أقلام

اسمعوا لهم

عدالة بوحليقة

قال تعالى في كتابه العزيز: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا)
الإنسان هو لبنة الحياة الرئيسة لتكوين أسرة ، أو الأسرة هي الانتماء الأول للإنسان، وهي أساس وجوده، وهي الملجأ الدافئ والحضن الحنون له.
تُعد العلاقة بين الأبناء ووالديهم من أهم العلاقات البشريّة وأكثرها تأثيراً على شخصيّة الطفل، ولا سيما في مرحلة الطفولة.
لكل عصر طريقة تفكيره وقناعاته وأسلوب دراسته ومعلوماته المتوافرة التي تميزه عن غيره من العصور مما يساعد علي خلق حالة فكرية معينة لدي أبناء الجيل الواحد تختلف عن نظيراتها في الأجيال الأخرى. ومع تغير أنماط الحياة بشكل دائم وتبدلها ودخول أفكار جديدة وخروج أخرى قديمة تتغير العادات والتقاليد بشكل مستمر ، ربما لا يلحظه الشخص خلال حياته إلا أن هذا الاختلاف يظهر بشكل واضح في اختلاف العادات والتقاليد بين جيل الآباء والأبناء. ومن بين الانماط التي تتغير داخل الحياة اليومية للأفراد، هو أسلوب العيش وأساليب الاستيقاظ والسهر وأهمية العلم ولقاء الأصدقاء ومشاهدة التلفاز، ثم متابعة الإنترنت الذي أصبح يسيطر على النمط الحياتي اليومي لهذا الجيل، في الوقت الذي يجهل فيه الأجداد وبعض الآباء كيفية التعامل مع الأجهزة الإلكترونية الحديثة والتقدم التكنولوجي المستمر، بينما نجد الأبناء يجيدون التعامل مع هذه الأجهزة بسهولة ويسر.
ومهما تغيرت الأساليب وتعددت تبقى العلاقة بين الأبناء والأهل هي أسمى العلاقات .فقط احتووهم بحب بطريقة صحيحة وافتحوا لهم قلوبكم واجعلوا آذانكك صاغية لما يقولونه وقدروا قيمة مايشتكون منه.
من خلال عملي أواجه الكثير من تلك المواقف ومنها:
حضرت العيادة طفلة تشتكي من أنها ترى الصورة مزدوجة منذ أكثر من ٣ أشهر، والأهل يرون بأن ذلك بسبب التكنلوجيا والإنترنت. فأهملوا الطفلة ولم يصغوا لما تشتكي إلى أن قرروا بعد مرور الشهرين مع إصرار الفتاة على ماتقول أن يزوروا الطبيب أخيراً ليكتشف أن حالتها متقدمة جداً وأنها تحتاج إلى عملية في المخ، وفقدت البصر.
وطفلة أخرى تشتكي لوالدتها منذ دخولها المدرسة بأنها لاتستطيع مشاهدة ما يكتب على السبورة. وبسبب مشاغل الحياة وأولوياتها تم إهمال شكوى الفتاة المتكررة وعدم سماعها، ولم ينظر لما تعانيه. وتمر الأيام والشهور بل والسنين حيث تصاب بكسل العينين ويصبح تصحيحه صعباً بعد تعديها العمر المفترض أن تعالج به.
وقبل تلك الحادثتين
حوادث أخرى كثيره دفعتني إلى كتابة ماحدث.
وأهمس للأهل في مرحلة من مراحل الحياة الأسرية: أنتم المسؤولون عن أبنائكم فكونوا بقدر تلك المسؤولية ولاتقصروا في حقوقهم ولاتتركوا مرعاتهم للآخرين
ولذلك فإن غياب الحوار البنّاء والفعّال بين الآباء والأبناء يجعل الابن لا يثق في والديه ولا يبوح لهما بأسراره الخاصة، بل أنه يفضل أن يأخذ معلوماته من الصحبة والإنترنت بدلاً من الوالدين البعيدين عنه بحنانهما ورعايتهما.
ومع ضخامة حجم هذه الظاهرة إلا أن كثيرًا من الآباء لم ينتبهوا إلى خطورتها، معتقدين أنه ليس مطلوباً منهم أي شئ تجاه أبنائهم سوى توفير المسكن والملبس والإنترنت وألعاب التسلية التي ربما تُشغل الفراغ لديهم ولكنها لا تُغني عن والديهم .ولا يكون ذلك عدم حب الآباء لأبنائهم ، فهم ثمرة القلوب وقرة الأعين، ولكن ما ننبه إليه أن هذا الحب لايمكن أن يتحقق إلا بالتربية السليمة للأبناء التي تتطلب من الآباء حمايتهم بالتحاور والتشاور معهم ، ومحاولة معرفة ما يجول بأفكارهم ومساعدتهم في حل مشاكلهم الخاصة والتقرّب والتودد إليهم. ولكن يا ترى !.. من المتسبب فى هذه الظاهرة .. الآباء أم الأبناء؟ وما هي خطورة غياب الحوار الهادف بين الطرفين؟

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى