أقلام

الفروسية

أمير الصالح

ونحن على أبواب الإجازة الصيفية، وددت أن أنتقي لأحد الأبناء برنامجًا رياضيًّا صحي ونافع ليستفيد منه، ويقلل التصاقه بالأجهزة الإلكترونية. استلهمت من الحديث المروي عن الرسول الكريم (ص): ” علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل ” الرياضة التي أود أن ألحق ابني هاشم بها. كنت أتطلع أن تكون رياضة السباحة والغوص والرماية بكل أنواعها وركوب الخيل، أمور متوافرة وقليلة التكاليف، ولا سيما أن تلكم الرياضات دعى إليها، وزرع فسيل شعبيتها رسول الإسلام (ص). إلا أنني اكأصبت بنوع من خيبة الأمل، وكما قد تفاجأ معظم الناس بأن رياضة الغوص هي الأغلى تكلفة بعد رياضة الجولف، وأن رياضة الرماية بالرمح والقوس منحصرة في بعض الأندية، ومضمحلة الشعبية بين صفوف الشباب، وأن عددًا بسيطًا جدًا من عامة الناس في الوطن العربي مارس أو يمارس رياضة الفروسية وركوب الخيل.

وفي الحاضرة التي أعيش بها اعتنيت بٱلحاق الابن في إجازة الصيف الفائت برياضة الغوص، وأحرز الابن شهادة الغوص بحمد الله، إلا أنه فضلًا عن أن رابطات وأندية وجماعات تعليم الغوص والسباحة آخذة في الانتشار. وهذا أمر أفتخر شخصيًّا به لكوني غواص مرخص من PADI وغير محترف. وهنا أود أن أرفع القبعة تعبيرًا عن شكري لمدربي السيد قاسم، ٱلا أن تكاليف رياضة الغوص ما تزال مرتفعة وتحتاج إلى مداومة في مزاولة الغوص وريادة البحر. ولمن التحق بأية أندية لرياضة الغوص فإنه حتمًا يتلمس تكاليف المعدات أو إيجارها، ورسوم التدريب، وتكاليف الجولات المتكررة على مدى سنوات. وهذه التكاليف المتكالبة تحجم البعض من الالتحاق أو الاستمرار بمزاولتها.

وعلى نطاق رياضة الرمي، فإنه فضلًا عن أن عدد أندية الرماية بالرمح والرمي بالسهام شبه مندثر في محيطنا، عوّل البعض على أتدية الرماية النارية ببنادق الصيد العادية، إلا أن الأمر أيضًا يحتاج إلى تذليل الكثير من الصعاب، وتخصيص أماكن، وتحديد إجراءات التخلص من المعدات لإنجاح رياضة الرمي ببنادق الصيد العادية.

وعلى نطاق رياضة ركوب الخيل، فإنه فضلًا عن أن رياضة ركوب الخيل جدًا مُكلفة ماديًّا، فإني لا أخفي القارئ سرا إن قلت بأنه في حواضر كبيرة من مدن ومناطق ببلدان عربية عدة لا يرى الناس الخيول إلا في مزارع بعض أهل الثراء والمال، أو عبر شاشات التلفاز فقط، أو يرون خيول pony صغيرة على الشواطئ أيام العيد لإركاب الأطفال. وهذه الرياضة شبه مندثرة بين صفوف عامة الشباب العربي. وشخصيًّا أحاول أن أمارس رياضة الفروسية (ركوب الخيل) عندما تتهيأ الظروف لذلك، ولا سيما عند وجودي ببلدان ما تزال تحافظ على هذه الرياضة، مثل إيرلندا ( national park at Killenary ) ومناطق أخرى من العالم.

أتطلع إلى أن يتوجه المستثمرون من أصحاب الملاءات المالية الاستثمارية لإحياء تلكم الرياضات الجميلة التي تزرع الانطلاق للحياة، وتنشط رياضات out door، وتكسر رتابة الحياة وتحطم أغلال ما بعد صدمة جائحة كوفيد، وإن نجح المستثمرون في التسويق بأسعار جذابة ومهنية احترافية لتلكم الرياضات في الهواء الطلق، فإني أزعم بأن نسبة الاكتئاب بين مدمني الشاشات الرقمية بين صفوف الشباب ستقل بشكل ملحوظ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى