أقلام

ماذا لو دوِّن تاريخنا في قواعد لغتنا؟

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

لا يزال الناس في حالة ترحال، مؤسسين تاريخًا معقدًا من اللغات والتقاليد الثقافية المنتشرة في جميع أنحاء العالم. قام فريق دولي بقيادة جامعة زيورخ مؤخرًا بتتبع أسر (عائلات) اللغات التي لها أصل مشتزك في الفترة التي ناهزت ال 10 آلاف عام وذلك بالجمع بين بيانات علوم الوراثيات genetics واللغويات والموسيقى باستخدام طرق رقمية مستجدة.

النتائج التي توصلوا إليها تعكس قواعد [اللغة] مشتركات ما قبل التاريخ لسكان هذه المناطق بشكل هو الأفضل، وبالتالي فهي تناظر الوراثيات أكثر من أي بعد ثقافي آخر.

منذ بداية وجودهم، انقسم بعض السكان بينما اجتمع البعض الآخر معًا، مما ترك بصمة عميقة في اللغات المحلية والتقاليد الثقافية. محاكاة هذا التاريخ المعقد يمثل تحديًا هائلاً. بناءً على أماكن منشئها، هناك أكثر من 7 آلاف لغة يُتحدث بها حاليًا في العالم.

هذا النطاق الشاسع [في اللغات المحكية] موجود أيضًا في الاختلافات الجينية.

وفقًا لتشارلز داروين، تتطور الجينات والثقافة بطرق مماثلة، تنتقل من جيل إلى آخر مع اختلافات طفيفة في كل نقلة من هذه النقلات. “حين لا يكون تطورهما متناظرًا، فإنها علامة على الاتصال [التلاقي] في تاريخ المجموعات السكانية، سواء أكانت التقاءات ودية، كالتجارة، أو غير ودية (عدائية)، كالغزوات”، كما يقول بالثازار بيكل Balthasar Bicke البرفسور في قسم علم اللغات المقارن في جامعة زيورخ.

شمال شرق آسيا كمفترق طرق بين آسيا وأمريكا الأصلية [المترجم: بين سكان آسيا وسكان أمريكا الأصليين]

فريق دولي بقيادة جامعة زيورخ UZH تعرف على أي البيانات تكشف عن أفضل تلازم (تساوق) بين التنوع الجيني والثقافي وذلك بالجمع بين البيانات من علوم الوراثيات واللغويات (اللسانيات) والموسيقى باستخدام أساليب رقمية مستجدة. اختار الفريق شمال شرق آسيا كمنطقة مثيرة للاهتمام بشكل خاص لهذه الدراسة. “شمال شرق آسيا هو مفترق طرق مركزي في عصور ما قبل التاريخ في آسيا وأمريكا الأصلية [المترجم: بين سكان آسيا وسكان أمريكا الأصليين] .

في الواقع ، في حين أن لدى سكانهما تماس جيني [المترجم: هكذا يبدو ترجمة مصطلح genetically contiguous من السياق اذ هناك اضطراب يعرف ب CGS ينطوي على نزع لبعض الجينات المتجاورة على كرموسوم] ، فإن المنطقة متنوعة ثقافيًا ولغويًا جدًا” ، كما تقول هيرومي ماتسوماي Hiromi Matsumae، باحثة ما بعد الدكتوراة سابقة في جامعة زيورخ وهي الآن برفسورة في جامعة توكاي اليابانية. قام فريقها في جامعة زيورخ بتحليل البيانات التي تشمل 11 اسرة لغوية كاللغة التونغوسية Tungusic ولغة شوكوتو-كامشتكان Chukuto-Kamchatkan [وهي لغة بحتة يتكلم بها شمال شرق سيبيريا من الصيادين الجامعين ] ولغة الأسكيمو – اليوتية Eskimo-Aleut ولغة اليوكاغير Yukagir [لغة يتحدث بها سكان اليوكاغير في حوض نهر كوليما في جمهورية سخا الروسية ويعتبر من الشرق الأقصى] ولغة آينو Ainu واللغة الكورية واللغة اليابانية. علاوة على ذلك ، حصلوا على بيانات جينية جديدة من المتحدثين بلغة نيبڤك Nivkh ، وهي لغة معزولة يتحدث بها سكان جزيرة سخالين في سيبيريا.

التشابهات والاختلافات في الجينات واللغة والثقافة

قارن الباحثون جينومات هؤلاء السكان بالبيانات الرقمية عن لغتهم (أسس قواعد اللغة والأصوات وقوائم الكلمات) وموسيقاها (البنية والنوع).

“تشير نتائجنا إلى أن قواعد اللغة تعكس تاريخ السكان بشكل أوثق من أي بيانات ثقافية أخرى. لقد وجدنا تساوقات هامة بين الوراثيات وقواعد اللغة ،” كما أوضح المؤلف الرئيس المشارك بيتر رانشر Peter Ranacher من جامعة زيورخ.

قوائم الكلمات على سبيل المثال تختلف عن بعضها البعض بطرقها الخاصة. وبما أن قوائم الكلمات هي البيانات الأساسية لإعادة بناء الأسر اللغوية، فإن عمليات محاكاتها هذه تظل بعيدة المنال في هذه المنطقة. وخلص الباحثون إلى أن التناظر بين قواعد االغة والوراثيات يعكس متاهة معقدة مكونة من السلالة النسبية الرأسية والتلاقي [الاتصال بين الناس] في عصور ما قبل التاريخ.

قواعد اللغة كمرآة للتطور الثقافي والجيني

“بتضافر الوراثيات والجغرافيا الفريد مع اللغويات الرقمية الحديثة وعلم الموسيقى، تمكنا من الاقتراب خطوة إلى فهم التاريخ الثقافي البشري”، كما يضيف بيكل. ستكون هناك حاجة إلى مزيد من التحليل لفهم الشبكة المعقدة للتطور الثقافي والجيني. لكن اكتشاف أهمية عامل قواعد اللغة هو خطوة أولى في الاتجاه الصحيح.

الدراسة نشرت في دورية ساينس أدڤانسيز Science Advances

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى