أقلام

(شؤون أسرية) مقولات تحتاج إعادة نظر

سهام الخليفة

يتناقل الناس بين بعضهم البعض مقولات متوارثة، تمس جوهر الحياة، وتُعدّ المؤسسة الأسرية أولى غاياتها، ومحور تداولها. ومنها:

-“الحب يأتي مع العشرة”:

 إن نجاح مشروع الزواج يخضع لعوامل كثيرة، منها: *القبول المبدئي لفكرة الارتباط ذاته، من قبل الشاب، والفتاة.

وغالباً ما يتدخل الأهل في الاختيار، لدرجة الإجبار، دون الاهتمام برغبة، واقتناع الطرفين في حالة عدم التعارف المسبق، الذي يُعد مرفوضاً مسبقاً عند بعض العوائل، مما ينتج عن هذا القرار من تبعات.

إن الحب عاطفة جيّاشة، إذا ما كانت نابضة في قلوب المقدمين على الزواج، واشترطوا ذلك.

وفي هذه الأيام نرى كم تنوعت صور التعارف، -وأقصد به النقي الواضح- كذلك لا نغفل دور الإعلام، والنتاج الأدبي المنوّع، ممّا جعل الشباب يميلون لفكرة وجود معرفة، وعاطفة قبل الارتباط.

هنا تبرز وبشكل قوي عند الأهل، مقولة ” بعد الزواج، ومع العشرة يأتي الحب”.

والواقع مليء بحالات تتأرجح بين زواج ناجح، تم التراضي معه، والتأقلم رغم ما يحمله من رغبات مخفية، وأحلام لم تتحقق، وبين زواج فاشل. وما يلحقه من آثار مستقبلية كلها شقاء، ومعاناة، ومشاكل تصل للطلاق.

-“زوجوه لكي يعقل”

الشاب ذو طيش وتهور، والأهل يريدونه متزناً، فيقررون تزويجه. يبحثون له عن فتاة بريئة تحلم بعش هانئ، ترى فيه مستقبلاً زاهراً مع شريك حياة يؤمن لها آمالها.ئ

هو مشهد درامي ذو هنّات، وغصات، يتكرر، وتتم عبره جرائم، وتسقط ضحايا.

لأن مشروع الزواج خطوة فيصلية، تحوي مسئولية كبيرة؛ لابد له من نضج ابتداءً، فما ذنب المرأة، والأبناء مع احتمالات في علم الغيب، ويقعوا تحت رحمة توقعات غير منطقية، ولا مقبولة.

-“المرأة ليس لها إلا بيتها”

ما نؤمن به أن الزواج هو المرفأ الآمن، والسكن المريح لكلا الزوجين، والأبناء. لكن هناك نماذج لزواجات تفيض بالبؤس، والمذلة خاصة للمرأة. لمّا تتعرض لصور شتى من العنف، والإهمال، والاستغلال العاطفي، بمعنى تبقى في شقاء، ولا بشائر صلح منصف ، أو توافق مريح. وحينما تفكر بحلول قد تنقذها من تبعات ذلك، تجد الكثير من المعارضة، وتحميلها كل المسئولية، كالتقصير في واجباتهاالأسرية، خاصة إذا كانت موظفة.

فتتردد حولها مقولة” امكثي في بيتك، اصمتي، اصبري، المرأة لا يحق لها ظلم نفسها، وأبنائها..ألخ” فيتأتى إثر ذلك اعتلالات نفسية، سببها الكبت، مثل الاكتئاب، القهر،بالإضافة لاعتلالات جسدية، وتكون هناك مأساة تتراوح درجتها حسب شخصية المرأة.

هنا المرأة بحاجة ماسّة إلى حل جذري، حتى ولو كان الطلاق هو الخلاص، وأقل الضررين، إذا لم تتم المعالجة.

-” الرجل يحمل عيبه.. لا ينقص من قدره”

مقولة تترجم بوضوح مؤلم صورة واقع ذكوري بحت.

المجتمع الذكوري الصرف يتحمّل تبعات مواقف شتى، وغير مقبولة.

هناك صورة بغيضة جداً، تسمح للرجل بفعل ما يشاء، دون لوم، أو إنكار، والخطأ ليس له أي ذكر مذموم في ملف حياته. ويعيش مزهوا أيضا معه. ويعدّه مفخرة. والمرأة لابد أن تصمت، ولا تعترض، خاصة عند الارتباط.

بينما المرأة لو ارتكبت خطأً بسيطاً، وغير مقصوداً، تلقى التعنيف، الإدانة، والعقاب القاسي جداً، الذي قد يظلمها، ويحرمها السلام النفسي.

ختاماً:

أنا هنا لا أشجع على تذكية خلافات، أو إثارة فتن -حاشا لله-لكن هناك مشاكل كارثية تحدث، وضحايا بلا ذنب تسقط، والسبب أن المجتمع متناقض في مفاهيمه، فلابد من التغيير، وإعطاء كل ذي حق حقه، عبر التمسك بالشرع، والتقيّد بتعاليمه اولاً، والإنصات لصوت العقل، لا الأعراف، والتقاليد البالية ثانياً.

إن الرجل، والمرأة قطبان الحياة وإصلاح ما يمسّهما ضرورة ملّحة لأجل الاستقرار، والعطاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى