أقلام

كربلاء وتمثلاتها في المخيال الشعبي: رؤية كاظم الخليفة

رباب حسين النمر

روي عن الإمام الصادق عليه السلام: ” بلغني أن قومًا يأتونه من نواحي الكوفة وأناسًا من غيرهم، ونساء يندبنه، وذلك في النصف من شعبان، فمن بين قارئ يقرأ وقاص يقص ونادب يندب وقائل يقول المراثي.

مستشهدًا بهذه الرواية ومسهبًا الحديث في تاريخ الأشكال التعبيرية والمتخيل الشعبي لتمثلات ملحمة الطف في الوجدان الديني وتمظهراتها على الأجناس الأدبية والإبداعية، طرح الناقد كاظم الخليفة ورقة نقدية موسومة ب(كربلاء في الوجدان الديني في المخيال الشعبي. قراءة أدبية) عبر فعالية أقامها ملتقى آراء وأصداء الأربعاء الماضي، أدار الحوار مدير الملتقى ومؤسسه زكريا العباد عبر منصة زوم، حيث استعرض الخليفة لمحة تاريخية عن الأساليب التعبيرية المبتكرة في أدب مقاتل الطف التي شكلت هوية متفردة على مدى أطوار التاريخ وثراءً باذخًا من الرموز الشعائرية العاشورائية أخصبت المخيال الشعبي وحددت منظوره الإيديولوجي بقدرتها على استحضار الحدث الماضي وتأويله بإضفاء معنى راهن عليه عبر أربعة محاور.

وتناول الخليفة في محوره الأول الأساليب التعبيرية عبر ثلاثة أدوار تاريخية، الأول لم يتعدى التعبير العفوي لأفراد أو جماعات صغيرة مثل إنشاد الشعر، وتذكر المأساة بنواح وتفجع مع التوسع في عرض تفاصيل المأساة ونمو البعد الفضائلي للمأتم الحسيني مع تكامل الشعر والنثر.

والثاني: حين فقدت الذكرى الحسينية دلالتها السياسية وانصب الاهتمام على البكاء كهدف بحد ذاته، وغدا رجال مختصون ونساء مختصات في تلاوة سيرة الحسين، وآخرون مختصون في إنشاد الشعر المقول في رثائه بأسلوب النوح.

والثالث من بدايات العصر الحديث واستمراره الحالي مازجًا بين تقاليد الدورين الأول والثاني (القص والإنشاد) في حدها الأدنى بالخطاب الإرشادي الثقافي

مع استمرار الأشكال التعبيرية الأخرى من ضرب الصدور والمسرح المفتوح (التشبيه) وضرب السلاسل والسيوف

ثم سلط الخليفة في المحور الثاني الضوء على الأشكال التعبيرية للملحمة في أدب المقاتل، عبر أنموذج سردي وآخر شعري، السردي هو كتاب الملهوف على قتلى الطفوف للسيد ابن طاووس الذي قام بعدة وظائف: استشهادية، وتعليمية، وإبلاغية، وقد زاوج السارد بين الموضوعي والذاتي.

وتمثل الأنموذج الشعري في ملا علي بن فائز الذي حافظ على لهجته المحكية وابتعد عن الذاتية في شعره حيث كانت لغة الخطاب تنبع على ألسنة أبطال الملحمة ولا تخرج عن محيطها، ولم يتجاوز حديثه الواقعة، وقد يمزج أحيانًا بين الواقع والخيال كما هي في رؤيته في حدوث عرس القاسم يوم عاشوراء، كما امتاز بموهبته في مسرحة القصيدة، وتعزيز تعبيراته الشعرية وترجيع صوته بحركات جسدية سعى من خلالها للتأثير على مستمعيه.

وطرح الخليفة أسلوب الرداديات التي تستبطن صوت الراوي، وصوت البطل، وصوت الذات ويجمعها التحدث بلسان الحال وبروز صوت من داخل السيرة الكربلائية غالبًا ما يكون لأحد أفراد عائلة الإمام الحسين أو أصحابه.

ثم عرج الخليفة في المحور الثالث على الأساليب التعبيرية النسائية المتمثلة في النخوة، والسفرة، والراية.

وختم الورقة في المحور الرابع بذكر بعض التعبيرات والأساليب المعاصرة على هامش الملحمة، مثل: المسرح (التشبيه)، والرسم، والمثل.

وشارك بعض الحضور بمداخلات أثرت الطرح، مثل أحمد المطلق وهاني الحجي

وفي ختام الفعالية قدمت شهادات الشكر والتقدير للضيف ومدير الحوار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى