أقلام

مضاعفات الفقر على حياة المجتمع

صالح المرهون

إن وجود مساحة من الفقر في أي مجتمع لها مضاعفات على حياته، فالفقر ينتج الانحراف والإجرام، وينتج عدم الانسجام في العلاقات بين فئات المجتمع، وقد اهتم الإسلام بمعالجة هذه المشكة، وذلك من جانبين:

الجانب الأول: تشجيع الناس وتحريضهم على العمل والسعي لكسب الرزق، ويعد هذا جهاد في سبيل الله، يقول الله تعالى:(فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله)، وعن الإمام الصادق( ع):(الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله).

الجانب الثاني: حينما يكون هناك أشخاص عاجزون عن السعي والعمل فإن للإسلام تشريعات فيما يرتبط بهذه الفئة أو هذه الشريحة، حينها يدفع القادرون من أبناء المجتمع ليتحملوا مسؤوليتهم تجاه هؤلاء العاجزين، بإنشاء جمعيات خيرية لمساعدة العاجزين والمحتاجين والضعفاء، والآية المباركة توضح ذلك حيث تقول:

(وفي أموالهم حق للسائل والمحروم)

فالإنسان الذي يكسب المال القادر، عليه أن يعلم أن ما يكسبه، ليس كله له، وإنما فيه حصة للمحتاجين والفقراء والمرضى العاجزين عن العمل، حيث جعل الله سبحانه وتعالى حصة للفقراء والمحتاجين في أموال القادرين، يقول الله تعالى في آية أخرى:(والذين في أمولهم حق معلوم للسائِل والمحروم).

إن هذا الحق كما تشير بعض الروايات هو غير الحقوق المفروضة من الزكاة والخمس، فقد ورد عن الإمام الصادق( ع) في تفسير هذه الآية الكريمة:(ولكن الله عز وجل فرض في أموال الأغنياء حقوقًا غير الزكاة والخمس وهو شيئ يفرضه الرجل على نفسه في ماله يجب عليه أن يفرضه على قدر مايستطيع من طاقته وسعة ماله فيؤدي الذي فرضه على نفسه إن شاء في كل يوم وإن شاء في كل جمعة، وإن شاء في كل شهر وقد قال الله تعالى أيضًا:(أقرضوا الله قرضًا حسنًا)

وهناك نصوص كثيرة تتحدث عن هذا الجانب، وتؤكد على أن رزق الفقراء والمحتاجين مقرر في كسب الأغنياء، ورد عن أمير المؤمنين

( ع):(إن الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء فما جاع فقير إلا بما متع به غني، والله تعالى سألهم عن ذلك)

إن السؤال يوم القيامة أمام الله ليس فقط عن الصلاة والصوم والعبادات، وإنما السؤال أيضًا: لماذا كان هناك فقراء ومحتاجون جائعين؟ ولماذا لم تتحمل المسؤولية تجاههم؟ وهذه مسؤولية الجمعيات الخيرية أيضًا بأن تتحمل المسؤولية لماذا هناك فقراء ومحتاجون جائعون والجمعيات موجودة، فلا ينبغي أن يكون هناك فقير في المجتمع، ووجود فقراء يدل على وجود خلل في النظام الاجتماعي، وخلل في تحمل الجمعيات والأغنياء من الناس التحمل لمسؤوياتهم،

إذن أفضل ما يقدمه المجتمع لفقرائه هو مساعدتهم لتجاوز حالة الفقر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى