أقلام

(شهيدة الصحافة).. مابين ٢٠٠٢ إلى ٢٠٢٢

رباب حسين النمر

(لن أنسى أبدًا حجم الدمار،  ولا الشعور بأن الموت كان أحيانًا على مسافة قريبة. لم نكن نرى بيوتنا.
كنا نحمل الكاميرات ونتنقل عبر الحواجز العسكرية والطرق الوعرة.
كنا نبيت في مستشفيات، أو عند أناس لم نعرفهم، ورغم الخطر كنا نصر على العمل.

كان ذلك خلال عام 2002 حين تعرضت الضفة الغربية لاجتياح لم تعهده منذ احتلال 1967
في اللحظات الصعبة تغلبت على الخوف، فقد اخترت الصحافة كي أكون قريبة من الإنسان.
ليس سهلًا ربما أن أغير الواقع، لكنني على الأقل كنت قادرة على إيصال ذلك الصوت إلى العالم.
أنا شيرين أبو عاقلة.

كلمات سجلتها الصحافية الشهيرة شيرين أبو عاقلة مراسلة قناة الجزيرة في فلسطين عبر فيديو مصور بثته قناة الجزيرة، واليوم يصيبها عيار ناري صهيوني طالما استهدفها قبل ذلك مرات ومرات، فقد كانت تقوم بواجبها وتؤدي عملها بإخلاص تحت القصف وبجانب الأعيرة النارية، وربما تسلل الخوف والقلق إلى المتلقي أكثر من تسلله إلى قلبها الشجاع الذي اختار أن يعمل في موقع خطر ووضع حرج لتكون قريبة من الإنسان.
تلك الإعلامية التي تملك من الشجاعة الشيء الكثير الذي يؤهلها لأن تكون مُراسلة حربية تنجب التقارير وتلد الاخبار والتغطيات، وتنقل الحدث وهي تحت قرقعة القنابل والغاز المسيل للدموع.
وفي مشهد أشبه ما يكون بمشاهد أفلام الحرب العنيفة
وسط اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم جنين، ومحاصرتها أحد المنازل وسط اشتباكات عنيفة مع مسلحين، يستهدف رصاص القناصة الصهيوني وجه الٱعلامية المخلصة أبو عاقلة (تحت الاذن) بعيار ناري ينهي تاريخًا حافلًا بالعطاء الإنساني الشجاع الذي قل نظيره، وقد جسدت أبو عاقلة امتدادًا لتاريخ حافل بشجاعة المرأة العربية في الحروب والمواجهات العسكرية. وفي لحظات وداعها الأخيرة، بعد أن ملأت أسماع العالم ليس أقل من إيراد جزء من سيرتها الذاتية باعتباره حقًا لمثلها.
ولدت شيرين نصري أبو عاقلة عام 1971 في القدس، ويعود أصل عائلتها المسيحية إلى مدينة بيت لحم. درست الثانوية العامة في مدرسة راهبات الوردية في بيت حنينا، ثم درست الهندسة المعمارية في جامعة العلوم والتكنولوجيا بالأردن، ثم درست الصحافة والإعلام في جامعة اليرموك الأردنية.

عادت بعد التخرج إلى فلسطين، وانخرطت في العمل الصحافي عام 1994، وعملت في عدة مواقع مثل وكالة الأونروا، وإذاعة صوت فلسطين، وقناة عمان الفضائية، ثم مؤسسة مفتاح، وإذاعة مونت كارلو، ثم انتقلت للعمل عام 1997 مع قناة الجزيرة الفضائية حتى وفاتها برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم العاشر من مايو 2022 بجنين.
تؤمن شيرين أبو عاقلة أن العمل تحت الخطر هو لب العمل الصحافي، كما تؤمن بشرعية قضية وطنها، وتحافظ على الموضوعية والمهنية في عملها.

تعرضت حياتها أكثر من مرة للخطر، ولكنها كما قالت في أحد اللقاءات” تضع الخوف على زاوية وتُنجز ماذهبت من أجله”
قالت قناة (الجزيرة) القطرية أن الصحافية شيرين أبو عاقلة كانت ترتدي سترة الصحافة وخوذة الراس أثناء استهدافها من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، مما يشير الى استهدافها بشكل مقصود.

رحم الله شيرين أبو عاقلة شهيدة الصحافة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى