أقلام

لماذا تعزف النساء في جميع أنحاء العالم عن الزواج؟

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

راجعه البرفسور رضي حسن المبيوق، علم النفس التربوي، جامعة شمال أيوا

تبحث الأنثروبولوجية في جامعة هيوستن، دينا هانافورد Dinah Hannaford، في أسباب تحاشي النساء للتقاليد

عناوين الأخبار كالعنواين التالية “تجعل الأمر يبدو وكأن بقاء الزواج في جميع أنحاء العالم أصبح معرضًا للخطر:

•”لماذا يزداد عدد النساء اللاتي يخترن عدم الزواج هذه الأيام” ،

•”بسبب توقهن إلى الحرية، تفضل النساء اليابانيات الانسحاب من الزواج (العزوف عن الزواج)”  [المترجم: استخدمنا هنا مصطلح «العزوف عن الزواج» كمصطلح عام يمكن أن يلائم كل أنواع ترك الزواج  بأي صورة من صور صيغه]

• “ما يقرب من نصف الكنديات يشعرن أن” الزواج ليس ضروريًا “،

• ” تتزوج التشيليات بشكل أقل عما كنّ عليه [قبل 30 سنة حيث تحول الزواج من قاعدة إلى استثناء(1)] ولا يتزوجن إلَّا في سن متأخر،

الأرقام تدعم هذا الإدعاء.  ففي الولايات المتحدة، ارتفع متوسط سن الزواج الأول من 20.1 سنة للنساء و 22.5 سنة للرجال في عام 1956 إلى 27.1 سنة  للنساء و 29.2 سنة للرجال في عام 2016. هذا الاتجاه في ارتفاع سن الزواج بين النساء والرجال غدا اتجاهًا عالميًا أيضًا.  في هذا الزمن، يعيش 89٪ من سكان العالم في بلد تعاني من انخفاض في معدلات الزواج.

دينا هانافورد Dinah Hannaford، الأستاذة المشاركة في الأنثروبولوجيا في جامعة هيوستن، وزملاؤها في الأنثروبولوجيا غير راضين عن التقاربر الصحفية والكتب الواردة في هذه المسألة، والتي ركز الكثير منها على الحالات في الولايات المتحدة، ولذا رغب الباحثون في التعمق في هذه المسألة بأفضل طريقة يعرفونها: من خلال التقارير الإثنوغرافية(2) متحصلة من نساء من جميع أنحاء العالم.  وهذا يعني توثيق حياة وزواج النساء على مدى عدة سنوات، وفي كثير من الحالات، على مدى عدة عقود.

“نحن كأنثروبولوجيين لدينا سياق وتاريخ عن الثقافات تمكننا من ملاحظة ماذا يدور بخصوص هذه المشكلة.  قالت هانافورد Hannaford، المحررة المشاركة للكتاب الجديد “العزوف عن الزواج: نساء العالم يعبثن بالزواج”(3)،  قالت: بإمكاننا ربط هذه القصص والتقارير بالاتجاهات والتغييرات الكبرى في المجتمعات في هذه البلدان.

تعرف الباحثون على عدة أسباب وراء اختيار عدد متزايد من النساء العزوف عن الزواج، بما فييها الأسباب التي ترجع إلى الخيانة الزوجية، وزيادة فرص العمل والاستقلال في المعيشة، ووجود المزيد من الأمان في العيش مع الوالدين والإخوة والأخوات.

“الزواج لم يكن في الغالب حالة جيدة للمرأة من الناحية التاريخية وفي جميع أنحاء العالم ، ويحاولن إيجاد حلول بديلة لهن. وقالت هانافورد: “مع فتح فرص جديدة للمرأة للإستغناء عن الزواج، فإنها ستختار ذلك”.

نساء بربادوس يرفضن الزواج مرة أخرى

من بين النساء اللواتي خضعن للدراسة كانت نساء دولة باربادوس الصغيرة الواقعة شرق البحر الكاريبي اللواتي اخترن ألَّا يتزوجن مرة أخرى بعد طلاقهن، على الرغم من الضغوط المجتمعية ونظرة أقرانهن السامية للزواج.  على مدى سنوات، درست باحثة الأنثروبولوجيا كارلا فريمان Carla Freeman عائلات من ذوي البشرة السوداء، التي تشكل الأغلبية العرقية في البلاد.  في هذه العائلات تعتبر الأم في الغالب رأس العائلة و ربة الأسرة ولا يؤدي فيها الأب إلا دورًا ثانويًا(4)، والعديد من هذه الأمهات غير متزوجات.

أما النساء ذوات البشرة البيضاء في باربادوس تعيش بطريقة حيث يُنظر إليهن على أنهن “رموز وأوصياء في مجتمعهن”. ويُفترض أن معظمهن متزوجات.

تابعت فريمان حياة ثلاث نساء بربادوسيات من ذوات البشرة البيضاء على مدى عقود من الزمن، وتابعت بعضهن من أول زواجهن في شبابهن.  ولكن زواج كل منهن انتهى بالطلاق.  بالنسبة إلى اثنتين منهن، كان طلاقهما جزئياً بسبب الخيانة الزوجية.

قالت ليليانا Lilliana، إحدى النساء الثلاث، “ألاحظ المزيد من النساء، وهن من النساء المهنيات، يخترن أن يكن عازبات، لأنهن يعتقدن أنه من الصعب كثيرًا أن يجدن أزواجًا مخلصين [لا يرتكبون خيانة زوجية] أو مكافئين لهن من الناحية الفكرية… كلما أصبحت النساء أكثر تمكنا وعاملات / موظفات، فلا يجدن ضرورة في تحمل وجود [عشيقات وأطفال سفاح معهن]”

ما يهم النساء هو إيجاد هدف ومعنى من خلال أطفالهن وعائلاتهن الممتدة (الأقارب) والهوايات والأعمال التجارية وقضايا العدالة الاجتماعية.  على الرغم من أن مشاعرهن تتأرجح بين الشعور بالوحدة وبين الإحباط النفسي من عدم تحقيق الأهداف الداخلية والخارجية(5)، إلا أنهن يستمررن في اصرارهن على قرارهن بعدم الزواج مرة أخرى.  كتبت فريمان: “الهشاشة الاقتصادية التي يواجهنها بعد الطلاق، إلى جانب شعورهن بالوحدة والتهميش الاجتماعي الذي يشعرن به أحيانًا، يزيد من اعتمادهن على شبكاتهن الممتدة / الموسعة من الأقارب والأصدقاء وتقديرهن لها.”

ومن المثير للاهتمام أن هؤلاء النساء يعكسن استقلالية ونضوج نظيراتهن من النساء ذوات البشرة السوداء.

النساء يجدن الدعم العاطفي من خلال الصداقة والأسرة

البحث تناول النساء اللواتي لم يتزوجن على الإطلاق والمطلقات أو الأرامل ولا يرغبن في الزواج مرة أخرى، والنساء اللاتي لا زلن متزوجات ويعملن على جعل مؤسسة الأسرة مجزية بصورة أكثر لكلا الزوجين.  على سبيل المثال، الزواج بشكل استراتيجي من رجال يقضون معظم أوقاتهم في العمل في خارج البلاد [كما هو الحال في السنغال] بحيث تتمتع المرأة بالاحترام بكونهن متزوجات ولكن يتمتعن بفرصة  تجنب الالتزامات اليومية حينما يكون أزواجهن بالقرب منهن.

“يركز الأنثروبولوجيون بشكل كبير على الأسرة والزواج، ولا يفكرون في كيف تلعب الصداقة دورًا مهمًا جدًا في حياة الجميع”.

كما وجدت هي وفريقها روابط قوية للمرأة مع أسرتها لبتي ولدت فيها (والديها واخوتها وأخواتها) . في العديد من المجتمعات التي درسوها، عندما كان لدى النساء خيار البقاء مع أسرهن بدلاً من الانتقال للعيش مع أزواجهن، فضلن البقاء مع أسرهن لأنهن يثقن بأنها لا تتخلى عنهن أبدًا أو تماراس الخداع  أو الغش أو الاحتيال بحقهن.

مصادر من داخل وخارج النص

1- https://news.stanford.edu/2021/04/14/study-identifies-another-explanation-marriage-premium/

2- “الإثنوغرافيا ethnography هي دراسة منهجية للناس والثقافات صُممت لاستكشاف الظاهرة الثقافية للمجتمع. ”  مقتبس من نص ورد على هذا العنوان

https://ar.wikipedia.org/wiki/وصف_الأعراق_البشرية

3- https://www.rutgersuniversitypress.org/opting-out/9781978830103

4- https://ar.wikipedia.org/wiki/أسرة_مرتكزة_على_الأم

5- “الإحباط frustration  في علم النفس هو استجابة انفعالية مرتبطة بالغضب والانزعاج وخيبة الأمل.  فالإحباط هوالحيلولة دُونَ تحقيق المرءِ رغبةً مِن رغَباتِه أكان لهذه الرغبة ما يبررها أم لا، ويصاحب ذلك ضرب من الحسرة وخيبة أمل يحول دون إشباع حاجة من الحاجات أو معالجة مشكلة من المشكلات لدى المرء. وربما يكون للإحباط دورٌ مهمٌ في في الصحة النفسية ايجابًا أو سلبًا.  والإحباط نوعان: داخلي وخارجي.  قد ينشأ الإحباط الداخلي من الصعوبات في تحقيق الأهداف الشخصية  والرغبات والحاجات والاحتياجات الغريزية، أو التعامل مع أوجه القصور المتصورة، مثل عدم الثقة  أو الخوف من الأوضاع الاجتماعية.  قد  تكون للمرء أهداف متضاربة تتداخل مع بعضها البعض، يمكن أن يكون أيضًا مصدرًا داخليًا للإحباط ويمكن أن يسبب تنافرًا معرفيًا.  أما الأسباب الخارجية للإحباط فتشمل ظروفًا خارجة عن سيطرة المرء.”  مقتبس ببعض التصرف من نص وردعلى عذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/إحباط_نفسي

المصدر الرئيس

https://www.uh.edu/news-events/stories/2023/january-2023/011123.php

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى