أقلام

الحرية.. مطلقة أم منضبطة؟

عبدالرسول أحمد البحراني

صارت هذه المفردة تتردد كثيراً لفظاً في اللقاءات الحوارية الحية، أوكتابة في المقالات، أو تعليقاً في وسائل التواصل الاجتماعي. كما صارت مسطرة تقاس بها التصرفات والمقولات كل حسب إدعاء فهمه لحريته ومدى منحها لغيره. ومن خلال ذلك صارت هذه المفردة تحتاج لحدود وضوابط كي لا نقع في حرج تجاوز حدودنا الشخصية والتعدي على حدود الآخرين دون شعور بذلك، متخذين من فضاء الحرية غير المحدود ذريعة للتجاوز على الآخرين في خصوصياتهم مما يجرنا أحياناً للوقوع في شراك المسائل القانونية.

من هنا نعود لسؤالنا: هل الحرية مطلقة أم منضبطة؟
في اعتقادي الإجابة على هذا السؤال ستختلف من شخص لآخر كل حسب فهمه لهذه المفردة وتطبيقه عملياً لها في حياته العامة والخاصة،. لذا أعتقد أن لممارسة حياتنا بشكل سليم ومنصف أيضاً علينا التفريق بين ما هو عام مشترك بيننا وبين الآخرين وما هو خاص بنا بشكل شخصي ليس لأحد التدخل فيه.
لقد اختلط المفهوم عند الكثير وبتنا نسمع ونشاهد قضايا تصل للمحاكم ويحكم فيها بأحكام جزائية بالسجن، أو الغرامة المادية جراء التعدي على الآخرين إما لفظياً، أو معنوياً، أو بدنياً. وذلك ناتج عن تمدد حريات على حساب أشخاص آخرين مما يسبب لهم ضرراً مادياً أو معنوياً فيلجؤون للقضاء لإنصافهم.
ولتنظيم حياتنا وسلوكنا في تعاملنا مع الآخرين سواء أقرباء أو غرباء علينا أن نفهم اللوائح والنظم التي تحدد لنا تعاملنا مع المنشآت والمرافق بالشكل القانوني والمنظم.
أما الأشخاص أيضاً هناك نظم ولوائح تحدد مدى حريتك في تعاملك مع الآخرين بما يحفظ لجميع الأطراف حقوقهم المادية والمعنوية.
المشكلة الكبرى تكمن في الاطمئنان تجاه الغير الذين تربطنا بهم روابط إما قرابة، أو صداقة، أو معرفة الكترونية من خلال وسائل التواصل والخوض في نقاشات تجرنا دون أن نشعر للتجاوز والتدخل في خصوصيات الآخرين ، متناسين أن لكل شيئ حد يمكن احتماله. وربما الدخول في حدود لا نرغب في تجاوزها من أي طرف كان وإن كان قريباً جداً لأنها بمثابة حق شخصي ليس لأحد حق انتهاكه.
من خلال ذلك نستطيع أن نقول أن الحريات وحدودها نوعان: عام تنظمه لوائح ونظم وقوانين معلنة تنظم العلاقات والسلوك بين أفراد المجتمع وما يتعلق به، وخاص وهي تخضع أيضاً لقوانين ونظم إما رسمية أو عرفية وأخلاقية وذوقية تحكم علاقاتنا بالآخرين ولكن من يرسم حدودها أنت وأنا نضعها ونتفق عليها كي لا نقع في محذور التجاوز وانتهاك الخصوصيات.
إذن الحرية ليست مطلقة فإطلاقها بلا حدود تدخلنا في فوضى كبيرة وإنما مثلها مثل أية ممارسة أخرى لها ضوابط شرعية وقانونية وأخلاقية وذوقية وعرفية أيضاً على الجميع معرفة أين يضع قدمه وأين يتقدم وأين يتأخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى