أقلام

سهام النظر

صالح المرهون

دائمًا الحرام تستلذه النفس، ومنه النظر إلى المرأة الجميلة أو الشخص الجميل بشروط الحرمة المذكورة في الفقه الاسلامي، فهو من
الأشياء اللذيذة والمحبوبة للنفس، ومن هنا كان هذا الأمر حرام صعبًا اجتنابه في كثير من الأحيان، والكثير من الناس خاصة في هذه الأزمنة. ولما كان حرام يحمل سلبيات شديدة للنفس وللمجتمع، فإن السلوك الصحيح تجاه هذا الحرام واضح جدًا، وهو الابتعاد عنه وعدم اقترافه، إلا أن الدين عودنا في موارد كثيرة على بيان بعض سلبيات الفعل المحرم حتى إن كان الدين لا يعلل الأحكام لأنها أمور مفتوحة، وليست منحصرة في شيئ أو شيئين كما يتوهم بعض الناس، ولهذا إذا عرفنا بعض علل الأحكام أو حكمه وتشريعه -كما يقولون- فإننا نعرف فقط وجوها من تلك العلل أو الحكم، وفي هذا الأمر بل في كل الأمور نمشي على هذه الطريقة من بيان بعض سلبيات الأحكام، أو معرفة جوانب من حكمة التشريع الإسلامي دون
أن يكون ما يعرض هو علة الحكم كما ذكرنا، وفي القرآن الكريم في سورة النور يقول الله تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا أبصارهم) ويقول: (وقل للمؤمنات يغضضن أبصارهن) فحرم القرآن هذا من خلال هذا النص القرآني النظر بتلذذ وبريبة أو مضايقة إلى أعراض المسلمين بل مطلق النساء، والنص يحرم النظر إلى ما. لا يجوز النظر إليه وفق قواعد الفقه الإسلامي وقواعد أخرى، والحقيقة أن كل نظر يحمل الإساءة إلى الغير أو إلى النفس فهو محرم، والحقيقة أيضًا أننا لا نحتاج إلى ما استدل به الفقهاء والعلماء على حرمة النظر، لأنها واضحة ومن البديهات الفقهية في الإسلام، ولهذا أعطف النص القرآني سلبيات النظر المحرم، وقبلها أنبه إلى أن مغازلة النساء ومطاردتهم عند بعض الشباب قد تكون ناشئة من الحاجة إلى الإشباع، بل هذا هو العامل الرئيس، أي الحاجة إلى الإشباع، وباب الحيازة على الأنثى هو المعنى الأشمل والباب الأكبر كحيازة جسدية أو حيازة نفسية، وهذا يقرب عوامل أخرى مثل حب التفاخر في تحقيق النجاح في هذا المجال المحرم، علمًا بأننا إذا تحدثنا عن النظر وسهامة لا يتبادر في الدهن أن المقصود هو نظرة الرجل إلى المرأة فقط، بل حتى العكس نظر المرأة إلى الرجل، فسهام النظر قد تكون من امرأة الى رجل، وأعود إلى سلبيات النظر، فالنظر المحرم يؤدي إلى عدة أمور منها:
أولًا: تأدية النفس والروح لأن كل حرام يسبب قلقًا للنفس داخليًّا.
ثانيًا: يسهل أمرين : الأمر الأول تكرار هذا الفعل والتمادي وهذا أمر معروف في كل منكر.
والأمر الثاني: التحرك إلى ماهو أكبر منه في الحرمة أو السياق نفسه، أي القيام بفعل أعظم من النظر تدريجيًّا، فبعد النظر ومواصلته تتحرك النفس إلى المغازلة والمطاردة بشتى أنواعها وهكذا يجعل الأمر إلى أعظم.
ثالثًا: الإنسان بعرضه على ما فعل في أعراض الناس، فينظر إلى عرضه كيفما نظر
( عفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم) قول الامام الصادق( ع)
وتجدر الملاحظة إلى أن القرآن الكريم ركز على هذا إضافة إلى الحرمة العامة على حرمة خاصة أخرى، وهي النظر إلى زوجات الغير تحديدًا، وهذا يدخل من ضمن النظر المحرم، ولكن القرآن الكريم اهتم بتحريمه بالخصوص كما في قوله تعالى:
(ولاتمدن عينيك إلى مامتعنا به أزواجا منهم) فإذا أكثر الإنسان من النظر إلى أزواج الغير، فإنه يسهل بطريقة نفسيه وغير محسوسة إلى أن ينظر الغير إلى زوجته أو إلى عرضه عمومًا.
اللهم ارزقنا بحلالك عن حرامك واجعل قدوتنا محمد( صلى) وآل محمد عليهم السلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى