أقلام

حقوق الإنسان وحقوق الحيوان !

أمير بوخمسين

إذا كانت فكرة حقوق الأنسان بمختلف أشكالها ومكوناتها (حقوق الأطفال وحقوق النساء وحقوق العمال.. إلخ) قد تمت صياغتها في إعلان ” حقوق الإنسان المواطن” الصادر عن الجمعية الوطنية في فرنسا عام 1789، فإن أول إعلان لحقوق الحيوان يرجع إلى فترة قريبة من ذلك، أي إلى قانون (غرامون) الصادر في فرنسا سنة 1850، الذي يحرّم قانونيا المعاملة السيئة للحيوانات الأليفة في الأماكن العمومية، وهو القانون الذي تم استكماله وتتويجه سنة 1924 في فرنسا أيضا بـ ” إعلان حقوق الحيوان ” ثم بالإعلان العالمي لحقوق الحيوان سنة 1978. أخذت هذه الإعلانات تتبلور في حركات ومؤسسات وروابط لحماية الحيوان والدفاع عن حقوقه. فقد أخذنا نسمع عن “حركات التحرر الحيواني” أو حركة التحرير الوطني لمختلف فصائل الحيوانات، والمجتمع المدني الحيواني، وقد نسمع قريبا عن الأممية الحيوانية، وعن الديمقراطية الحيوانية، و” الحيوان العارف” واليمين واليسار الحيواني، وربما عن ” نقد العقل الحيواني”. وكذا عن وزارة أو كتابة الدولة في الشؤون الحيوانية.. إلخ. فكما تطورت صناعات خاصة بالحيوان، ومصحّات طبية بيطرية للحيوان، ومقابر خاصة، وأماكن حلاقة وتنظيف وتجميل خاصة بالحيوانات الأليفة، وازدهار الطب الحيواني وعلم النفس الحيواني، والعلاج الطبيعي الحيواني، ومحاكم خاصة بالحيوان للبّت في الجنح والجرائم والجنايات الحيوانية. كما أصبح حب الحيوان وحمايته قضية سياسية رئيسة في الانتخابات العامة في الغرب، وقضية حاسمة في التنافس بين المرشحين.
يروي الرئيس الفرنسي السابق ميتران رداً على منافسه أنداك جيسكار ديستان في الانتخابات الفرنسية: ” أنا أحبها أيضا”. حيث وصلت المبالغة في حب الحيوان، إلى درجة الزواج والتوريث، فترى سيدات من المجتمع الغربي تقدم على الزواج على كلب أو قط ويتم عمل عقد زواج رسمي في الكنيسة وغيرها، قد يكون حالات نادرة إلا أن هذه الظاهرة بدأت في الانتشار وأخذت لها صدى في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، هذا الاهتمام المتزايد في الحيوان ناتج من نشوء مجتمع موازٍ للمجتمع البشري تمثله فصائل الحيوانات الأليفة التي تعيش مع الإنسان. هذا المجتمع الحيواني، الذي تشكّل الكلاب والقطط فئته الطبيعية، والذي يمثّل مجتمعا موازياً في بلد مثل فرنسا (حيث يبلغ عدد الكلاب المنزلية في فرنسا 8.8 مليون كلب، وفي أمريكا أكثر من 73 مليون كلب، و74 مليون قط وقطة، وتأتي الصين في القائمة الأولى حيث بلغ عدد الكلاب أكثر من 110 مليون كلب، هذه إحصاءات في السنوات الأخيرة) تصرف عليهم ميزانيات ضخمة سنوياً لرعايتهم من قبل هذه الدول المذكورة وغيرها من دول العالم الأخرى. هذا الاهتمام بحقوق الحيوان ما هو إلا نتاج للمنطلقات والمرتكزات المادية في أساس تفكيرهم، وكذلك نتيجة لإستراتيجية التحرير المنبثقة من الليبرالية التي بدأت بتحرير العبيد ثم تحرير النساء، والدعوات المستمرة إلى التحرير أكثر للحيوان!.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى