أقلام

من وحي الذكريات: (أسبوع بطلة كربلاء)

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى.

عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى وفاة عقيلة الوحي، وابنة النبوة، وسليلة الرسالة، السيدة الجليلة العظيمة (زينب بنت أمير المؤمنين عليهما السلام)
وبهذه المناسبة الحزينة أحب أن أتحدث عن ذكرى من الذكريات الجميلة المتعلقة بهذه السيدة الجليلة صلوات الله وسلامه عليها، هي ذكرى (أسبوع بطلة كربلاء) التي هي من أجمل الذكريات لدي، وأحبهن إلى قلبي.
ولا بأس من التمهيد لهذه الذكرى الرائعة بالإشارة -السريعة جدا- إلى أن (مدينة الجفر) الواقعة شرق (محافظة الأحساء) كان -وأقولها بكل اعتزاز- لها دور الريادة في تقديم الأنشطة والبرامج الدينية والثقافية الكبيرة والمتميزة على حد سواء.
لقد كان (للجفر) فضل السبق والتقدم على الكثير من مدن وقرى المنطقة في تقديم الكثير من البرامج المتميزة في أفكارها وطريقة تقديمها إلى حدّ كبير، خصوصا بالقياس إلى ذلك الزمن الذي كانت فيه (الجفر) تقدم تلك البرامج والأنشطة، والذي هو زمن قديم نسبيا، وكانت فيه الكثير من المدن والقرى ربما مقتصرة في برامجها على إحياء أمر أهل بيت العصمة والطهارة، وفقط عن طريق (المآتم وقراءة التعزية) في ذكرى استشهادهم، و (الاحتفالات التقليدية) المقتصرة على (كلمة وجلوة وقصيدة) في مواليدهم صلات الله وسلامه عليهم.
أما الجفر (حين كانت تعيش عصرها الذهبي) فقد كانت تقدم برامج كبيرة وجبارة، تكلفها الكثير من الوقت والجهد والمال، لكنها قدمتها بتفوق كبير، ونجاح باهر، كما أنها أعطتها دور الريادة في هذا المجال.
ولقد كان لي -وأيضا أقولها بكل اعتزاز- شرف المشاركة في -جلّ إن لم يكن كل- تلك الفعاليات والبرامج الرائدة، التي كان يقدمها نخبة من (شباب الجفر) الفاعلين النشطين في ذاك الزمن الرائع الجميل، منهم -على سبيل المثال وليس الحصر-الأساتذة (يوسف البراهيم، وطالب المطاوعة، والسيد علي النحوي، والميرزا صالح الخليفة، وعادل الجمعان، وعبد الله الحجاب، وصالح العصفور، وسعيد العباد، والشيخ هاني الطمع، وناصر الخليفة…) وغيرهم من الإخوة الذين آمل أن يعذروني لعدم ذكرهم، مع ملاحظة أنه ما زال البعض منهم إلى اليوم يشارك فيما تقوم به الجفر من أنشطة وبرامج متنوعة.
وبعض من ذكرتهم الآن كان عضوا فاعلا في بعض هذه الأنشطة، وبعضهم كان فيها كلها وبدون استثناء، وكنا ننظر ونخطط ونعمل وفق رؤية واضحة، وهدف منشود لكل برنامج نقوم به، كما أننا كونا من أنفسنا (كفريق) عدة لجان، كل لجنة تعمل في اختصاصها، فهناك:
1- اللجنة الثقافية، ودورها الأساس التخطيط للبرنامج وفكرته وأهدافه (على المستوى النظري) ثم القيام بتنفيذه (على المستوى العملي)
2- اللجنة المالية، وكان دورها المرور على رجال الأعمال، والمحلات التجارية بخطاب معد، فيه شرح مختصر للبرنامج ودعوة للمشاركة في دعمه، ومن بين تلك المحلات المحفوظة في الذاكرة: (العامر، والعلي، واليحيى، والزاير للمواد الغذائية، الذي كان محله في سوق الأثنين بالجفر) وغيرها من محلات أخرى كثيرة كانت داعمة للكثير من برامجنا في ذاك الزمان الجميل.
3- اللجنة الإعلامية، ومسؤوليتها الإعلان عن البرنامج، والتعريف به، والدعوة إلى التفاعل معه.
4- لجنة المسرح، ودورها القيام بترتيب مكان الفعالية وإعداده وتنظيمه.
وهكذا الحال في سائر اللجان الأخرى، التي لا داعي لذكرها جميعها، كما أن بعضها ربما يكون قد غاب عن الذاكرة الآن.
وكل لجنة كانت تقوم بالدور المختص بها، والكل يعمل بجد واجتهاد كخلية نحل لا تعرف الكلل ولا الملل، والجميع همّهم فقط نجاح البرنامج، حتى استطعنا أن نقدم عدة برامج، هي -بحق وصدق- تعتبر رائدة وكبيرة، وربما لا أغالي إذا قلت: أنها -أو بعضها على الأقل- غير مسبوق على مستوى المحافظة كلها.
بعض البرامج كنا نعدّ لها قبل موعدها بشهرين أو أكثر، نعقد خلالها اجتماعات كثيرة، تأخذ منا أوقاتا طويلة، وبعد الاجتماع والمناقشة، والخروج بالاتفاق على نقاط معينة، ننطلق في خطواتنا العملية لنقوم بإنجاز ما اتفقنا عليه في ذلك الاجتماع، وفي اجتماع آخر نعرض ما قمنا به في تقرير موجز -إن صح التعبير- ونقيمه، ونناقش بقية الأمور المتعلقة بهذا البرنامج أو ذاك، وهكذا إلى أن يتم البرنامج مكللا بالنجاح.
كنا نوثّق كل شيء، ولعدم (وجود الكمبيوتر) وعدم امتلاكنا (آلة كاتبة) في ذاك الزمان، كنا نكتب كل شيء بخط اليد، ولذلك أصبحت له قيمته ونكهته الخاصة الآن.
بعض هذه البرامج كانت شبه مستمرة طيلة السنة، ولا تتوقف إلا لطارئ معين، أو ظرف قاهر، كما هو الحال في (جلسة الهدى) وبعضها كان موسميا، وحسب المناسبة وطبيعتها، مثل حفل الأربعين، ومسابقة أبي طالب الرمضانية، وملتقى الأنصار…وغير ذلك من برامج وفعاليات قد أتكلم عنها في ذكريات أخرى قادمة.
ففي ذاكرتي العديد من هذه البرامج، التي أعود وأقول: (إن الجفر كانت متفردة بها، أو بالكثير منها على الأقل) وبعض هذه البرامج والفعاليات ما زال مخزّنا في الذاكرة (ربما بكل، أو بالكثير من تفاصيله) ولدي -أيضا- بعض وثائقه وشواهده، كوني محتفظ ببعض أوراقه ومخطوطاته، بل وببعض تسجيلاته، إلى اليوم.
أكتفي بهذا العرض العام لتلك البرامج والفعاليات (الجفراوية) لأعود إلى الحديث عن ذكرى من هذه الذكريات الخالدة، هي ذكرى برنامج (أسبوع بطلة كربلاء)
وملخص هذا البرنامج وفكرته، هو أننا اتفقنا على أن لا نكتفي بإقامة حفل في ذكرى مولد السيدة زينب عليها السلام، بل يكون الاحتفال لمدة أسبوع كامل يبدأ من تاريخ ولادتها صلوات الله وسلامه عليها، وأن نسمي هذا الأسبوع باسمها (أسبوع بطلة كربلاء) ونحاول أن نقدم من خلاله عدة فعاليات كلها تتعلق بالمرأة، نختمه بحفل ختامي على مستوى البلد، يحضره الذكور والإناث معا.
كان من بين الأفكار أو الأسباب التي دفعتنا إلى القيام بهذا البرنامج:
1- العمل على رفع المستوى الديني والفكري والثقافي لدى المرأة، من خلال إهداء بعض الكتب، وتقديم محاضرات ثقافية متعلقة بالمرأة.
2- العمل على اكتشاف الطاقات النسائية في الجفر في مختلف المجالات، وذلك من خلال محاولة إقامة معارض للرسم، أو الحرف اليدوية، أو طرح مسابقة كتابية…كلها خاصة بالنساء.
3- محاولة تبني هذه الطاقات، والعمل على تقديم الدعم المعنوي لها، من خلال إقامة حفل ختامي يتم فيه تكريم الملتحقات بالبرنامج، وتكريم الفائزات في مسابقاته.
وفي عام (1412هـ) كان من بين ما قدمناه في هذا الأسبوع من فعاليات:
1- محاضرة لسماحة الشيخ حبيب الهديبي، عنوانها (حسب الذاكرة) المرأة والغزو الفكري (أو الحضاري) في حسينية الإمام علي عليه السلام بالجفر، وكان اسمها في ذلك التاريخ (حسينية الشبان)
2- إهداء كتيب بعنوان (المرأة المسلمة والعدوان الحضاري) لمؤلفه حسين الصباح، والآن لا أتذكر: هل الإهداء لجميع الملتحقات بجميع برامج هذا الأسبوع، أم فقط المشاركات في المسابقة.
3- إقامة مسابقة كتابية باسم (مسابقة بطلة كربلاء للبحوث) خاصة بالنساء.
4- تنطلق المسابقة (إن لم تخني الذاكرة) من تاريخ مولد السيدة زينب عليها السلام، أي اليوم الخامس من شهر جمادى الأولى، وموعد تسليم البحوث يكون بتاريخ (30) من الشهر نفسه.
وقد وضعنا للمسابقة خمسة أهداف، أنقلها من (مقدمة المسابقة) بنصها:
1- التنويه على أهمية القراءة والاطلاع الجادين.
2- تنمية الأقلام النسائية، والقدرات الكتابية لدى المرأة.
3- تعريف المرأة ببعض الكتب التي تعتبر مهمة بالنسبة للمرأة.
4- تحفيز المرأة للوقوف على بعض ما يتعلق بحياتها، والاستفادة من آراء الآخرين في إرشادها، وحل مشاكلها من وجهة نظر إسلامية.
5- استغلال فراغ المرأة فيما ينفعها، ويرضي الله سبحانه وتعالى.
وختمنا هذه الأهداف بملحوظة تتمثل في أن (جوائز المسابقة سوف تكون لمجموعة من صاحبات البحوث الأكثر دقة، وجودة وتنظيما) ونوهنا بأن لا يكون الهدف هو الجائزة، بل ما ذكرناه من أهداف لها.
أما موضوعات البحوث المقترحة، والمطلوب الكتابة فيها، فقد حرصنا أن تكون متنوعة لتشمل ما له علاقة بالسيدتين (الزهراء والعقيلة) من أهل البيت، وما يتعلق بالأسرة والتربية، وما يركز على بيان مكانة المرأة في الفكر الإسلامي، وكذا ما يعرف بدور المرأة في المجتمع …إلى غير ذلك من الموضوعات، وهي (15) موضوعا، أنقل الآن عناوينها بنصها:
1- علاقة الزهراء التربوية بزينب والحسن والحسين عليهم السلام.
2- علاقة الزهراء بالنبي والإمام صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
3- زينب عليها السلام بين دور الإعداد ودور الرسالة.
4- واجب ودور المرأة تجاه أبنائها.
5- المرأة المسلمة مصدر وينبوع الأسرة الفاضلة.
6- الحجاب الإسلامي.
7- صفحات مشرقة من حياة امرأة عرفها التاريخ.
8- تكريم المرأة في الإسلام.
9- استغلال أعداء الإسلام للمرأة.
10- فلسفة الإسلام في بعض التشريعات المتعلقة بالمرأة.
11- مشاكل متعلقة بالمرأة، وكيفية حل تلك المشاكل.
12- دور المرأة الرسالية.
13- حقوق المرأة في الإسلام.
14- تعليم المرأة.
15- مشاركات المرأة في بناء الإسلام.
كما أننا حددنا الشريحة المستهدفة في هذه المسابقة، ووضعنا شروط البحث وضوابطه، وذلك كما يلي:
1- أن لا يقل مستوى المتسابقة عن الصف الأول ثانوي.
2- أن لا يقل البحث عن عشر صفحات حجازية.
3- أن لا تقل المصادر عن ثلاثة.
4- أن تكون المصادر من كتب الشيعة الإمامية.
5- أن لا تعتمد المتسابقة -أثناء البحث- على النقل فحسب، بل لابد أن يتضح رأيها الخاص من خلال كتابتها، وابتكار طريقة الفكرة، أو تقسيم جديد لموضوعات البحث.
6- أن تكون الكتابة على جهة واحدة من الورقة، وأن يترك سطر بين كل سطرين.
7- أن يكتب البحث بخط واضح، ونرجو مراعاة القواعد الإملائية والنحوية على قدر الإمكان.
8- أن تذكر المصادر مقرونة باسم مؤلفها، ورقم ومكان الطبعة، في آخر البحث، ونرجو كتابة أرقام الصفحات التي يقتبس منها نصا معينا في الهامش.
9- أن يعمل للبحث غلاف، يكتب عليه عنوان البحث، واسم المتسابقة “الحرف الأول من اسمها” واسم والدها كاملا، ومؤهلها الدراسي، مع الصف، وعنوانها، واسم المسابقة.
10- أن يقسم البحث إلى مقدمة، وفصلين أو ثلاثة، وخاتمة، وفهرس للموضوعات.
11- آخر موعد لتسليم البحث 30 جمادى الأولى 1412هـ
كما قمنا بتصميم غلاف خارجي ليكون نموذجا تستفيد منه، وتستعين به كل متسابقة في تصميم غلاف بجثها.
للأسف الشديد لم يستمر هذا البرنامج الرائد طويلا، فقد أقمناه مرة أو مرتين (لا أتذكر جيدا) ثم توقف، وأيضا لا أتذكر الآن لماذا.
هذا ملخص هذه الذكرى الجميلة، وقد فرغت من كتابتها في تمام الساعة الرابعة وسبعة عشرة دقيقة، من فجر يوم الثلاثاء، الموافق 15 رجب 1441هـ، أي في يوم ذكرى رحيل بطلة كربلاء (السيدة زينب عليها السلام) من عالم الدنيا إلى جوار ربها راضية مرضية، وبموجبه يكون قد مرّ على (أسبوع بطلة كربلاء) بما يحمله من فعاليات جميلة ومفيدة (29) سنة وشهران، وعشرة أيام، وعلى (عقيلة الوحي) ألف وتحية، ولها ألف سلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى