أقلام

السيد ياسين الموسوي:ريادة في العمل وتميزٌ في الأخلاق

عبدالله البحراني

السيد ياسين الموسوي:ريادة في العمل وتميزٌ في الأخلاق

السيد ياسين بن السيد حسن بن السيد عبدالله الموسوي, من مواليد مدينة المبرز بمحلة العيوني عام 1320 هـ (تقريباً). تعلم القرآن الكريم والقراءة والكتابة في الكتاتيب على يد المرحوم ملا حسين الشايب, ولدى الملا أحمد الميهان. وفي الرابعة والعشـرين من عمره سافر إلى البحرين للعمل, وذلك في عام 1344هـ.وهناك عمل لدى مجموعة من تجار الغوص لتسجيل وضبط أمورهم المالية. وبجانب عمله، كان يدرس في الليل. حيث درس الرياضيات, والعربية, وشيئاً من اللغة الإنجليزية. وفي البحرين, توسم فيه الكثيرون الخير والصلاح. ومنهم, الحاج أحمد كردي. حيث طلب منه أن يقوم على تعليم أولاده وأبناء أخيه لأمانته وحسن خلقه.

عاد لموطنه الأحساء في 4/8/ 1361 هجري. وبدأ مرحلة جديدة في مسيرته, فانخرط في الشأن الاجتماعي, وسعى لما فيه الخير لأسرته ومجتمعه. وفي عام 1365 هجري, فقدت أسرة النحوي كبيرها السيد علي النحوي, فأصبح السيد ياسين عميد الأسرة, وتولى شؤونها ورعاية أفرادها.

نشاطه الاجتماعي

أولاً: مدرسة السيد ياسين (تأسست 1361 هـ)

دشن أول مدرسة أهلية في مدينة المبرز, والتي شكلت نقلة نوعية في التعليم في المدينة. وكانت الدراسة في هذه المدرسة على فترتين. الفترة الصباحية مخصصة للصبيان, أما المسائية فكانت مخصصة للرجال المرتبطين بمهن أو أعمال.ويطمحون بوظيفة أو يرغبون في تطوير مهاراتهم في القراءة والكتابة أو الحساب.

وجاءت هذه الفكرة, لتوفر البديل المناسب للتعليم النظامي الحكومي. ومن المعروف أن أول مدرسة حكومية بمدينة المبرز تم افتتاحها في عام 1357 هـ بموقع يسمى (الجلعة). ولكن التعليم الحكومي قوبل في بداياته بالتوجس والريبة من بعض الأهالي. وذلك لعدم نضج فكرة التعليم الحكومي لدى شريحة كبيرة من السكان.وجاءت مدرسة السيد ياسين, لتكون خياراً لمن يرغب في تعليم أبنائه. كما عرض عليه أن يكون أحد معلمي أول مدرسة حكومية بالمبرز, ولكنه اعتذر لأنشغالهلمدرسته ومشاريعه الأخرى.

وكانت الدراسة على ثلاث فترات: الفترة الصباحية: من الساعة السابعة وإلى قبيل صلاة الظهر. والثانية: من بعد صلاة العصـر وحتى الغروب. وخصصت الفترة الأولى والثانية للصبية. أما الفترة الثالثة: فكانت للكبار من الشباب والكهول (على غرار محو الأمية) ولمن فاتتهم فرصة التعليم في طفولتهم. وتبدأ من بعد صلاة المغرب الى بعد صلاة العشاء. ولكن وفي السنوات الأخيرة, اقتصر التعليم على فترة واحدة صباحية.

ثانياً: مقبرة العيوني

تعرضت مقبرة العيوني بالمبرز لعدة محاولات للتعدي على حدودها. ولكن السيد ياسين تصدى لتلك المحاولات بشجاعة نادرة. وقاد حملة للحفاظ على تلك المقبرة.وأشرف بنفسه على بناء سور حولها وتثبيت حدودها من جميع الجهات. ولم تستسلم تلك الثلة, فقاموا على هدم ذلك السور ليلاً ولعدة مرات، محاولين تغيير معالم وحدود المقبرة.

وهنا, قام السيد على وضع خطة بالاتفاق مع مجموعة من رجال الحي الغيورين على إعادة بناء سور المقبرة. كما أوكل لمجموعة على مراقبة الوضع ليلاً, حتى يرتدع المعتدون. وأثمرت تلك الجهود الخيرة, ولم تنجح محاولاتهم طوال حياته.وذلك ليقظته وشعوره العالي بالمسؤولية. كما تصدى لبناء أول مغيسل لتجهيز الموتى في المبرز, حيث كان الناس في الماضي يجهزون موتاهم في بيوتهم.

ثالثاً: شبكة الصرف الصحي

كانت المنطقة تعتمد على البيارات (البالوعات) لتصريف مياه المجاري. وكان لهذه البيارات تأثير على الصحة العامة وعلى المباني. حيث تتسـرب الرطوبة إلى أساسات البيوت, والتي كانت أغلبها مبنية من الطين, ولم تكن قوية الأساس. ولم يكن في المنطقة شبكة حكومية لتصـريف المجاري. فبادر على تأسيس (شبكةأهلية) للصـرف الصحي, وذلك في الجزء الشمالي لحي العيوني. وتعد فكرة (تأسيس شبكة الصـرف الصحي) رائدة في ذلك الزمان. حيث تصدى لمرحلة التنفيذ وإدارة أول شبكة صرف صحي في شمال مدينة المبرز. كما نسق مع بعض العمال على القيام بأعمال الصيانة الدورية.

رابعاً: انفتاحه على الجميع

وكانت للسيد رؤية واضحة بأهمية التعاضد الاجتماعي بين أطياف المجتمع. ولهعلاقات مميزة مع عدد من علماء ورموز المنطقة ووجهائها. مثل: العلامة السيد محمد بن السيد حسين العلي (ت 1388), ومع الوجيه الشيح محمد بن أحمد الموسى (1310 1406هـ). ومع قاضي المبرز الشيخ محمد العبدالقادر (رحمة الله عليهم أجمعين).

وهناك جانب مهم في شخصيته, أنه على إلمام بطبيعة النفس البشـرية, ومدى تأثير الكلمة الطيبة والإحسان على سلوك الناس. نقل لنا السيد هاشم بن السيد محمد بن السيد محمد الموسوي: أن السيد كان يحب المساكين والعمال ويقربهم. على سبيل المثال: كان يقوم بتحضير المشـروبات الباردة (الشـربت) في فصل الصيف,ويقدمه للعاملين في مجال البناء في الحي. وفي فصل الشتاء, كان يقدم لهم الحليب الساخن مع الزنجبيل. علما أنهم لا يعملون في بيته. ولكنهم من أهل الحي وسكانه. وكان يحترم العمال. ويحث على إنصافهم. وهذا ينم عن نفس كريمة تبذل المعروف, دون النظر لمجال عمل الفرد ومكانته.

خامساً: تعاطيه الطبابة

وكان للسيد محاولات موفقة في مجال العلاج والطبابة, فقد كان يعتمد على الآيات القرآنية الكريمة, والرقية الشرعية, وله معرفة بالأعشاب ومستخلصاتها في علاج المرضى. وكان يتعامل مع علي الحضرمي والذي كان يدير أول صيدلية حديثة بالمبرز, ليساعده في خصائص بعض الأدوية الحديثة.

نهاية المطاف

وفي سنواته الأخيرة, أقعده المرض لسنوات. وفي يوم الخميس الموافق 26/7/1410 هـ وافاه الأجل ودفن بمقبرة العيوني.

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. رحمة الله على العم السيد ياسين فلقد كان مثالا للخلق الكريم والجود والعطاء والإيمان..
    وكسب حب الناس الذين هم بدورهم أحبوه لما يتمتع به من أخلاق عالية وتواضع منقطع النظير..
    ووفقك الله أيها الكاتب الوفي لمجتمعه، فعطاؤك كثير وجهدك وفير أطال الله في عمرك ليستفيد مجتمعك من هذا العطاء.

  2. نعم السيد قليل الكلام الا فيما يفيد وينفع دائم الابتسام في محياه السكون والقبول يحفه الجلال والاكبار مجلسه عامر بالمحبين وهم في مختلف الأعمار و المشارب والأفكار

    1. رحمك الله أيها السيد الجليل الاب الروحي والمربي الوفي فلقد كنت صرحا عظيما ومنارا وهاجا ويدا كريمة سخية وخادما مخلصا لمحمد وأهل بيته الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين.واسال الله أن يحشرك مع اجداد السادة الأطهار محمد وآله الطاهرين عليهم افضل الصلاة والسلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى