أقلام

الحوار الأسري أهميته .. وضرورته (الجزء 1)

ضرورة الحوار

الحوار من الحاجات الفطرية التي يمارسها الإنسانبصورة طبيعية وهي حاجة ماسة لصيقة بالفرد يمارسهافي كل الأوقات، يلجأ إليها عند الصعاب وتظهر الحاجةإلى الحوار والمناقشة وتقليب وجهات النظر للخروج برؤيةواضحة لكل الأمور.

وعادة ما يلجأ الأفراد للحوار والمناقشة عند الأمورالحاسمة وفي القضايا المهمة والكبيرة. ومهما كان منأهمية الحوار والمناقشة، فإننا لا نختلف على ضرورته فيكل مكان وكل البيئات الحياتية وهو ضرورة لحياةالإنسان سواء الاجتماعية أو بيئات العمل أو التخطيطالاقتصادي.

والحوار هو اعطاء مساحة من مشاركة الآخرين عبرتقديم آرائهم ووجهات نظرهم واعتبارها ذات قيمة.

ورغم أهميته وضرورته في كل مجالات الحياة وفيالأسرة بشكل خاص إلا أنه عادة ما يتم إغفاله وإهمالهوتهميشه وتجاوزه. وإذا ما تم استخدامه، تم بطريقة غيرصحيحة وبطريقة غرضها فرض الآراء وإقرار وجهةالنظر الواحدة المراد تطبيقها.

وأما على صعيد الأسرة، فيتحدث المختصون بأن مادةالحوار تكاد تكون محدودة جدا ومهملة وغير مفعلة وغيرمعتمدة كأسلوب تربوي تنتهجه الأسرة، وهذا ما يفسرتنامي كثير من المشكلات وتعمقها وبقائها بدون حل وفيأحيان يؤدي إلى تفكك الأسرة وانفصالها وانقسامهاوضياع الأبناء، حيث يقع الخلاف بين الوالدين والأبناءوفي المحصلة النهائية إرهاق مستمر وصداع دائم فيالأسرة ودخولها في نفق المشكلات بدون حل منظور.

الحوار الأسري ليس هو الحل السحري لكل المشاكل، لكنه أسلوب مفضل ويحث عليه التربويون والمختصون فيشؤون الأسرة وبه يمكن لم شمل الأسرة وتحديد مسارهاواحتواء الأبناء إذا ما تم تطبيقه بكل حكمة وحصافةوذكاء من قبل الوالدين وإذا ما تم اعتماده كأسلوبمتدرج مع الأبناء منذ الصغر وتوجيهه التوجيه السليم معالمراحل العمرية مع الأبناء ليتناسب حسب المرحلة العقليةوالنفسية والعلمية.

فالحوار مادة ضرورية لتقريب وجهات النظر وتقريبالمسافات وخلق مساحات من الاهتمامات المشتركةوبالتالي مساحات من التقاطعات ونقاط الإلتقاء وإيجادالدافعية والتحفيز لسلوكيات إيجابية متعددة كالمبادرةوالاهتمام والحب والتقدير والاحترام كما ينمي روحالصداقة والفهم لشخصيات الآخرين وحسن تقديرالمواقف والنفوس.

الحوار توصية الارشاد الطلابي للوالدين

وما نود طرحه هو النظر إلى الحوار والمناقشة الهادفةوتبادل الآراء في الأسرة، بأنه ضرورة قصوى ومادةرئيسية تنتهجها الأسرة في وسائلها التربوية، وأنه ليسعمل هامشي ضعيف القيمة سواء تم انتهاجه أواستخدامه بشكل محدود أو في موضوعات قليلة أو تمتهميشه أو انعدامه في الأسرة.

والحوار هو ما ننصح به في الارشاد الطلابي وتوجيهالوالدين إلى هذا الأسلوب من أساليب كسب الأولادوالمراهقين بالخصوص، وقد يأتي متأخرا وبعد حدوث عدةمشكلات تدعو المراهق للتهرب والابتعاد عن الجو الأسريوعدم تنفيذ تعاليم الأسرة التي يراها الوالدان أنها فيمصلحته لكن المراهق لا يدرك أهميتها بسبب وجودفواصل نفسية أدت إلى انعدام التفاهم أو عدم تفهملوجهات نظر الوالدين من قبل المراهق مما يسبب حرقةقلب الوالدين اللذان يريان أن ولدهما يضيِّع نفسهلعصيانه كلامهما، هذه الفواصل النفسية جعلت منالوالدين لا يدركان ما يدور في ذهن ولدهما.

ومبدأ الحوار وتبادل الآراء والمناقشة هي تربية للذاتولأنفسنا كوالدين قبل أن يكون سلوكا نوجه أبناءنا نحوه، فكما نرغب نحن الكبار من الآخرين محاورتنا ومناقشتنافي مختلف الموضوعات وفي البيئات المختلفة الأسريةوالاجتماعية وبيئات العمل والمؤسسات المختلفة لتكونأراؤنا محل تقدير وتفهم من قبل الآخرين ولنا الحق فيالتعريف بأفكارنا وإبداؤها، كذلك علينا أن نعطي تلكالمساحة المرغوبة منا إلى أبنائنا ليمارسوا حقهم فيتداول أفكارهم والتعريف بها وطرحها وتكون محل تقديرواحترام.

فهو سلوك نورثه لأبنائنا ليمارسوه مع مجموعات الزملاءوالأصدقاء ومن ثم أبنائهم مستقبلا وهكذا تدور التربيةالإيجابية.

فالحوار يجنب الأسرة السلوك العدواني (أو ما يطلق عليهالوالدانالعصيان“) الذي ينتج من علاقات الابن بوالديهفإذا عايش الابن الحب والحنان فسوف ينمو نموا سليماوإذا لم يحظى الابن بذلك فينمو العدوان لدى الابن، كماكشفت بعض الدراسات الآثار السلبية لاضطراب البيئاتالأسرية على سلوك الابن، إذ تبين أن الأبناء الذينينشؤون داخل جو أسري غير مستقر، يعانون مشكلاتانفعالية وسلوكية واجتماعية.

وما نود التأكيد عليه لتسير الأسرة سيرة سوية بعيدا عنالمعوقات في مسيرتها التربوية مع ابنائها وتحقق أهدافهاوتوجهها نحو مستقبل أبنائها النافع حسب قدراتهمالعقلية والفكرية وميولهم النفسية.

جزء من المشكلات التي تعترض طريق ابنائنا الطلاب هيغياب التفاهم بين الطالب وأسرته، والسبب وراء ذلك غيابالحوار بمعناه الصحيح، حيث تسود لغة الأوامر والنواهيوالصوت العالي والتعنيف والتصغير ولا يبقى غير، لمافعلت ذلك؟ ولماذا لم تفعل كما قلنا لك؟ أو يوصم الطالببأنه غبي أخرق لا يستوعب الحديث معه، أو تأتيالشكاوى على الطالب من الوالدين للمرشد الطلابي أوالمعلملقد تعبنا معه لكنه عنيد ولا يسمع الكلام، سوفيفهم قيمة كلامنا معه متأخرا ويندم في المستقبل“.

يقول الدكتور خالد النويصر في مقال له: “إشاعة ثقافةالحوار المفقودداخل الأسرة هي أولوية يجب الالتفاتإليها، نظراً لأن الأسرة هي حجر الزاوية الأساسي فيالبناء المجتمعي والوطني العريض.

إن الحوار يشكل قناة مهمة وفاعلة للتواصل بين أفرادالأسرة ومن ثم المجتمع إلى جانب دوره الكبير فيالتصدي للكثير من المشكلات والانحرافات السلوكيةوالفكرية للأبناء، حيث يُعزي وجود الكثير من تلكالمشكلات إلى غياب ثقافة الحوار بين الوالدين وأبنائهما .

ويضيف الدكتور النويصر: “وأبلغ مؤشر على انعدامثقافة الحوار هو ارتفاع حجم القضايا الأسرية المنظورةأمام المحاكم والمرتبطة بقضايا العنف الأسري وتشردالأبناء وحالات الطلاق المتعددة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى