أقلام

فن اختيار وجهات السياحة

أمير الصالح

عدد ليس بالقيل من أرباب العوائل في دول الخليج يقررون انتخاب/الذهاب لمحطات سياحية معينة بسبب تدني سعر صرف العملة لتلكم الدول أمام عملة الدولار الأمريكي. ولكون معظم عملات مواطني دول الخليج مُرتبطة في سعر الصرف بالدولار، ينحاز البعض من أبناء الخليج العربي ويسيل لعابه على الذهاب لتلكم المحطات ظنًّا أنه سيوفر بعض التكاليف بذلك.

ويبدو من الوهلة الأولى لدى البعض أن التوجه لتلكم الدول التي يتسارع تآكل سعر صرف عملتها أمام الدولار بشكل يومي قرار ذكي واقتناص فرصة.

قد يكون هكذا قرار، قرار مُتسرع بعض الشيء -كما يبدو لي -ويحتاج الى تمحيص أكثر قبل الإقدام على تنفيذ تلكم الخطوة.

في الغالب يُرافق هبوط سعر صرف أية عملة أمام العملات العالمية القوية، إعادة تسعير المنتجات والخدمات في تلكم الدول السياحية بشكل مضطرب ومتذبذب وارتجالي. وعادة ما يصاحب ذلك الحدث تزايد رقعة أعداد الفقراء في تلكم الدول لدخول عدد جديد من أبناء الطبقة المتوسطة من مواطني تلكم الدول السياحية المتضررة بهبوط عملتها إلى نادي الفقراء. وهنا تنشط على الساحة الاجتماعية في بعض تلكم الدول مجموعة سلوكيات غير محببة للنفس ومنها: الرشوة، والخداع، والسرقة، والمماحكة، والمشادات، والمماطلة في أداء الحقوق، وعدم الاكتراث بالأمانة حتى خيانة أوطانهم، والاستهتار بموازين الثقة … إلخ.

مايزيد الأمر سوءًا أن عدد كبير من بسطاء تلكم الدول المتضررة بهبوط صرف عملتها يعتقدون أو يتم تغذيتهم على الاعتقاد أن سبب استمرار صعود الأسعار للسلع في بلدانهم هو وجود وتدفق سياح أجانب (خليجيين وغير خليجيين) يدفعون بالأسعار نحو الأعلى لخلقهم حالة طلب على السلع والخدمات! وهذا الأمر قد يزيد حالات الاحتقان ضد بعض السياح، ولا سيما أن هناك عدد من السياح مصابين بأمراض حب الاستعراض والمباهاة بأموالهم وبذخهم وتكبرهم.

فأصبح سائق سيارة الأجرة، وصاحب المطعم وموظفيه، وموظفي المقاهي والفنادق، وموظفي المطارات وموظفي بعض الخطوط الجوية، وبائعو التحف، والمرشدين السياحيين، وموظفي مكاتب الإيجار، وأصحاب محلات المتاجر في المولات والأسواق ينظرون للسائح الأجنبي (ولا سيما السائح الخليجي) على أنه هو طوق النجاة لفك أزمتهم الاقتصادية وفي تحقيق الوصول لإنجاز أهداف المبيعات، أو تعويض النقص في الطلب وتخطي الركود. فأخذت أسعار بعض السلع في بعض الوجهات السياحية التي تُفرض على السائح الخليجي أقرب إلى أضعاف مضاعفة من الأسعار المفروضة على المواطن العادي!

هنا وجدت أنه من الضروري أن أدرج بعض المعايير التي ينبغي توخيها قبل اتخاذ القرار للسياحة في تلكم الدول المتذبذبة نزولًا في اقتصادياتها:
١- مستوى الاستقرار والأمن عال.
تذكر أخي السائح: قد يكون هناك انفلات أمني واضرابات مهنية كثيرة في بعض مناطق تلكم الدول بسبب تدهور سعر العملة وانسحاق طبقات اجتماعية مع سعر الصرف الجديد. ويكون حينذاك السائح الأجنبي هدف سهل للفالتين من قبضة النظام لاختطافه ومقايضته لطلب فدية.

٢- علو مستوى المصداقية والشفافية في التعامل، وتدني مستوى الغش والخداع والتلاعب والتزوير.
تذكر أخي السائح: قد ينشأ مع اختلال صرف العملة بروز طبقة من المرتشين والغشاشين والمزورين والذين لم تعد لديهم أية. روادع تردعهم عن اقتراف الكذب والنصب والاختلاس لشفط محتويات جيوب السياح، والسائح بالنسبة لاولئك أفضل هدف لكونه عابر سبيل.

٣- دماثة ولطافة (وعدم شراسة) أبناء ذلك الشعب المضيف للسياح عند التعامل مع الأجانب وفيما بينهم.

تذكر أخي السائح: يُنسب عن لسان بعص علماء الاجتماع أنه كلما شاهدت اضطرابات اجتماعية متكررة ومشادات ومشاجرات عنيفة في الشارع بين مواطني أية دولة تخطط للدراسة أو السياحة إليها، فاعلم أن حجم التوترات والاحتقان والمشاكل والأزمات الاقتصادية والاجتماعية الداخلية التي يعاني منها قطاع عريض من الناس هنالك أعمق وأكبر، وقد
تنفجر يومًا ما على أشكال متعددة. حتمًا أنت كسائح أو كطالب أجنبي لا تريد أن تكون قريبًا من أي إرهاصات انفجار بركاني بشري عند زيارتك له، فإذا كانت المشادات بين مواطني تلك الدولة التي تود زيارتها عنيفة وشرسة، فلك أن تتخيل: كيف سيكون الحال بك كسائح إن كنت طرفًا في نزاع مع أحد أولئك!!
٤- وضوح مستوى الخدمات الشاملة في أسعار التذاكر

تذكر أخي السائح: قد تتحول كل الخدمات الجيدة والمتعارف عليها أنها مجانًا إلى مدخل لتجفيف جيبك في صورة بقشيش Tips أو رسوم أو تعرفة وإدراج بعض الخدمات إلى تصنيفات Vip أو 𝐬𝐭𝐚𝐧𝐝𝐚𝐫𝐝.

٥- وجود احترام السائح والتورع من مقدمي الخدمات عن الكذب عند التعامل معهم في أية جهة (خطوط/ مطار/ إدارات رسمية في تلكم الدول السياحية/…إلخ)

تذكر أخي السائح: اتهامك بما لم يصدر منك/ بما لم تعمله أمر وارد في بعض تلكم الدول السياحية والقصد من ذلك إجبارك على دفع إكرامية/ إتاوه/ هدية للموظف/ وفرض رسوم وزن /استصدار تذاكر أكثر. ويشمل ذلك السلوك بعض موظفي الخدمات الأرضية لبعض خطوط الطيران في صور مختلفة. وقد يتفاجأ بعض السياح أن بعض مرشدي السياحة يعملون بالعمولة وليسوا موظفين مثبتين ولذا تصدر منهم وعود معسولة لكي يبيعوا منتجات غير مطابقة للواقع تحت دعوى أنهم يريدون أن يستحصلوا أكل عيشهم دون التفكير بالوسيلة وطهارتها.

أخي القارئ:
كل شخص (أبخص) بقراراته في الحل والترحال، ولكن وددت أن أشارك أبناء وطني بعض الحقائق لتفادي فخاخ بعض الاعلانات التسويقية الكاذبة والمغالطات المعسول من بعض الجهات السياحية في موسم الصيف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى