أقلام

سيكلوجية اللوم: لماذا نلوم آخرين على أخطاء نحن ارتكبناها؟

بقلم اشلي ليدر

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

عندما ارتكبتَ خطأ، هل ستعترف بهذا الخطأ الذي ارتكبته، أو هل ستتبادل إلقاء اللوم مع شخص آخر؟

الكثير من الناس يسارعون إلى توجيه أصابع الاتهام ويتبادلون إلقاء اللوم مع آخرين [يلوم كل طرف الآخر].  في الواقع، أثبتت الأبحاث الحديثة أننا نتوقع حدوث هذا السلوك. نتوقع أن نجد آخرين ينخرطون في تبرئة أنفسهم ويلومون / يتهمون آخرين مع أنهم هم من ارتكب الخطأ.

أنا لست بريئًا.  لقد اتهمتُ ناسًا أكثر من مرة  لأخطاء ارتكبتها، وهذا أمر مؤكد. لماذا؟ تعتبر عملية إلقاء اللوم / الإتهام شيئًا سهلًا.

لماذا نلوم / نتهم الآخرين

ببساطة، من الأمور السهلة أن تلوم / تتهم شخصًا آخر بدلاً من أن تتحمل المسؤولية الكاملة عن أفعالك وتصرفاتك.  من السهل أيضًا أن نلوم / نتهم شخصًا آخر لأفعال وتصرفات نحن قمنا بها بدلاً من إلقاء نظرة أعمق على سبب ارتكابنا لتلك الأخطاء ومواجهة العواقب المحتملة – سواء أكان ذلك شيئًا فعلته في العمل أو حدث أثناء مشاجرة بينك وبين شريك حياتك.  تبرئة النفس واتهام / ولوم الآخر لا يكلف جهدًا، ويعتبر شيئًا سهلًا بالنسبة لنا من الناحية العاطفية – على الأقل في لحظته.

“القاء اللوم / الإتهام تعتبر آلية دفاعية أخرى” كما تقول ساينثيا كاتشينغس Cynthia Catchings.  “يمكننا أن نطلق عليه إنكارًا أو اسقاطًا، لأنه يساعدنا في الحفاظ على إحساسنا بتقدير الذات أو الاعتداد بالنفس وذلك بتحاشي احساسنا بمشاكلنا.”

لماذا نستخدم الآليات الدفاعية؟ لحماية أنفسنا – سواء أكان ذلك بحمايتها من الانتقاد، أو من الآثار السلبية، أو أيًا من الأشياء التي أنت تخاف منها أو تخشاها قد تنكر أنك في الواقع من ارتكب الخطأ.

“يمكننا اعتبار الآلية الدفاعية على أنها أداة نستخدمها عندما نكون في وضع معرضين فيه لهجوم،” كما أضافت كاتشنغز أو كأسلوب آخر لاحظت أن بعض الناس يتهمون / يلقون باللوم على آخرين في محاولة منهم لتعريضهم للأذى – وهذا بالتأكيد ليس أمرًا لطيفًا!

علاوة على ذلك، قد يكون لديك بعض التجارب السلبية للمتجذرة من أيام الطفولة تجعلك مهيأً للتصرف بهذه الطريقة.  “من الناحية النفسية، يمكننا أيضًا أن نعتبر ما يتصل بتعلق [الطفل بوالديه]  قد تخلق مشاكل تظهر عندما يكبر،” كما توضح كاتشنغز.  “التعلق غير الآمن [ومنه عدم اعتماد الطفل على والديه لتوفير الحضن الدافيء له] والمتردد [الطفل المتردد أو القلق أو المعارض يكون أكثر الأطفال كرباً وألماً عند فراقه لأمه وتظهر عليه علامات الغضب وسلوك التشبث عند رجوعها] يمكن أن يؤدي بنا إلى عدم قبول تحمل المسؤولية ولذا نجد القاء لللوم على / إتهام الأخر أمرًا سهلًا.”

العواقب السلبية للوم / لإتهام الآخرين

نادرًا ما يخلو لوم / إتهام الآخرين على أخطاء نحن ارتكبناها من عواقب.  قد يبدو وكأننا نحقق مكاسب في وقتها، وأنه يعود لصالحنا عندما لا نتحمل المسؤولية عن أفعالنا وتصرفاتنا، ولكن هذا ليس هو الحال بالتأكيد على المدى الطويل. إلقاء اللوم على / إتهام الآخرين قد يؤدي، وعلى الأرجح سيؤدي، إلى نتائج عكسية على الشخص نفسه، مما يجعله يتمنى أنه لم يتبادل الإتهام / إلقاء اللوم في المقام الأول.

إذا خفي عليك الأمر، فسيدرك من اتهمتهم / لمتهم بذلك، ولن يكونوا سعداء إذا لم تتحمل مسؤولية أخطائك.

“عادةً، عندما ننخرط في هذا السلوك، قد يبدأ من حولنا بالاستياء منا أو حتى بالإبتعاد عننا” كما تقول كاتشنغز.  “ونتيجة أخرى لهذا التصرف هي أننا قد نفقد التواصل معهم أو نفقد ثقتهم بنا.  يبدأ الذين يقعون ضحايا لعملية اللوم بالشعور وكأنهم يمشون على قشور بيض ويتجنبون التواصل معنا تجنبًا للتعرض للإتهام / لإلقاء اللوم عليهم “.

من الواضح أن الإتهام / إلقاء اللوم على الآخرين لا يؤثر في الشخص نفسه فقط على المدى الطويل، بل إنه يؤثر أيضًا فيمن يُوجَه له أصابع الاتهام . وفقًا لـ كاتشنغز، “قد يؤدي ذلك إلى تدني احترام الذات، والشعور بعدم القيمة / بالتفاهة، وحتى بالتضرر العاطفي الدائم [ومنه القلق واضطراب الكرب التالي للصدمة النفسية] إذا لم يتغير السلوك و / أو إذا لم يبحث الشخص المتضرر عن مساعدة مهنية.”

قد ينتهي الأمر بالشخص بخسارة صداقات أو علاقات أو وظائف، بحسب وضعه.  كما تحذر كاتشنغز من أن “[إلقاء اللوم / الإتهام] يمكن أن يؤدي أيضًا إلى الشعور بالوحدة وهجران الناس له، لأن من يتهمهم / يلقي اللوم عليهم قد يهجروه ولن يعودوا له أبدًا”.

كيف نحد من هذا السلوك

كما هو الحال مع العديد من السلوكيات السامة (الضارة بالآخرين والمؤذية لهم)، فإن الاقرار والاعتراف بالمشكلة هو الخطوة الأولى للعلاج. حتى الاعتراف بوجود هذه المشكلة قد لا يكون سهلاً بالنسبة للشخص، لأنه في النهاية عليه أن يتحمل مسؤليته عن نتائج الأخطاء التي ارتكبها.  إذا كان من النوع الذي  يوجه دائمًا اللوم ويتهم الاخرين، فقد يكون قد مضى عليه فترة طويلة لم يتحمل فيها المسؤولية عن أخطائه.

“يمكن للعائلة والأصدقاء المساعدة وذلك بتفهمهم للمشكلة ومساعدتهم على حلها.  “أن نسمع صوتًا لطيفًا يخبرنا أننا نعاني من مشكلة يختلف تمامًا عن سماع صوت يصرخ فينا أننا بحاجة إلى مساعدة،” كما تقول كاتشينغ.

اخبار عدد قليل من الناس الجديرين بالثقة، وهم الذين يمكن الاعتماد عليهم، يمكنهم مج يد العون والمساعدة في تحمل المسؤلية عن ارتكاب الأخطاء – يمكنهم العمل كشبكة دعم للشخص. لأمور ستصبح أكثر سهولة لو أجرينا تغييرات إيجابية في حياتنا حين يكون لدينا من نعتمد عليهم إلى جانبنا يساندوننا ويشجعوننا، وينبهوننا بلطف حين ننحرف عن مسارنا الجديد الخالي من إتهام / إلقاء اللوم على الآخرين الذي شرعنا في تبنيه.

لاحظ ما يدور في ذهنك في المرة القادمة التي ترتكب فيها خطأ.  ماذا يخطر في بالك في أول وهلة؟ هل تريد اتهام / إلقاء اللوم على أحد الأشخاص، أم تريد أن تعتذر عما ارتكبته من خطأ وتتحمل مسؤولية ما قمت به؟ ابذل جهدًا مدروسًا لاختيار الخيار الثاني – على الرغم من أن الكلام في ذلك أسهل من الفعلظ خاصة إذا لم تكن معتادًا على ذلك!

“المساعدة الاحترافية هي أكثر الأساليب الموصى بها لتتعلم كيف لتضع حدًا لهذا النوع من السلوك،” كما تقول كاتشنغز.  “قد يكون هذا السلوك نتيجة لتجارب ومشاكل ظلت عالقة من فترة الطفولة، واستشارة معالج نفسي ستكون أفضل أسلوب لإحداث تغيير حقيقي في حياتنا.”  إذا كنت مهتمًا بمعرفة ما إذا كان المعالج النفسي يمكنه مساعدتك في البحث عن جذور هذه المشكلة ومساعدتك في تجنب هذا السلوك في المستقبل، فحاول الاتصال بمعالج نفسي.

علينا أن نتعلم أن نكون قادرين على تحميل أنفسنا المسؤولية عن الأخطاء الكبيرة والصغيرة، على الرغم من أنها قد تكون شيئًا مخيفًا. اعترافنا بأخطائنا ليس أمرًا سهلًا،  ولكن بدون أدنى شك، ان تحمل المسؤلية هو الأمر الصحيح الذي يجب فعله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى