أقلام

وقتل شعب كامل مسألة فيها نظر

فؤاد الحمود

سعت المجاميع العلمية على مرّ التاريخ لوأد الطائفية المقيتة التي لم تنتج سوى الحروب والقتل على الهوية والمناطقية، فبذلت في قبالها الجهود الكبيرة من جهد مادي ومعنوي ومعرفي، فأقيمت الندوات والمؤتمرات في جملة من العوالم والحواضر العلمية.

بل اتسعت الدائرة إلى قبول الأديان والمجتمعات الإنسانية عبر قبول الآخر بما هو عليه بكل احترام وتقدير انطلاقاً من أن ” الإنسان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق”

وفي كل عام يقام مؤتمر خاص بالوحدة الإسلامية يجمع أغلب الطوائف والنحل الإسلامية ويخرج بتوصيات تؤكد على أهمية الوحدة والتعايش بين المسلمين عموماً

مع هذه الجهود إلا أن هناك أصوات نشاز تظهر بين الفينة والأخرى ولها مظاهر مختلفة ومن مذاهب مختلفة وهم أفراد يعيشون حالات خاصة ودعاوى غير متينة من الناحية العلمية، بل قد تكون هناك أيدٍ خفية وراءهم يتحركون من خلالها أو أمراض نفسية أدت بهم إلى تلك الدعاوى.

ولعل الدعوى التي خرجت من السيد كمال الحيدري من كذب صريح على علماء الطائفة واتهامهم بأنهم يتبنون كما يقول بضرس قاطع في إحدى اللقاءات المتلفزة له بأحد القنوات “أن جميع غير الشيعة الأمامية هم غير مسلمين” وهذه دعوى تستلزم أن التكفير مصدره علماء الطائفة وهي من دعاوى الكذب التي لا يقول بها أدنى طالب علم التحق بالحوزة العلمية ودرس مقدماتها فضلا أنه وصل كما يدعي لأستاذ الخارج.

ربما لا يدرك الحيدري أن هذي الدعاوي تؤجج النفوس وتدعو إلى الحروب الطائفية المقيتة والتي قد تذهب بسببها الأرواح والأعراض من جاهل متلبس بزي العلم.

إن الأزمة التي عايشتها الكثير من البلدان العربية والتي أنتجت لنا داعش وأخواتها بسبب مثل هذه الكلمات الغير مسؤولة كلفت الدول والحكومات الأثمان الباهظة من تكوين فرق عمل ودراسات وبحوث ومراكز عمليات على مستوى محور محاربة الفساد وذلك محاولة لوأد تلك المجاميع.

إن هذه الكلمة التي صدرت من الحيدري لها آثار وخيمة على المجتمع الشيعي في كل مكان وربما لا يعي البعض سبب تصدي العلماء وأهل الاختصاص من الرد عليه بأساليب مختلفة عبر الكتابات والكلمات المسجلة والتي أجمع فيها الكل وبينوا ضحالة وجهل الحيدري بكلمات علماء الطائفة عبر نشر فتاواهم الواضحة والصريحة والتي تعتبر المخالفين من إخواننا السنة أنهم مسلمين واقعاً وظاهراً، بل أن من كلمات مرجع الطائفة الأعلى السيد السيستاني والتي عبّر عنهم “بأنفسنا” فهل يتصور صدور مثل هذه العبارات لمجرد عواطف.

لذا فالرهان على وعي المجتمعات برفض الفتن التي تخرج من السفهاء والحاقدين والحمقى حتى لا يصطلوا بنارها الحارقة، فلا يوجد أبشع من الفتن، ولا بد للمجتمع اللجوء إلى الفقهاء الواعين والعلماء الربانيين.

نسأل الله أن يجمع كلمة المسلمين على صلاحهم ونبذ ما هو شاذ وأن نستلهم الدروس والعبر من كلمات العلماء المؤتمنين على الدين والدنيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى