـ ـ وقد حَظِيــتَ بألــطافٍ وعــاقــبةِ
تعالَ يا سيدي أرجوكَ يؤلِمُني ـ ـ ـ هذا الــفِراقُ، ويــذكي نارَ أخــيلــتي
أحتاجُكَ الآنَ عد لي، عد لأفئدةٍ ـ ـ ـ ظمأى، تئِنُّ من الحــِرمانِ والعَـنَتِ
أُنْسٌ كأُنْسِكَ قد شحَّ الزمانُ به ـ ـ ـ هلَّا منــحتَ لـــــنا لو بعـــضَ أنسنةِ

يا نجلَ باقرَ عذرًا ما نطقتُ به، ـ ـ ـ مِعْشارُ ما يصطلي في عمقِ ذاكرتي
ولو سبَرتُ قواميسَ الهوى نهِمًا ـ ـ ـ لما اهتديتُ، فيا عَجْزي و مُعْضِلتي
فـــما بِوِســعيَ أنْ آتي بمــفـردةٍ ـ ـ ـ تَرْقى إلـــيكَ، وهل للـــحُبِّ من لغةِ

وفي الختام، ألقى المهندس إبراهيم بوخمسين كلمة تحدث فيها عن بعض سمات الشيخ حسن، ملقيًا الضوء على كتاب “الشيخ حسن بوخمسين رمز التواصل والعطاء”، الذي يحكي سيرة الشيخ حسن بوخمسين ومقامه ضمن سلسلة من المقالات، والدراسات، والقصائد الشعرية، والتعزيات، والصور المرئية، والوكالات الشرعية،

كما تطرق المهندس بوخمسين إلى كتاب “لماذا نقدس القرآن” لسماحة الشيخ باقر بن آية الله الشيخ موسى بوخمسين، والذي ينين يبين فيه ماهية القرآن الكريم وفلسفته على نسق التفسير الموضوعية؛ متضمنًا عدة موضوعات، من أبرزها: الخالق في القرآن والبحث في صفاته، وفي بدء الخليقة، ومكانة الماء والهواء في نظام الخلقة، وأثر النيرين في نظام الكون ومركزية الأرض، وخلق النبات، والإنسان في الأرض والعقل والعلم والتقاليد والتآلف، والمشاريع الخيرية في القرآن والعناية بالصحة، والرسل، وتعاليم السماء، والخلافة والولاية، والطقوس في القرآن، كفلسفة العبادة والصلاة والصيام والحج والزكاة والخمس.

وأشاد بو خمسين بدور الشاعر جاسم المشرف في الإشراف والمشورة فيما يخص مادة الكتاب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى