أقلام

شاعر مسكون بهواجسه

‏حسن الربيح

‏ما سأقرؤه ليس حكماً نهائياً وليس وصفاً مطلقاً بل هي قراءة تتلمّس أحكامها من بعض القصائد.
‏لكل شاعر هواجس وهموم تظهر لنا من خلال البوح بطرق تعبيرية عدة..
‏هاجس الغربة واحد من الهواجس التي نمر بها في تجربة شاعرنا أبو زيد ويتجلى هذا الهاجس في طرح الأسئلة الحارقة من قبيل:
‏(لمن سأغني؟…
‏لمن سأصوغ الأناشيد؟
‏من سوف يبصر صوتي بهذا الحَلَكْ؟)
‏وفي قصيدة ثانية يسأل أيضا:
‏(إلى أين تأخذك الكلمات الحميمةُ
‏يا شاعراً يتمته الحروف الغريبة؟)
‏ويصل به هذا الشعور إلى أن يعلن في إحدى قصائده بأنه يغسل
‏(الأصداء من أصدائها).
‏الشعور بالغربة هو لون من التمرّد الأبيض على كل ما هو سائد في الكتابة، هكذا كانت البداية في ديوان (لي ما أشاء) الديوان الذي يمثل تجربة لصيقة بهواجس الذات وأسئلتها.
‏في الشعر عادة يكون التعبير قائما على الاستعارات، فيستفيد من مفردات الطبيعة لصالح المعنى، لكن في شعر أبو زيد نمر بحالة غير عادية حيث لا يكتفي بالاستعارة من الطبيعة وحسب بل يجعل من صمت الطبيعة شاعراً يولِّد المعنى، وهذه الحالة تبدو لنا في إحدى قصائده الجديدة من ديوان “عشاء وحيد لروحي الوحيدة”، فلا يتعامل مع الليل مثلا في أن يستفيد منه في صورة أو حالة، بل يتركه متحدِّثًا:
‏(وقال لي الليلُ:
‏كُنْ قطعةً من سوادي
‏لكي لا تُرى!)
‏هكذا هو أبو زيد بدأ غريبًا، وانتهى متوغِّلًا في الاحتجاب، وكأنَّه يريد أن يعيش عالمه بعيدًا عن كلِّ شيء إلا من ذاته وهواجسها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى