أقلام

البدانة والأورام السرطانية :ماذا يأكل السرطان لغدائه؟

ترجمة: عدنان أحمد الحاجي

البدانة( السمنة) هي واحدة من العوامل الرئيسية التي تسهم في الإصابة بالسرطان في جميع أنحاء العالم، 4 مارس 2020 هو اليوم العالمي للسمنة، في هذه المقال جوان دوفيJoanne Duffy، تحدثت إلى الدكتور باري بيك Barrie Peck عن كيف تؤثر الدهون على السرطان على المستوى الجزيئي، والعلاقة بين السمنة والسرطان، والسبب في كونها أكثر تعقيدا مما تبدو.

الصورة، الأنسجة الضامة الدهنية, الأنسجة الشحمية, أو الدهون، مصطلح تشريحي للأنسجة الضامة الرخوة المكونة من الخلايا الشحمية.

في الدراسات الوبائية، التي تبحث في أنماط الأمراض بين السكان، تشير البيانات إلى أن ما تأكله يؤثر على مدى خطر إصابتك بالسرطان، لكن مدى خطر إصابتك بالسرطان ليس هو الشيء الوحيد الذي يتأثر بغذائك، للطعام الذي تتناوله أيضا تأثير كبير على كيف تستجيب للعلاج لو كنت مصابا بالسرطان، ونحن لا نعرف ما يكفي عنه حتى نقوم باتخاذ قرارات إكلينيكية ذات مغزى.

هكذا تقول ورقة مراجعة حديثة، قام بتأليفها الدكتور باري بيك من مجموعة البيولوجيا البنيوية في معهد أبحاث السرطان في لندن، ونشرت في مجلة اتجاهات في السرطانTrends in Cancer.

انتقل الدكتور بيك منذ ذلك الحين إلى وظيفته الجديدة كقائد للمجموعة في معهد أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، نعلم أن السمنة عامل خطر رئيسي للإصابة بالسرطان، لكن وزنك وغذاؤك يؤثران أيضا على مسار المرض والاستجابة للعلاج، كما قال الدكتور بيك:” بشكل عام، المرضى الذين يعانون من السمنة يستجيبون بشكل أسوأ من المرضى الذين لا يعانون من السمنة لعلاجات السرطان، ونتيجة لذلك، تكون نتائجهم أسوأ بشكل عام، لكننا لسنا بعد في وضع يسمح لنا باتخاذ قرارات سريرية لهؤلاء المرضى بناءا على حالة السمنة، أو غذائهم في وقت العلاج “.

من أين بدأ كل شيء؟؟، السبب الأساسي للسرطان هو تلف الحمض النووي للشخص، التلف قد يأخذ الكثير من الأشكال المختلفة، ولكن في جميع الحالات، يتسبب في استنساخ replication للخلية، التي تخرج عن السيطرة.

الخلايا السرطانية تمر بجميع أنواع التغييرات التي لا تمر بها الخلايا السليمة الطبيعية فهي تغير مصادر طاقتها، وتغير عملياتها وتعيد ارتباطاتها( توصيلاتها عبر المشابك) بطرق غير عادية، وتبذل قصارى جهدها للبقاء على قيد الحياة، في بعض الأحيان، السرطان مقدر مسبقا، يمكن تتبع عيوب الحمض النووي إلى الرحم كحد أقصى لبعض أنواع السرطانات، وبالنسبة للسرطانات الأخرى، فإن تعرضها لدخان السجائر أو الشمس يؤدي إلى تلف الحمض النووي DNA.

ولكن ماذا عن التأثير المباشر للأغذية التي تأكلها على الخلايا السرطانية؟ الصورة الكبيرة- كون الشخص يعاني من السمنة يجعله عرضة لخطر الإصابة بالسرطان  بشكل متزايد- شيء واضح-، ولكن حتى الآن، لم يعمل الكثير لتقييم تأثير الغذاء على السرطان.

قال الدكتور بيك:” نحن نعلم، على سبيل المثال، أن المدخنين أكثر عرضة للإصابة بسرطان الرئة، نعلم أن تدخينهم يعرضهم للخطر بشكل أعلى بكثير مما يعرض غير المدخنين، في حالة التدخين، من الواضح أن الإقلاع عن التدخين أمر جيد، ولكن من الواضح أن منع شخص ما من تناول الطعام ليس ممكنا، وليس لدينا نصيحة قوية بشأن ما يمكن للمرضى تغييره لزيادة احتمال فائدة علاجهم بشكل خاص”.

لا يعرف الكثير عن كيف ينبغي أن تعدل الوجبات الغذائية للذين يعانون من السمنة، لكي يحصلوا على أفضل استفادة من علاجات السرطان.

الشخص الذي يعاني من السمنة سيكون أكثر عرضة للإصابة بالسرطان، ولدينا فكرة جيدة عن التغييرات التي يمكن أن يقوم بها لإنقاص وزنه إلى المستوى الأكثر صحة، وبالتالي تقليل خطر إصابته بالمرض، لكن هذه التغيرات الغذائية نفسها لا تنطبق بمجرد تشخيص الشخص بالمرض بالفعل، في الواقع، قد يكون لهذه التغييرات تأثير عكسي، إذا عدنا إلى مثالنا على سرطان الرئة، فيما يتعلق بإجراء تغييرات على نظامك الغذائي، فقد تعتقد أنك أصبت بالسرطان.

لقد سمعت أن مضادات الأكسدة الموجودة في الفواكه الفائقة superfruits( الفواكه الغنية بمضادات الأكسدة، وفيتامين ج والألياف)   تمنع السرطان، وأفضل شيء يمكنني القيام به هو أن أتناول الكثير من مضادات الأكسدة.

ولكن أظهرت الأبحاث أن هذه في الواقع فكرة سيئة للغاية عندما تكون تحت( آثناء) العلاج من السرطان، تناولك لمستوى عال من مضادات الأكسدة أثناء تلقي العلاج يعوق بشكل خطير قدرة الأدوية على أداء وظيفتها، وقد ظهر هذا مؤخرا إنه هو الحال في سرطان الثدي أيضا، يمكن أن يكون هو  الحال نفسه بالنسبة للسمنة، لكن في الحقيقة، لا نعرف.

لدينا سجل حافل من الأبحاث المذهلة، والتي أحدثت نقلة لحياة مرضى السرطان في جميع أنحاء العالم، أصبح هذا العمل ممكنا من خلال مجتمع غير عادي من الجهات المانحة السخية، والتي تضم أشخاص واعتمادات ومؤسسات وشركاء خيريين.

علاج المريض أمامك، الوزن معقد، بعض الناس قد يتبعون نظاما غذائيا موصوفا لهم  وبرنامج ممارسة رياضة، ويخسرون الكثير من الوزن، لكن البعض الآخر لن يفعل ذلك، قد يكون الآخرون قادرين على خسارة بعض الوزن ولكنهم سيجدونه صعبا جدا جدا، ويواجهون صعوبة حادة في الحفاظ على وزنهم على المدى الطويل، البدانة آخذة في الازدياد في جميع أنحاء العالم، وكذلك بالمثل من يشخصون بالسرطان( علاقة تساوقية بين البدانة والتشخيص بالسرطان)، على الرغم من أن الأبحاث قد أنتجت علاجات مما يعني أن الكثير من الناس يتعافون من أمراضهم السرطانية، إلا أن الزيادة في أعداد المرضى البدناء المشخصين بالسرطان شيء يجب أن يكون أول ما يفكر فيه الأطباء الإكلينيكيون.

قال الدكتور بيك:” يجب أن تكون قادرا على علاج المريض الذي أمامك لا فائدة من أن نقول للمريض- حسنا! لقد أجرينا كل هذه الفحوصات، ووجدنا أن سرطانك هو هذا النوع الفرعي المعين، لكن للأسف، ليس لدينا علاج”.

نحن بحاجة إلى أن تكون الأدوية والعلاجات متوفرة، وعلينا أن نعرف ما إذا كانت هناك تغييرات يمكن أن نجريها والتي من شأنها أن تساعد في أن يكون العلاج فعالا بشكل أفضل، في بعض المرضى، قد يكون من شأن التغييرات في النظام الغذائي عند المرضى الذين يعانون من السمنة أن تحسن مخرجات العلاج، لكننا بحاجة إلى تحديد ماهية تلك التغييرات.

استخدمت التغييرات الغذائية في أمراض أخرى، مثل استخدام النظام الغذائي الكيتوني لأشكال حادة من الصرع التي لها أصل وراثي، ولكن من الصعب إيجاد حل واحد يناسب الجميع لمثل هذا القرار المعقد.

في حالة الصرع الناجم عن نقص GLUT1 ، أوضح الدكتور بيك، لقد ثبت أنه من الممكن إزالة سكريات معينة من الغذاء وأن المرضى سيستفيدون من ذلك، عدد وتواتر النوبات يمكن الحفاظ عليها طالما بقي المرضى على نظام غذائي معين، لكن عندما يتعلق الأمر بالبدانة أو الوجبات الغذائية عالية الدهون، فقد تكون هذة معادلة أكثر صعوبة، إن اتباع نظام غذائي غني بالدهون لا يشجع على تطور السرطان فحسب، بل إنه يعزز عدوانية السرطان أيضا.

البيئة المكروية للورم السرطاني الخلايا والأنسجة المحيطة مباشرة بالورم، قد تكون صديقة أو عدوة للسرطان، يستخدم السرطان الأوعية الدموية للحصول على المواد الغذائية والتخلص من الفضلات وإخفاء نفسه من- التنكر عن- الجهاز المناعي.

نحن نعلم أن الأورام حساسة للغاية للتغيرات في تركيز الأكسجين، تعتمد الأورام على الأوعية الدموية المحيطة بها للحصول على الأكسجين الذي تحتاجه، عندما تكون مستويات الأكسجين منخفضة يتم تثبيت stabilized البروتينات التي تسمىHIF( العوامل المحفزة لنقص الأكسجين)، وتشغيلها switched one، وهذه العملية تدفع الخلية إلى إنتاج مواد تساعدها على البقاء وتنمو بأكثر قوة في مواجهة الشدائد.

لو أكتشفت مستويات عالية من بروتينات ال HIF هذة، فهي إشارة إلى أنه من المحتمل أن يكون المريض ليس على ما يرام، خاصة في حالة الأورام الأكثر غزوية وعدوانية.

الخلايا السرطانية في البيئات المنخفضة الأكسجين هي أيضا أكثر قدرة على الانتشار وإظهار مستويات أعلى من مقاومة العلاج الكيميائي، أنت تتنفس وأنت تقرأ هذا المقال، التنفس عملية لا إرادية- جهازك العصبي المركزي- يدير هذا من أجلك، يقوم جسمك أيضا بعمل رائع في تنظيم مستويات الأكسجين في دمك، وإدارة إمداده الثابت بالهواء الذي تتنفسه، والتأكد من حصول جميع أنسجتك وأعضائك على تدفق منتظم منه.

لا يمكن قول هذا الشيء نفسه بالنسبة للطعام، خذ موظفة مكتب عادية على سبيل المثال، تستيقظ حوالي الساعة 7:30 صباحا تتجه إلى مقر عملها، وتشتري في طريقها قهوة لاتيه وكرواسون.

وقبل ذلك، فقد أمضت ما يقارب ثماني ساعات نائمة، ولم تتناول أي طعام، وبالتالي سيكون لديها عدد قليل جدا من المواد الغذائية منتشرة في دمها.

ولكن بمجرد أن تأكل كرواسانتها وتشرب قهوتها الصباحية، ستزداد مستويات المواد الغذائية( في دورة دمها)، يحدث هذا في كل مرة نتناول فيها الطعام، عدة مرات في اليوم( في النهار)عندما ينمو الورم الكبير بسرعة بحيث لا تزود الخلايا بما يكفي من الأكسجين من الدم، فإنها سوف تسعى أيضا للوصول إلى العناصر الغذائية المنتشرة  في الدم، الخلايا البعيدة عن الأوعية الدموية ستحاول جاهدة أن تستمر في الحياة، ومن المحتمل أن تكون حساسة للغاية للتغيرات في إمدادات المواد الغذائية التي تأتي من الطعام الذي أكلناه.

التقدم في عصر الطب الدقيق قال الدكتور بيك:” إن إمدادات الأكسجين ثابتة ومستقرة، لذا فإن توفرها في داخل الورم يعتمد فقط على حركية( كانتيكا kinetics) الانبثاث diffusion من الأوعية الدموية إلى الأورام.

لكن المواد الغذائية تأتي في موجات شبيهة بالمد والجزر النهارية طوال النهار، كلما أكلنا وجباتنا وتناولنا وجبات خفيفة، تواتر( عدد مرات) تناولنا الطعام، ومكونات هذا الطعام هي لهذا السبب لها تأثير كبير على خلايا الورم التي تعيش في هذه المناطق غير المواتية من الورم، بالنسبة لأولئك الذين يستهلكون طعاما غنيا حدا بالمغذيات ويستهلكونه كثيرا، يكون تأثيره كبيرا.

مع تقدمنا في عصر الطب الدقيق، يحتاج المتخصصون الطبيون إلى أكبر عدد ممكن من الأدوات( الطبية)، لتكون تحت تصرفهم لمساعدة المرضى على التعافي من مرضهم بنجاح.

يمكن أن يكون لتعديل الغذاء إضافة قوية إلى مجموعة الأدوات هذه ولكن أولا نحتاج أن نفهم كيف يؤثر النظام الغذائي المقترن بالبنية الجينية، لورم المريض على تقدم المرض والكشف عما هي هذة الأدوية، سواء أكانت علاجات جديدة أو معتمدة، يمكننا استخدامها بنجاح جنبا إلى جنب مع تعديل الغذاء، يستفسر العديد من المرضى عما يمكنهم فعله لزيادة احتمال التعافي من مرضهم.

إن تمكن الأطباء من إعطائهم نصيحة غذائية دقيقة سيمكن المرضى من استعادة بعض السيطرة على التشخيص، الذي غالبا ما يكون مغيرا للحياة ، ويمكنهم من إجراء هذا التغيير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى